ترامب و2020: إنّه عام من الجحيم

2020-10-16

ترامب و2020: إنّه عام من الجحيم

مدة القراءة 6 د.


تصدح كلمات أغنية The Avenue Beat بشكل صحيح: “لقد انتهيت نوعاً ما. هل يمكننا الوصول إلى عام 2021؟”

سوزان رايس- مستشارة سابقة للأمن القومي الأميركي

“نيويورك تايمز”

 

فيما كنت أنهي أطباق العشاء خلال إحدى أمسيات الأسبوع الماضي، استوقفتني كلمات أغنية في قائمة تشغيل ابنتي المراهقة. في النسخة المعدّلة بالراديو من “2020”، تقدّم مجموعة Avenue Beat جوقة غنائية آسرة، يليها: “لقد انتهيت نوعاً ما. هل يمكننا الوصول إلى عام 2021؟”.

التفتُ إلى ابنتي، وقلت ممازحة: “ألا يجب أن تكون هذه الكلمات نشيداً لهذا العام؟”

فأجابت: “بالنسبة للكثيرين في جيلي، إنها بالفعل كذلك”.

إننا فقط في شهر تشرين الأول، إلا أنّ عام 2020 يبدو أنّه أطول الأعوام في الذاكرة وأكثرها وحشية. ثمة الآن ما يقرب من 215 ألفاً من الأرواح التي فُقدت في الولايات المتحدة الأميركية، فيما فقد الأطفال شهورًا من التعليم، وعشرات الملايين من الناس يواجهون دمارًا اقتصاديًا. لقد أدى فشل الرئيس ترامب المتعمّد في مواجهة Covid-19 إلى إخضاع بلادنا لكلّ هذا التوحّش.

إقرأ أيضاً: ترامب رافضاً “الهزيمة”: يطرده الحرس.. أو عنف مميت

وإذا لم يبدُ ذلك كافيًا، فإن السيد ترامب يقوم باستمرار بإذكاء الانقسام والخوف والكراهية في هذه اللحظة من تصفية الحسابات العنصرية التاريخية، بينما يتلاعب بسيادة القانون ومعاييرنا ومؤسساتنا الديمقراطية. كلّ يوم تقريبًا، يبدو أنّ شيئًا ما أكثر جنونًا يحدث مما كان عليه في اليوم السابق، ما يزيد من إجهاد قدرتنا الجماعية على تصديق ما يحدث.

أتخيّل مستقبلاً بقيادة رئاسية كفوءة ورحيمة، تثق بالعلم وتتبنّى سياسات مصمّمة لحماية الشعب الأميركي. مستقبل نطوي فيه حقًا منحنى Covid-19، مستقبل فيه لقاح آمن وفعّال ومجاني وموزّع بشكل عادل وعقلاني

ومع ذلك، فإننا على الأرجح سنواجه ما هو أسوأ في الأشهر القليلة المقبلة. يمكن أن يتصاعد الوباء في الشتاء. يستعدّ مجلس الشيوخ للتعامل مع مرشّح متطرّف وغير شرعي للمحكمة العليا. تتصاعد التوترات السياسية، فقد حشد السيد ترامب جماعات البيض المتعصّبة، ويهدّد بإحباط الانتقال السلمي للسلطة إذا خسر إعادة انتخابه.

إنّ الإحساس بالإرهاق والإحباط والترقّب الذي يعانيه الكثير منا، يتمّ التقاطه بشكل مناسب في أغنية Avenue Beat. لكن هذا ما يعطيني الأمل بالوصول إلى عام 2021. ويبدو أنّ احتمالية حدوث تغيير شامل، رغم أنّها ليست مؤكدة في أيّ حال من الأحوال، تلوح في الأفق.

لتهدئة الألم وتعزيز سلامة عقلي، أسمح لنفسي أحيانًا بأخذ أنفاس عميقة وأتخيّل فقط.

أتخيّل مستقبلاً بقيادة رئاسية كفوءة ورحيمة، تثق بالعلم وتتبنّى سياسات مصمّمة لحماية الشعب الأميركي. مستقبل نطوي فيه حقًا منحنى Covid-19، مستقبل فيه لقاح آمن وفعّال ومجاني وموزّع بشكل عادل وعقلاني. أستحضر وقتًا يسارع فيه الكونغرس ببناء الإغاثة الاقتصادية التي ستخفّف من معاناة الأميركيين العاديين، وتدعم مدارسنا الرسمية وغيرها من الخدمات الحكومية الأساسية على مستوى الولايات والحكومة المحلية، وتنقذ الشركات الصغيرة.

وفيما أتجرّأ على أحلام كبيرة حقًا، أتخيّل رئيسًا يصرّ على كرامة وقيمة كلّ إنسان، ويؤمن بشدة أنّ ما يوحّدنا كأميركيين أقوى بكثير مما يفرّقنا. رئيس ملتزم بالمساواة في العدالة وتضميد الجراح؛ إلى إصلاحات طموحة لمكافحة العنصرية المنهجية والحدّ من عدم المساواة؛ وسياسات الهجرة الإنسانية؛ والاستثمارات التحوّلية في التعليم والإسكان والرعاية الصحية والبيئة والوظائف والحركة الاقتصادية لمن هم في أمسّ الحاجة إليها.

