لبنانيون يتشاركون السيارات: وصّلني عطريقك

2021-11-15

لبنانيون يتشاركون السيارات: وصّلني عطريقك

مدة القراءة 4 د.

بعدما عاش اللبنانيون 30 عاماً، منذ انتهاء الحرب الأهلية، في “فقاعة” تثبيت سعر صرف الدولار، والاستهلاك المجنون، من ودائع اللبنانيين وغير اللبنانيين في مصارف لبنان، ها هم يعودون اليوم إلى بعض الصواب، ويتصرّفون بما تتيحه لهم موارد بلادهم الفقيرة والمفلسة.

وبعدما كان شراء السيارات لا يلزمه أكثر من قرض مصرفي، وأسعار المحروقات في متناول الجميع، كشف انهيار سعر صرف الليرة ورفع الدعم عن المحروقات أنّ اللبنانيين ليسوا مؤهّلين ولا ينتجون ما يكفي للتنقّل بالسيارات التي اشتروها من “الودائع” بشكل أو بآخر.

لذا، ركن مئات الآلاف سياراتهم، والمتجوّل في شوارع بيروت سيلاحظ أنّ الازدحامات المرورية التي كان يعاني منها اللبنانيون باتت ذكرى من الماضي. والسبب أنّ السيارات ما عادت قادرة على “تنفّس” البنزين. وكلفة “السرفيس” باتت مرتفعة، ولا تقلّ عن 20 ألف ليرة داخل بيروت، وتصل إلى مئات الآلاف لتوصيلة خارج بيروت. 

السيارات ما عادت قادرة على “تنفّس” البنزين. وكلفة “السرفيس” باتت مرتفعة، ولا تقلّ عن 20 ألف ليرة داخل بيروت، وتصل إلى مئات الآلاف لتوصيلة خارج بيروت

ومن اجل مواجهة هذه المأساة، لجأ لبنانيون إلى الدرّاجات الناريّة، التي تحوّلت إلى “تاكسي”، و”التوك التوك” الذي تعرّفنا إليه في الأفلام الصرية والهندية، وبات “تاكسي” أيضاً. والجديد مبادرة جديدة في بيروت بعنوان “وصِّلني معك” (Lebanon carpooling) بدأت عن طريق مجموعة على “فيسبوك”، وتقترب من أن تصير مؤسسة جديّة.

أطلقت المبادرة مريم شحود، التي تشرح لـ”أساس” معنى carpooling، قائلةً: “الكلمة تعني تشارك عدّة أشخاص سيارةً واحدةً وهم يقصدون المكان نفسه وفي الوقت نفسه، على أن يتقاسموا التكلفة الناتجة عن استهلاك البنزين. لكنّ المفارقة في حالتنا أنّ التشارك مجّانيّ، فكما يقول المثل الشعبي “الناس لبعضها”.

 

كيف نشأت الفكرة؟

تشرح مريم أنّ “أزمة البنزين وطوابير الذلّ شكّلت نقطة تحوّل في تنفيذ الفكرة، وذلك للتقليل من معاناة المواطن اليوميّة التي يعيشها بعدما أصبح الناس غير قادرين على الوصول إلى أماكن عملهم مع رفع الدعم عن المحروقات، فبات العامل يدفع أكثر من نصف راتبه ثمناً لبنزين سيارته أو كلفة انتقاله في سيارات التاكسي، وأصبح لدى الأهالي هاجس نقل أولادهم إلى مدارسهم مع بداية العام الدراسي”.

وتعدّد المصاعب التي اعترضت تنفيذ الفكرة وأبرزها:

1- “الخوف: كلّ عضو جديد داخل المجموعة يبدأ التجربة خائفاً، لكن سرعان ما يتلاشى الخوف مع مرور الوقت، بسبب التنظيم والقوانين التي وضعتها (أرقام السائقين ومعلومات عنه).

