مؤامرة وقنابل جهنّم: تمسّكوا جيّداً.. فالارتطامُ آتٍ

2020-12-15

مؤامرة وقنابل جهنّم: تمسّكوا جيّداً.. فالارتطامُ آتٍ

مدة القراءة 4 د.


الرئيس نبيه برّي قال إنّنا دخلنا في النفق. رئيس الجمهورية وعد اللبنانيين بأنّ المحطة التالية هي “جهنّم”. وزير خارجية فرنسا قال إنّ لبنان سفينة تايتانيك تغرق، ولا يوجد حتّى فرقة موسيقية تخفّف من وطأة لحظات الرعب، قبل الغرق التام في المحيط البارد.

ثم خرجت جريدة “الأخبار” لتحدّثنا عن “مؤامرة بريطانية” ساهمت في إشعال ثورة 17 تشرين. بريطانية بدلاً من المؤامرة الأميركية، التي صرع الممانعون رؤوسنا بها طوال ثلاثين عاماً، ويبدو أنّها ما عادت مغرية.

ثم كتب الزميل جوني منيّر في “الجمهورية” خبراً يبدو أنّ جهازاً أمنياً عسكرياً سرّبه، عن “وحدة كوماندوس إسرائيلية تسلّلت من شاطىء الجية (جنوب بيروت) لتنفيذ عمليات أمنية”. ثم كتب الخبر نفسه الزميل منير الربيع في “المدن”، في ما يبدو أنّه رغبة جديّة بتوسيع الحديث عن الخبر، والتحضير الإعلامي لأحداث قد تكون مفاجئة وقاسية.

رئيس الجمهورية وعد اللبنانيين بأنّ المحطة التالية هي “جهنّم”. وزير خارجية فرنسا قال إنّ لبنان سفينة تايتانيك تغرق، ولا يوجد حتّى فرقة موسيقية تخفّف من وطأة لحظات الرعب، قبل الغرق التام في المحيط البارد

هي المؤامرة إذاً التي دفعت اللبنانيين إلى الشوارع، وليس الفقر ولا إفلاس المصارف وضياع جنى أعمارنا، ولا هو إفلاس الدولة. جاء البريطانيون، أحفاد وعد بلفور، وحرّضوا اللبنانيين على التظاهر. ثم جاء الإسرائيليون، وتسلّلوا من شاطىء الجيّة لتنفيذ عمليات أمنية. وقبلهما جاءت “داعش” ووصلت إلى كفتون في الكورة، لتنفّذ جريمة قتل ثلاثة من أبناء البلدة.

كذلك أعلن جهاز الأمن العام وجهاز أمن الدولة، في المجلس الأعلى للدفاع بحضور رئيس الجمهورية، أنّ هناك احتمالاً لتنفيذ اغتيالات في لبنان. ونقل الزميل قاسم قصير، القريب من حزب الله، في مقال نشره “أساس” قبل أيام، عن “مصادر إيرانية”، أنّ هناك احتمالاً جدّياً لتنفيذ اغتيالات ضدّ قادة في حزب الله وضدّ خصومهم “لإثارة الفتنة”. هكذا على ما تفعل إسرائيل دوماً، بأن تقتل خصوم حزب الله لتتّهم حزب الله. فتخلو الساحة من معارضي الحزب ومشروعه. يا لها من عدوّ مُحِبّ!

في هذه الأثناء، وحين لا يسرّب جبران باسيل أنّه مُستهدف ولا يغادر منزله في اللقلوق، وأنّ اغتيالاً يتربّص به، يسرّب حزب الله في جريدة “الجريدة” الكويتية أنّه أحبط محاولةً لاغتيال الأمين العام حسن نصر الله. وحين لا يكون هناك تسريباتٍ من هذا النوع، يملأ “القاتل” الفراغ بالقنابل الصوتية المناسبة: قنابل مجهولة في مجرى نهر أبو علي في طرابلس، ثم ثلاثة قنابل في  صور، وبعدها بساعات قنبلة في سنّ الفيل. وقبلها وبعدها اشتباكات في بعلبك، واشتباكات في عكّار، وإطلاق نار في برج البراجنة…

نقل الزميل قاسم قصير، القريب من حزب الله، في مقال نشره “أساس” قبل أيام، عن “مصادر إيرانية”، أنّ هناك احتمالاً جدّياً لتنفيذ اغتيالات ضدّ قادة في حزب الله

الأهمّ أنّ هناك مؤامرةً بريطانية، وكوماندوس إسرائيلي، وتحرّكاً لخلايا “داعش” الإرهابية التي اختفت من الكوكب كلّه، إلا من منطقة كفتون في الكورة المسيحية شمال لبنان. ويأتي رئيس مجلس النواب ليبشّرنا بدخول “النفق”، وقبله رئيس الجمهورية بشّرنا بـ”جهنّم”.

إقرأ أيضاً: السلطة تستولي على الشارع وتفتّت معركة الفساد مذهبياً

لنتذكّر أنّ الحزب الأمني يمارس السياسة طالما أنّه قادر على الربح. حين تقترب الخسارة من التحقّق، العقل الأمني لا يناقش. يردّ بالأمن. هكذا فعل بشّار الأسد مثلاً. زين العابدين بن علي غادر تونس. كذلك فعل حسني مبارك، ترك السلطة. الأسد قتل شعبه. وأشباه الأسد وحلفاؤه لا يستسلمون. يهدمون الهيكل على من فيه.

والصورة باتت واضحة الآن:

نحن في نفق، نهايته في جهنّم، ومن حولنا القنابل الصوتية ودخان الإرهاب، والسفينة تغرق، والإفلاس يحاصرنا، ولا من ينجدنا، ونحن نتقاتل على ظهر السفينة، حول من سيمسك بالدفّة، في طريقنا إلى قعر المحيط.

تمسّكوا جيّداً. فالارتطامُ سيكون قاسياً.

إقرأ أيضاً

أميركا “بايدن” ليست أميركا “أيزنهاور”

لماذا جو بايدن ليس قويّاً ولا حاسماً؟ ولماذا بايدن في غزة ليس الجنرال أيزنهاور مع إسرائيل في حرب السويس؟     منصب الرئيس الأميركي هو…

1958، 1967، 2024

يعيش لبنان على خطّ زلزال يشبه الزلزال الذي ضربه بين عامَي 1958 و1975، وهدم الدولة بكامل أركانها وشرّع الكيان على خطر الاندثار. فما يمرّ به…

“لُغة” معراب: إسرائيل “مظلومة”

“سقطة” كبيرة وقعت فيها معراب في بيانها الختامي يوم السبت. قدّمت لغةً لا تصلح لتكون جامعة. بل لغة تقدّم إسرائيل على أنّها “مظلومة”. وتجهّل “الفاعل”…

العراق: “السلطان” التركي.. بمواجهة “الفقيه” الشيعي؟

قد لا يكون من السهل تجاوز الكلام الصادر عن خميس الخنجر، الذي يُعتبر أحد أبرز قيادات المكوّن السُنّي. وهو زعيم “تحالف عزم”. وصاحب “المشروع العربي”….