“الربيع العربي” يُلهم الرئيس الصيني

2022-10-24

“الربيع العربي” يُلهم الرئيس الصيني

مدة القراءة 4 د.

ماذا يعني التجديد للرئيس الصيني “شي جين بينغ” لولاية ثالثة؟

ترتفع علامة الاستفهام هذه في عواصم العالم شرقاً وغرباً. إلا أنّها أكثر ما ترتفع في واشنطن وموسكو. فالعاصمتان تشعران أنّهما تُستدرجان بفعل تطوّرات الحرب في أوكرانيا نحو مجابهة نووية تستطيع الصين أن تلعب دوراً محورياً إمّا في تعطيلها أو في تسريع وقوعها. من هنا أهميّة تجديد تربُّع الرئيس شي على قمّة السلطة في بكين.

منذ أن مات ماوتسي تونغ في عام 1976 لم يعتلِ الرئاسة في الصين مَن هو في قوّة وسلطة الرئيس شي

“الشيوعي” الصيني يستلهم “العرب”

في عام 2011 قام الرئيس جو بايدن (وكان في ذلك الوقت نائباً للرئيس باراك أوباما) بزيارة رسمية للصين. يروي أحد أعضاء الوفد الأميركي المرافق، دانيال روسال، أنّه خلال حفل عشاء أُقيم تكريماً لبايدن تحدّث الرئيس شي مطوّلاً عن الاضطرابات في العالم العربي التي أطاحت بالقادة التوتاليتاريين (المستبدّين). وكان يتساءل عن الأسباب التي أدّت وتؤدّي إلى ذلك.

يقول روسال في مذكّراته التي نشرها في كتاب جديد إنّ الرئيس الصيني كان يعزو ما يحدث في هذه الدول العربية إلى الفساد والانقسامات والتشرذمات في أحزاب السلطة الحاكمة، وكذلك إلى فقدان العلاقة (أو انعدامها) بين القادة والمواطنين العاديّين وحاجاتهم الأساسية والضرورية. وينقل روسال عن الرئيس شي قوله إنّ “هذه الأشياء ذاتها يمكنها أيضاً أن تقلب الحزب الشيوعي إذا فشلنا في العمل معاً على معالجة قضايا المواطنين والاستجابة لحاجاتهم”.

لقد تعلّم الرئيس شي من الدروس التي أدّت إلى الإطاحة بعدد من قادة الدول العربية، فحقّق الاستثناء في القيادة الصينية بالتمديد لنفسه للمرّة الثالثة، وهو أمر يشكّل سابقة في التاريخ الصيني الحديث.

الرئيس الصيني يقلب قاعدة الحكم

كانت القاعدة التي يقوم عليها الحكم في الصين أن يكون الرئيس “أوّل بين متساوين”. قَلَب الرئيس شي هذه القاعدة رأساً على عقب أيضاً. فمن خلال التجديد له لولاية ثالثة، أصبح الرئيس الوحيد بلا منازع، والرئيس الذي يتقدّم على الجميع.. وبإقرار الجميع.

تدرك الولايات المتحدة، التي تهتمّ بما جرى ويجري في الصين، هذا المعنى إدراكاً عميقاً. ولذلك تنظر بقلق إلى احتمال قيام تحالف صيني – روسي بين شي والرئيس الروسي فلاديميربوتين في وقت يُخشى أن تتحوّل تايوان إلى أوكرانيا ثانية.

لقد تعلّم الرئيس شي من الدروس التي أدّت إلى الإطاحة بعدد من قادة الدول العربية، فحقّق الاستثناء في القيادة الصينية بالتمديد لنفسه للمرّة الثالثة، وهو أمر يشكّل سابقة في التاريخ الصيني الحديث

منذ أن مات ماوتسي تونغ في عام 1976 لم يعتلِ الرئاسة في الصين مَن هو في قوّة وسلطة الرئيس شي. تكفي الإشارة إلى أنّه حوّل مجموعة من الجزر الصخرية الصغيرة المترامية في بحر الصين والمتنازع عليها مع دول الجوار (اليابان – الفلبين – كوريا) إلى قواعد عسكرية عائمة مزوّدة بأحدث آلات المراقبة والتدمير. ووصلت مركبات الصين العلمية إلى الوجه الخلفيّ للقمر.