أتخيّل الحلفاء الذين يسمحون لأنفسهم بالوثوق بنا واحترامنا مرة أخرى. خصوم يعرفون أنهم لا يستطيعون التأثير في رئيس أميركي من خلال الإطراء أو الصفقات المربحة أو المساعدة الانتخابية

أثناء الزفير، أفكّر في النوم بهدوء مرة أخرى في الليل، مع علمي بأن لدينا رئيسًا متمرسًا ومتعاطفًا ورصينًا وثابتًا – شخص يمتنع عن التغريد بهجمات شخصية على خصومه. رئيس يحترم القواعد والأعراف، مدركًا أنّ القانون ينطبق عليه بالتساوي. أتوق إلى قائد يهدف إلى خدمة جميع الأميركيين، والذي لا يبتزّ دافعي الضرائب بما يتناسب مع جيبه الخاص أو يفسد الحكومة الفيدرالية للحفاظ على سلطته.

أخيرًا، حرصا مني على عدم السماح لمخيّلتي بالاندفاع إلى حدّ كبير، أنغمس في تخيّلات الأمن القومي. أتوق لقائد أعلى يعرف شخصيًا الخوف المثير للاشمئزاز مما يمكن أن يصيب شخصًا عزيزًا يُستخدم في طريق الأذى، وهو الشخص الذي يعامل قدامى المحاربين لدينا كأبطال بدلاً من تشويه سمعتهم على أنهم “مغفلون” و”فاشلون”.

أتخيّل الحلفاء الذين يسمحون لأنفسهم بالوثوق بنا واحترامنا مرة أخرى. خصوم يعرفون أنهم لا يستطيعون التأثير في رئيس أميركي من خلال الإطراء أو الصفقات المربحة أو المساعدة الانتخابية. بيت أبيض يدعم مصالحنا الوطنية ويعزّز باستمرار الديمقراطية وحقوق الإنسان – من شينجيانغ إلى المملكة العربية السعودية إلى فنزويلا. قد تعود الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس بشأن تغيّر المناخ ومنظمة الصحة العالمية، في الوقت الذي نسعى فيه إلى تنشيط المؤسسات الدولية، لأننا ندرك أنّ العديد من التحدّيات العالمية الأكثر إلحاحًا لا يمكن معالجتها إلا من خلال العمل الجماعي الفعّال.

ثم أتفقد نفسي. قد يكون من المريح أن أختفي لفترة وجيزة في أحلامي، لقد صُدمت حتمًا بالحقائق التي لا مفرّ منها لهذا العام من الجحيم. ومع ذلك، أتذكّر أنّ ما قد يبدو وكأنه آمال بعيدة المنال ليس أكثر من التوقّعات المعقولة لجمهور يستحقها.

في مكتبه البيضاوي، كان لدى الرئيس باراك أوباما سجادة كبيرة نقش على أطرافها: “قوس عالم الأخلاق طويل، لكنه يميل الى العدالة”. هذه الكلمات، التي كثيرًا ما ردّدها القس الدكتور مارتن لوثر كينغ جونيور، هي بمثابة تذكير مناسب بأن التاريخ ليس مستقيمًا. في حين أنّ التقدّم قد يسود في النهاية، إلا أنه يأتي على شكل نوبات ويبدأ بنكسات شديدة. في الواقع، قد لا تصبح أحلامنا حقيقة.

ومع ذلك، من واقع خبرتي، فإن العمل مهم، لن يقوم أحد بهذا التقويس الصعب إلا أنت وأنا. التقدّم لا يحدث تلقائيا. معًا، علينا أن نقوده.

بالتأكيد، يمكننا أن نجعل 2021 أفضل بكثير – إذا صوّتنا جميعًا.

على ماذا ستصوّتون؟

إقرأ أيضاً

النازحون السوريون: 75 ألف موقوف… و20 ألف مسلّح؟

أعادت الأحداث الأمنيّة الأخيرة المتكرّرة على أيدي نازحين سوريّين، قضية النزوح السوري وتداعياته الأمنيّة إلى الواجهة من جديد. وبين عنصرية وتخوّف من واقع ضاغط اجتماعياً…

“الحشّاشون الجدد”: من الحسن الصبّاح… إلى غزّة

يعتبر المسلسل المصري “الحشّاشين”، الذي يتحدّث عن طائفة “الإسماعيلية النزارية” وزعيمها الأسطوري الحسن الصباح، أبرز الأعمال الدرامية العربية في هذا الموسم الرمضاني، حيث تصدّر نسب…

تحقيق المرفأ: انفراجة قريبة؟!

في ظلّ الخواء السياسي الكامل الذي تُرجِمت آخر “إنجازاته” بالتمديد لبلديّات “فارطة ومفلسة”، وارتفاع منسوب حرب الأعصاب رئاسياً وعسكرياً ربطاً بالوضع “الحربي” على الحدود اللبنانية-الإسرائيلية،…

ورقة فرنسا: أميركا تصرّ على “الانسحاب” وليس “إعادة التموضع”

ستقدّم فرنسا ورقة منقّحة عن الورقة التي قدّمتها “بشكل غير رسمي” خلال زيارة وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه مطلع شباط الماضي إلى بيروت. تغيّرت الورقة…