تخريجة غضب الأهالي “شي فاشل”!

2022-12-18

تخريجة غضب الأهالي “شي فاشل”!

مدة القراءة 3 د.

مع كلّ حادثة أو فاجعة تحت مسمّى “غضب الأهالي” في جنوب لبنان، أستذكرُ مسرحيّة المبدع زياد الرحباني: “شي فاشل” (مبدع في الفن، وفي السياسة أعوذ بالله من غضب الله).

في تلك المسرحية التي تسنّت لي مشاهدتها “لايف” عام 1983 على مسرح البيكاديللي (“الكيكابلي” بلغة أمّ زهير) يمرّ مشهد حواريّ بين “المخرج” نور (زياد) ومموّل المشروع المسرحيّ في المسرحية نفسها، يسأل فيه السيّد نزيه نور: “شو هيدا مقيّدلي غضب الأهالي 10 آلاف ليرة؟ شو هيدا غضب الأهالي؟” (بالمسرحية يعني).  فيردّ نور: “إيه. في عندك مشهد منشوف الأهالي بيكونوا فرحانين. بيحصل شي معيّن… وبيغضبوا!”.

في الثمانينيات كانت تكلفة غضب الأهالي 10 آلاف ليرة. أمّا اليوم، ومع ارتفاع سعر الصرف وانهيار الليرة، فإنّ المشهد الذي يُغضب “الأهالي” في جنوب لبنان بات قادراً على أن يُزهق الأرواح ويكلّف السلطة إسرافاً في المواقف وبذل الاستنكارات وصولاً إلى دعوات تشكيل لجان تحقيق دولية.

هؤلاء الأهالي أغضبهم مرور دورية من قوات “اليونيفيل”، عن طريق الخطأ، في حيّهم المؤدّي، على ما يبدو، إلى أهمّ مركز لتخصيب اليورانيوم بنسبة تفوق 96%، أو ربّما المؤدّي إلى مراكز “المقاومة” لتطوير صواريخ فرط صوتية قادرة على حمل “الرؤوس الحامية!”.

أيُّ غضبٍ هو ذلك الغضب القادر على القتل نتيجة المرور في طريق خاطىء يؤدّي إلى المطار؟

وللصدف أيضاً، فإنّ هؤلاء الأهالي تقاطع غضبهم مع لحظة حيازتهم رشّاشات وقنّاصات (سبحان ربّك بملكو)، وربّما حيازة أجهزة GPS دقيقة وهواتف ذكية مجهّزة بأحدث تطبيق Google Maps تستطيع تحديد الخروقات بالأمتار والسنتيمترات وفق أدقّ الإحداثيّات.

أيُّ غضبٍ هو ذلك الغضب القادر على القتل نتيجة المرور في طريق خاطىء يؤدّي إلى المطار (لو مطار بن غوريون مش هيك)؟ وما هو المبرّر العظيم لإطلاق النار؟

كان يكفي قطع الطريق وإرشاد السائق المسكين إلى “الصراط المستقيم”… وصلى الله وبارك! (أنا لمّا ضيّع بالطريق، أمّ زهير بتوطّي صوت الراديو وبترفع صوتها بـ”البربسة”).

إقرأ أيضاً: “الأهالي” في لبنان يُسقِطون الدولة؟

لكن يبدو أنّ هذا الغضب مفتعل ومدبَّر، وغضب يتطوّر مع مرور الوقت. وهنا تقتضي الدقّة وعدم تبخيس الأشياء قيمتها الاعتراف بأنّ الأهالي تطوّروا. اشتغلوا على أنفسهم سنوات وسنوات، ومرّوا من مرحلة “الغضب” بـ10 آلاف ليرة إلى مرحلة “سرقة الكمبيوترات المحمولة” من لجانٍ تحقيقٍ دولية، حتّى إنّهم توصّلوا إلى رسم الخرائط ومقارنة الإحداثيّات… إيه والله “شي فاشل”!

 

*هذا المقال من نسج خيال الكاتب

لمتابعة الكاتب على تويتر: abo_zouheir@

إقرأ أيضاً

العراق: “السلطان” التركي.. بمواجهة “الفقيه” الشيعي؟

قد لا يكون من السهل تجاوز الكلام الصادر عن خميس الخنجر، الذي يُعتبر أحد أبرز قيادات المكوّن السُنّي. وهو زعيم “تحالف عزم”. وصاحب “المشروع العربي”….

نتنياهو: واشنطن تعتبره “ابن زانية”.. منذ 1994

في عام 1994 كان جورج بوش الأب رئيساً للولايات المتحدة. وكان جيمس بيكر وزيراً للخارجية. وفي إسرائيل كان بنيامين نتنياهو نائباً لوزير الخارجية. في ذلك…

“الحركة” خسرت… وإسرائيل لم تربح

خسرت “حماس” حرب غزّة، لكنّ إسرائيل لم تربح هذه الحرب ولا يمكن أن تربحها. خسرت “حماس” لأنّها تسبّبت في تدمير قطاع غزّة على رؤوس الغزّيّين،…

التصعيد ضدّ أذرع إيران… تقابله مرونة لإنقاذ رفح؟

تسابق الضغوط من أجل إحياء مفاوضات الهدنة في غزة قرار الحكومة الإسرائيلية اقتحام رفح. يترافق ذلك مع رصد جدّية الليونة التي أبدتها قيادة “حماس” الداخل…