الصين تريد تايوان

أكثر من ذلك أطلق الرئيس شي مشروع “طريق الحرير” ليحلّ محلّ طريق الاستعمار الغربي الذي فرض في القرن الماضي على بلاده أن تتحوّل إلى دولة مخدّرات. وبعدما استرجع هونغ كونغ من بريطانيا، وماكاو من البرتغال، يتطلّع إلى استرجاع تايوان من الولايات المتحدة.

هنا مصدر القلق الأميركي: هل يعتمد الرئيس شي في تايوان أسلوب الرئيس بوتين في أوكرانيا؟ وهل يشكّل الموقف الأميركي من روسيا عسكرياً وسياسياً واقتصادياً درساً يمنع الرئيس الصيني من القيام بمغامرة لاسترجاع تايوان بالقوّة العسكرية؟

ضرب الرأس بجدار الصين الطويل

منذ عقود طويلة تدرس الولايات المتحدة الشخصية العميقة للرئيس الصيني. فقد تعرّفت عليه للمرّة الأولى في عام 1985 وكان عمره 31 عاماً فقط في ذلك الوقت حين زار ولاية أيوا الأميركية لمدّة أسبوعين في إطار وفد شيوعي من الشبّان الصينيين لدراسة “كيفيّة علف الحيوان بالطرق الحديثة”. يُقال إنّه تعرّف هناك للمرّة الأولى على “البوب كورن” أو حبّات الذرة المشوية، فأُعجب بها وربّما أُعجب بولاية أيوا بسببها أيضاً.

إقرأ أيضاً: هكذا صارت الكوريتان نوويّتين

لذلك عندما أصبح رئيساً (وقائداً للحزب الشيوعي) في عام 2012، ساد الاعتقاد في الولايات المتحدة أنّ واشنطن الآن تتمتّع بوجود صديق لها على رأس السلطة في بكين. غير أنّ همّ الرئيس شي كان كيف يحوّل التحدّيات التي تواجهها الصين إلى فرص للتقدّم والنهوض. كان معنيّاً ببلاده تحديثاً وتطويراً، معنوياً وسياسياً واقتصادياً. وكان يقول: “على الذين لا يريدونني، أن يضربوا رأسهم بالجدار.. وجدار الصين طويل بما فيه الكفاية”.

إقرأ أيضاً

أميركا “بايدن” ليست أميركا “أيزنهاور”

لماذا جو بايدن ليس قويّاً ولا حاسماً؟ ولماذا بايدن في غزة ليس الجنرال أيزنهاور مع إسرائيل في حرب السويس؟     منصب الرئيس الأميركي هو…

1958، 1967، 2024

يعيش لبنان على خطّ زلزال يشبه الزلزال الذي ضربه بين عامَي 1958 و1975، وهدم الدولة بكامل أركانها وشرّع الكيان على خطر الاندثار. فما يمرّ به…

“لُغة” معراب: إسرائيل “مظلومة”

“سقطة” كبيرة وقعت فيها معراب في بيانها الختامي يوم السبت. قدّمت لغةً لا تصلح لتكون جامعة. بل لغة تقدّم إسرائيل على أنّها “مظلومة”. وتجهّل “الفاعل”…

العراق: “السلطان” التركي.. بمواجهة “الفقيه” الشيعي؟

قد لا يكون من السهل تجاوز الكلام الصادر عن خميس الخنجر، الذي يُعتبر أحد أبرز قيادات المكوّن السُنّي. وهو زعيم “تحالف عزم”. وصاحب “المشروع العربي”….