“الثلاثاء الكبير”: مواجهة ترامب – بايدن ليست نهائيّة

2024-03-10

“الثلاثاء الكبير”: مواجهة ترامب – بايدن ليست نهائيّة

مدة القراءة 6 د.

لم يخالف “الثلاثاء الكبير” في الولايات المتّحدة التوقّعات. حقّق دونالد ترامب فوزاً كبيراً في الولايات الـ 15 التي جرت فيها الانتخابات التمهيديّة. انسحبت نيكي هايلي من السباق على الرغم من فوزها في ولاية فيرمونت. فهي أعلنت بأنّها مستمرّة حتى يقول “الثلاثاء الكبير” كلمته. وقد قالها. وأصبح مؤكّداً أنّ ترامب سيحصل على “الرقم السحريّ” (1,215 مندوباً) الذي يخوّله الحصول على بطاقة الترشّح عن الحزب الجمهوريّ في الانتخابات الرئاسيّة المقبلة. وسيتمّ الإعلان رسمياً عن ذلك خلال المؤتمر الحزبيّ في تموز المقبل.

 

في المعسكر الديمقراطيّ أيضاً حقّق الرئيس جو بايدن فوزاً كان متوقّعاً. لم تؤثّر استطلاعات الرأي التي أكّدت تراجع شعبيّته بسبب تراجع حالته الذهنيّة على التصويت. فقبل أيام أجرت صحيفة “نيويورك تايمز”. بالتعاون مع جامعة “سيينا”. استطلاعاً للرأي أظهر أنّ 63% من الأميركيين يشكّكون في قدرة بايدن على قيادة البلاد لأربع سنوات مقبلة. بطبيعة الحال، فوز بايدن في “الثلاثاء الكبير” يعود لعدم وجود مرشّح ديمقراطي جدّي منافس له حتى الساعة!

ترامب الجبّار

تزامن “الثلاثاء الكبير” مع قرار المحكمة العليا إلغاء قرار محكمة كولورادو بعدم أهليّة الرئيس السابق دونالد ترامب للترشّح للانتخابات الرئاسيّة الأميركيّة. على خلفية تورّطه في الهجوم على مبنى الكابيتول في كانون الثاني 2020. وذلك لأنّ الترشّح للرئاسة الأميركيّة هو على المستوى الفدرالي. وبالتالي فهو ليس من اختصاص محاكم الولايات. فأزال القرار عقبة قانونيّة أساسيّة من أمام ترامب في مسيرة ترشّحه.

لقد تخطّى الرئيس السابق الكثير من العقبات القانونيّة التي وُضعت أمامه لثنيه عن الترشّح للرئاسة الأميركيّة. وقد أصبح معروفاً أنّ سُبحة الدعاوى والفضائح على اختلافها كرّت منذ أن ظهرت نيّة الرجل الترشّح مرّة ثانية. بدأت بفضيحة قضائه ليلة مع ممثّلة أفلام إباحية، وانتهت بالتحريض على اقتحام مبنى الكونغرس الأميركيّ والتهرّب الضريبيّ. وقد صدر حكم بتغريمه مبلغ 355 مليون دولار لإدانته في عمليات احتيالية.

لم يخالف “الثلاثاء الكبير” في الولايات المتّحدة التوقّعات. حقّق دونالد ترامب فوزاً كبيراً في الولايات الـ 15

يقول ناشط سياسيّ جمهوريّ إنّ ترامب استطاع تحويل مجموع الفضائح والاتّهامات والدعاوى ضدّه لمصلحته. فهو “جبّار”. فقد ازداد بسببها تعاطف الأميركيين معه. خاصّة وأنّ المجتمع الأميركي، ودائماً بحسب الناشط السياسيّ، يُدرك أنّ الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأميركيّة هي من حرّكت وسوّقت لكلّ تلك الفضائح والدعاوى. وأبرزها أجهزة الاستخبارات.

صراع ترامب – الاستخبارات

ولاية دونالد ترامب الأولى لم تكن عاديّة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركيّة. والسبب ليس وصول الرجل إلى البيت الأبيض في 2016 من خارج النادي السياسيّ التقليديّ. ولا بسبب تصرّفاته الغريبة أو الخارجة عن المألوف. إنّما بسبب سياساته التي واجه بها سياسات “الدولة العميقة” في الولايات المتحدة الأميركيّة. وقد خرج العديد من تلك الصراعات إلى العلن. وأبرزها مع جهازَي الـ”سي.آي.إي” والـ “إف.بي.آي”. فقد أيقن ترامب تحكّم هذين الجهازين بالحياة السياسيّة في البلاد. وأراد “تنظيفها” بحسب تعبير الناشط السياسيّ. وقد برز ذلك أقلّه من خلال قضايا ثلاث:

1- اتّهام ترامب من قبل منافسته في انتخابات 2016 بالتدخّل الروسيّ من أجله، وتعتيم أجهزة الاستخبارات عن حقيقة أنّ هيلاري كلينتون هي من أطلقت تلك الشائعة ولفّقت ذاك الاتّهام. ولم تظهر الحقيقة إلا بعد ثلاث سنوات.

2- التعتيم على فضيحة بيانات الكمبيوتر المحمول لهانتر بايدن نجل الرئيس الأميركي جو بايدن. وتأخُّر وسائل إعلام أميركيّة في نشر تلك البيانات ثمّ التشكيك فيها. وتأكيد أكثر من 50 مسؤولاً سابقاً في أجهزة الاستخبارات وقوف أجهزة روسيّة خلف تلك البيانات.

