تسبّب التصويت عبر البريد بالأخذ والردّ بين معسكري دونالد ترامب وجو بايدن في الانتخابات الرئاسية الأميركية. فقد ارتفعت نسبة المصوّتين عبر البريد لهذا العام بسبب انتشار فيروس الكورونا، إلا أنّ العديد من الناخبين الأميركيين، خصوصًا من مناصري الرئيس ترامب، يشكّكون في النتائج الصادرة عن عملية الانتخاب عبر البريد. كما كان الرئيس الأميركي قد أكّد سابقًا أكثر من مرّة أنّ التصويت البريدي سيسبّب مشكلة على صعيد النتائج، وهذا ما جعله يشكّك بشكل مُسبق بالنتائج المنبثقة عنه.

فيروس كورونا لم يُحارب دونالد ترامب فقط بانتشاره الواسع الذي مكّن الولايات المتحدة من التربّع على عرش صدارة دول العالم من حيث الانتشار، بل إنّه دفع عشرات الملايين من  الناخبين للإدلاء بأصواتهم عبر البريد الذي لا يثق به ترامب، لتجنّب طوابير الانتظار أمام مراكز الاقتراع، واحتمال التعرّض للفيروس بشكل أو بآخر.

مديرة الحملة الانتخابية لجو بايدن أعربت عن ثقتها بفوزه في السباق  نحو البيت الأبيض،  باعتباه أنّه “من غير المعقول” استبعاد بطاقات انتخابية لمواطنين أميركيين لأنّه لم يتم احتسابها يوم الاقتراع الثلاثاء الماضي.

أمّا حملة  الرئيس ترامب، فقد طلبت التدخل، برفع دعوى أمام المحكمة العُليا، بشأن ما إذا كان ينبغي السماح للسلطات في ولاية بنسلفانيا، التي تضمّ 20 صوتًا انتخابيًا، ولا تزال تعمل على فرز مئات الآلاف من بطاقات التصويت التي وصلت عبر البريد، أن تقبل البطاقات التي تصل في أوقات متأخرة عن يوم الانتخاب.

فيروس كورونا لم يُحارب دونالد ترامب فقط بانتشاره الواسع الذي مكّن الولايات المتحدة من التربّع على عرش صدارة دول العالم من حيث الانتشار، بل إنّه دفع عشرات الملايين من الناخبين للإدلاء بأصواتهم عبر البريد الذي لا يثق به ترامب

بالإضافة إلى التشكيك في فرز بنسلفانيا، ستسعى حملة الرئيس الأميركي الساعي لتجديد ولايته، إلى طلب إعادة فرز الأصوات في ولاية ويسكونسن المتأرجحة والحاسمة. كما كشف القائمون على الحملة الحمراء أنّهم قاموا برفع دعاوى قضائية في ولايتي ميشيغن وبنسلفانيا، في مسعىً لوقف فرز الأصوات، بحجّة أنّه لم يُسمَح للمراقبين بدخول المواقع حيث تُفرز الأصوات.

في الإجمال، فإنّ المناورات القانونية لفريق الرئيس الأميركي هي بمثابة مسعى مُبكِّر للطعن في نتائج الانتخابات الرئاسية التي لم تُحسَم بشكل رسمي حتى لحظة  كتابة هذا التقرير، بعد يومين من توجّه عشرات الملايين من الأميركيين إلى صناديق الاقتراع.

إقرأ أيضاً: انتخابات أميركا 2020: الضحية السوداء جورج فلويد وكورونا صوّتا لصالح بايدن

من الناحية القانونية، فإنّه من المرجّح أن لا ينجح فريق الرئيس الأميركي في مسعاه لوقف فرز الأصوات، إذ إنّ القوانين الأميركية لا تلحظ وقف عملية الفرز، بل إنّ جُلّ ما قد يستطيع ترامب فعله هو طلب إعادة الفرز في بعض الولايات التي يشكّك في نتائجها، وأبرزها ميشيغن وويسكونسن وأريزونا، إلّا إنّه من يستبعد أن يؤدّي هذا إلى تغيير النتيجة. إلا إذا قرّرت المحكمة العليا إبطال عدد الأصوات البريدية التي وصلت متأخرة. وهذا السيناريو الذي قد يقلب الأمور رأسًا على عقب لمصلحة ترامب، الذي يراهن على المحكمة التي تضمّ أغلبية محافظة مؤيدة له، بينهم اثنان من الذين كانوا في الفريق القانوني للرئيس السابق جورج بوش الابن في نزاعه الشهير مع الديمقراطي آل غور حول ولاية فلوريدا في معركة عام 2000 الانتخابية.

فهل تعيد المحكمة العليا ترامب للبيت الأبيض أم تُثبّت جو بايدن داخله؟