ذكرى الاستقلال أو صلاة الغائب

2021-11-23

ذكرى الاستقلال أو صلاة الغائب

مدة القراءة 4 د.

في حضرة نخبة من آخر القلاع السيادية وعلى بعد أمتار من موقع استشهاد غازي أبو كروم، صديقي ورفيقي وأوّل شهداء ثورة الأرز في الواحد من تشرين الأول 2004، نلتقي في ذكرى أبعد ما تكون عن الاحتفال، وأقرب ما تشبه صلاة الغائب، ذكرى يوم الاستقلال.

فالاستقلال، الذي يجمعنا اليوم في عامه الثامن والسبعين، ظُلِم كثيراً، إذ لم يكن مظلماً على مدى 78 سنة، ففي بعض محطّاته المضيئة، عَبَر طفولة ميثاقية، وتتلمذ على رجالات صاغوا نصوصاً وطنية حقيقية ومارسوا أفعالاً وحسموا خيارات، فتطوّر هذا الاستقلال بنجاحاته وإخفاقاته، وحتى في صداماته، إلى أن وقع وهو يحاول التقاط أنفاسه واستعادة عافيته، بعد 14 شباط الأسود، فريسة عملية خطف واكبتها كل أنواع الجرائم، من تهويل وقتل واجتياح، وانتهت إلى تدمير المؤسسات التي نشأت منذ 1920. نبحث اليوم عن الحدود الضائعة برّاً وبحراً، وعن الحكومات المتقهقرة تماسكاً وفعلاً، وعن الرئاسة الغائبة تماماً في العقل وفي المفعول، وعن المجالس النيابية والقضائية والدفاعية والأمنيّة التي اختلط فيها الحابل العائلي بالنابل الفاشي، فانتفت الجمهورية وترسّخ الاحتلال. وأيّ احتلال، وأية قضية. احتلال في مواجهة عدوّ بالاسم، حليف بالفعل. احتلال هو أقلّ رحمة من ألدّ خصومنا. إنّها منظومة فاجرة مجرمة وشريرة، أكثر شراسة من الاستعمار والانتداب، وأسوأ من أيّامنا السوداء في فلسطين، ومن أحلك أيام الاستعمار والانتداب، ومن سواد نكبتنا المتمادية في فلسطين.

حمادة: لنهبّ جميعاً، وليكن العام 2022 عام رصّ الصفوف، تجميع الهمم، تغليب شعار استعادة السيادة ومحاربة الفساد على كلّ طارئ آخر

إنّ جمعية الأشرار، كما جاء على لسان المدّعي العام لدى المحكمة الدولية، واصفاً حزب الله وعصابته، لم تكتفِ بتحويل لبنان إلى جثّة هامدة فقدت معالم التعرّف عليها لولا شركاؤها في الجرم. وهي من أسفل وأبشع ما انتخبته الطبقة السياسية في لبنان. أناس بلا أصل، بلا ثقافة، بلا تاريخ، بلا أخلاق، بلا حكمة أو رادع. تبوّأوا الرئاسة الأولى، وحولّوها إلى شيكاغو الأعوام السوداء، بمافياتها المالية والنفطية والأمنية والإعمارية، تحمي القتلة، ترهب القضاة، تسطو على الإدارة، تزوّر واقعنا، وتبدّد ما يجمعنا، تقطع صلاتنا بالقريب العربي، تُتبِعنا لإمبراطورية غريبة فاسقة، مذهبية، متخلّفة، تضمر الشرّ ليس فقط للبناننا المستقلّ، بل ولكلّ محيطنا العربي.

كلّ أوصاف واقعنا تبقى مقصّرة عن رسم الصورة الحقيقية لواقع لا يحتمل دقيقة صمت ولا محطّة تأمّل ولا آناً من الجمود.

في هذا اليوم الذي أفضلتم عليّ فيه بالتكريم، أبادلكم التحية، أنتم مجموعة الزملاء في الصحافة والسياسة والعمل الاجتماعي والبحث الأكاديمي.

أنتم آخر السياديين والعروبيين والديموقراطيين الذين جعلوا من الأحلام والتواصل تقاوم مخرز الإجرام والفجور، وأقول: الانتخابات فرصة أولى لوقف الانقلاب الزاحف، لكنّها لن تكفي لقلب المعادلة، وخصوصاً منع الاستمرار في السطو على الدستور والميثاق والمؤسسات عبر المشاريع المشبوهة التي تُحاك في غرف بعبدا السوداء من قبل مَن يريد إضافة فقدان الشرعية إلى فقدان الأهليّة.

حمادة: ليكن الاستقلال المقبل يوم تحرير لبنان من عهد البؤس، حزب الشرّ وأدواته. شكراً لـ”أساس ميديا” وللقيّمين عليها. كلّ الشكر لمولانا رضوان، ولزميل النهار نهاد

لنهبّ جميعاً، وليكن العام 2022 عام رصّ الصفوف، تجميع الهمم، تغليب شعار استعادة السيادة ومحاربة الفساد على كلّ طارئ آخر.

وليكن الاستقلال المقبل يوم تحرير لبنان من عهد البؤس، حزب الشرّ وأدواته. شكراً لـ”أساس ميديا” وللقيّمين عليها. كلّ الشكر لمولانا رضوان، ولزميل النهار نهاد، ولكلّ الإخوة والأصدقاء الذين قادوا أو واكبوا مسيرة النضال الطويل قبل وبعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري، رحمه الله. ولتسفر دماؤه مرّة أخرى عن استقلال لبنان وحفظ مواثيق العيش المشترك ودستوره واتفاق الطائف، عشتم وعاش لبنان.

*كلمة الشهيد الحيّ مروان حمادة في حفل “نحو الاستقلال الثالث” الذي أقامه موقع “أساس” لتكريم نخبة من المدافعين عن استقلال لبنان، ومن الذين واجهوا الوصاية السورية ويواجهون اليوم الاحتلال السياسي الإيراني لقرار الدولة اللبنانية.

إقرأ أيضاً