3- وقوف أجهزة الاستخبارات خلف عدم طلب حاكم ولاية واشنطن تدخّل الشرطة السريع لمنع مناصري ترامب من دخول مبنى الكونغرس إثر صدور نتائج انتخابات 2020. ووقوفها خلف تأخّر رئيسة الكونغرس السابقة نانسي بيلوسي في طلب المساعدة لحماية مبنى الكابيتول. وكلّ ذلك من أجل توريط ترامب، بحسب مصادر جمهوريّة.

أجرت صحيفة “نيويورك تايمز” استطلاعاً للرأي أظهر أنّ 63% من الأميركيين يشكّكون في قدرة بايدن على قيادة البلاد

ترامب – بايدن، ولكن؟!

لقد أظهرت الانتخابات الأميركيّة حتى يوم “الثلاثاء الكبير”، قوّة ترامب في المعسكر الجمهوريّ. كما أظهرت كلّ استطلاعات الرأي تقدّم ترامب على منافسه الديمقراطيّ الرئيس الحالي جو بايدن. ومن المتوقّع زيادة الفارق بين الرجلين لمصلحة ترامب في الأشهر المقبلة بسبب تراجع حالة بايدن الذهنيّة وخروجها إلى العلن.

ولكن لماذا لم يختَر الديمقراطيون مرشّحاً آخر لمواجهة ترامب؟ الأسباب ثلاثة:

1- وجود تقليد أميركيّ بعدم رفض أيّ من الحزبين، الجمهوريّ والديمقراطيّ، رغبة رئيس في الترشّح لولاية ثانية. وقد قرّر بايدن منذ أشهر خوض السباق الرئاسي من أجل ولاية ثانية.

2- تفضيل الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأميركيّة رجلاً ضعيفاً مثل بايدن للتحكّم في إدارة البلاد.

3- تأخّر ظهور حالة بايدن الذهنيّة، وبالتالي تأخّر الديمقراطيين في تحضير مرشّحين آخرين للسباق الرئاسيّ. إذ كان من المفترض أن يتقدّم هؤلاء بالترشّح للرئاسة منذ أكثر من سنة.

هل هذا يعني أنّ المواجهة ستكون حتماً بين ترامب وبايدن في تشرين الثاني المقبل؟

ليس بالضرورة، يؤكّد الناشط السياسيّ الجمهوريّ. علماً أنّ الجمهوريين يفضّلون استمرار بايدن، وهو ما يزيد من حظوظ ترامب بالفوز.

أظهرت الانتخابات الأميركيّة حتى يوم “الثلاثاء الكبير”، قوّة ترامب في المعسكر الجمهوريّ

تمّ التدوال لفترة باسم ميشال أوباما، زوجة الرئيس الأسبق باراك أوباما، لتكون مرشّحة الحزب. إلا أنّها رفضت الأمر. فهي لم تعمل في السياسة. لم تكن سابقاً سيناتوراً ولا حاكمة ولاية.

يبقى احتمال أن يقوم الحزب الديمقراطي في شهر آب المقبل والمخصّص لإعلان مرشّح الحزب باستبدال بايدن بمرشّح آخر. وتبدو حظوظ حاكم ولاية كاليفورنيا غيفين كريستوفر نيوسوم كبيرة ليكون المرشّح الديمقراطيّ.

إضافة إلى الحالة الذهنيّة لبايدن، وهو ما يزيد من احتمال استبداله بمرشّح آخر في اللحظة الأخيرة، هناك انزعاج العديد من الديمقراطيين بسبب إخفاقه في إدارة حرب غزّة. فهو انحاز بشكل كبير لإسرائيل في بداية الحرب. ويبدو عاجزاً اليوم عن لجم حكومة الحرب الإسرائيليّة عن الاستمرار في الحرب، وإقناعها بقبول الاتفاق لوقف إطلاق النار وتحرير الرهائن، وإدخال المساعدات إلى قطاع غزّة.

كيف يمكن ثني بايدن وإجباره على التخلّي عن ترشّحه؟

إقرأ أيضاً: خطاب جو بايدن: حالة غزّة تقتحم حالة الاتّحاد

الأمر بسيط وسهل بحسب الناشط السياسيّ. يكفي الإكثار من إطلالاته الإعلاميّة المباشرة ليظهر أكثر فأكثر عجزه الذهني عن خوض السباق الرئاسي، ثمّ إرغامه على التراجع.

هل يحصل ذلك؟ علينا الانتظار.

 

لمتابعة الكاتب على X:

@Fadi_ahmar

إقرأ أيضاً

العراق: “السلطان” التركي.. بمواجهة “الفقيه” الشيعي؟

قد لا يكون من السهل تجاوز الكلام الصادر عن خميس الخنجر، الذي يُعتبر أحد أبرز قيادات المكوّن السُنّي. وهو زعيم “تحالف عزم”. وصاحب “المشروع العربي”….

نتنياهو: واشنطن تعتبره “ابن زانية”.. منذ 1994

في عام 1994 كان جورج بوش الأب رئيساً للولايات المتحدة. وكان جيمس بيكر وزيراً للخارجية. وفي إسرائيل كان بنيامين نتنياهو نائباً لوزير الخارجية. في ذلك…

“الحركة” خسرت… وإسرائيل لم تربح

خسرت “حماس” حرب غزّة، لكنّ إسرائيل لم تربح هذه الحرب ولا يمكن أن تربحها. خسرت “حماس” لأنّها تسبّبت في تدمير قطاع غزّة على رؤوس الغزّيّين،…

التصعيد ضدّ أذرع إيران… تقابله مرونة لإنقاذ رفح؟

تسابق الضغوط من أجل إحياء مفاوضات الهدنة في غزة قرار الحكومة الإسرائيلية اقتحام رفح. يترافق ذلك مع رصد جدّية الليونة التي أبدتها قيادة “حماس” الداخل…