2- والنقص في فريق العمل: خلال شهرين ونصف الشهر من انطلاقة المبادرة، تعاونت مريم مع “أدمن” (مشرفة أونلاين)، تُدعى دعاء كعكي، في التنسيق والمراقبة، ولم نستطع إيجاد فريق عمل يعاوننا”.

 في البداية كان التفاعل خجولاً مع مجموعة على “الفيسبوك” تحمل اسم “وصّلني معك”، ومع مرور الوقت بدأت المبادرة تلقى رواجاً وتفاعلاً، وشرع الناس من تلقاء أنفسهم في تقديم العروض. خلال شهر واحد وصل عدد الأعضاء في المجموعة إلى 2000 عضو. واليوم بعد مرور ما يقارب 3 أشهر على انطلاق المبادرة تجاوز العدد 4000. وقد أُنشِئت 4 مجموعات واتساب مقسّمة على المناطق لتسهيل المواصلات:

1- بيروت – عرمون – بشامون – الشويفات.

2- المتن.

3- الشمال.

4- الجنوب.

وبدأت الطلبات تتزايد في مناطق أخرى كالبقاع والشوف.

 

شروط العمل:

الاتفاق، الذي يتمّ حصراً بين الأشخاص الأعضاء في المجموعة، يجب أن يتمّ في العلن، إمّا عبر الفيسبوك أو الواتساب، ويجب إرسال صورة عن الهويّة وصورة عن رخصة القيادة عند الاتّفاق، وتُرسَل هذه الأوراق على “الخاصّ”، وتتمّ متابعة الطلبات إذا تمّت بنجاح أو واجهتها عراقيل.

إقرأ أيضاً: البنزين يشتعل: نصف اللبنانيين في الإقامة الجبرية؟

برأي مريم أنّ “Lebanon carpooling ألغى الطائفية وجمع أشخاصاً من كلّ الطوائف، فلا أحد يسأل إلا عن أخيه الإنسان”.

في الخلاصة، هي واحدة من “وسائل الدفاع عن النفس”، أمام الحصار الذي فرضه سعر البنزين على مئات آلاف اللبنانيين، ممن باتوا لا يتحرّكون إلا للضرورة القصوى، ومن أجل الوصول إلى مراكز عملهم. لكنّه بداية “تصحيح” في عادات اللبنانيين، حيث قد تجد في منزل واحد بين 3 و5 سيارات.

 

*رابط مجموعة “الفيسبوك: اضغط هنا

[PHOTO]

إقرأ أيضاً

الرّياض لواشنطن: Take it or leave it

يصلُ وزير الخارجيّة الأميركيّ أنتوني بلينكن إلى العاصمة السّعوديّة الرّياض نهاية الأسبوع للمُشاركة في فعّاليّات “المنتدى الاقتصاديّ العالمي” الذي تستضيفه المملكة يومَيْ الأحد والإثنيْن. فما…

فيصل القاسم “لامس” 22 مليون عربي.. بحكاية فقره وجوعه؟

أحدثت إطلالة الإعلامي الشهير فيصل القاسم، عبر حلقة من برنامج بودكاست “ضيف شعيب”، ضجّة كبيرة على منصّات التواصل الاجتماعي، وحصدت أرقاماً قياسية في عدد المشاهدات….

هل تمرّ رئاسة الجمهوريّة من “خُرم” البلديّات؟

لا مشكلة نصاب في جلسة التمديد الثالث للبلديّات اليوم. تكتّل “لبنان القويّ” برئاسة جبران باسيل وكتلة “اللقاء الديمقراطي” برئاسة تيمور جنبلاط وعدد من النواب قاموا…

الغداء الرئاسي الفرنسي؟

ثلاثة عناوين تركّز عليها فرنسا لإعادة تجديد دورها على الساحة اللبنانية. تستعيد باريس نشاطها بعد تيقّنها من أنّ المسار الذي انتهجته منذ عام 2020 لم…