البيطار مُزنّراً بالدعاوى: هل يَلحق بالقاضي صوّان؟

2021-09-19

البيطار مُزنّراً بالدعاوى: هل يَلحق بالقاضي صوّان؟

مدة القراءة 7 د.

على الرغم من علم القاضي طارق البيطار والنيابة العامّة التمييزية بوجود رئيس الحكومة السابق حسان دياب خارج لبنان، أُعطِيت الإشارة القضائية إلى جهاز أمن الدولة لتنفيذ مذكّرة الإحضار بحقّه قبل 48 ساعة من موعد الجلسة المقرّرة اليوم. وهو الجهاز نفسه الذي تلحّف رئيسه اللواء طوني صليبا بغطاء المجلس الأعلى للدفاع ورئيس الجمهورية كي لا يمثل كمدّعى عليه في القضية أمام المحقّق العدلي.

فهل يحدّد البيطار جلسة أخرى لدياب بعد تخلّفه عن المثول أمامه في 26 آب الماضي، وتكرار مذكّرة الإحضار بحقّه، ثمّ تقديم وكلاء الدفاع عن رئيس الحكومة السابق عذر “التغيّب بداعي السفر”، أم سيذهب البيطار نحو الخيار الصدامي بإصدار مذكّرة توقيف غيابية بحقّ رئيس حكومة سابق ستكون الأولى من نوعها في تاريخ لبنان؟

مصادر دياب تؤكّد لـ”أساس” عودته الحتمية إلى لبنان فور انتهاء إجازته. وبالتزامن مع تنفيذ مذكّرة الإحضار بَرز موقف للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى حذّر فيه من “الملاحقة الانتقائية لرؤساء ووزراء، وهو ما يجعل عمليّة المحاكمة في حالة خلل جوهري وعملاً من أعمال الاستهداف والانتقام، وطالب البيان باعتماد المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء وهو ما نص عليه الدستور.

وتشير خطوة البيطار المقبلة في شأن دياب إلى المنحى الذي سينسحب على الملفّ برمّته. 

يرى مطّلعون أنّ “ذهاب البيطار بعيداً في ادّعاءاته مستفيداً من عدم توافر الحصانة للمدّعى عليهم سيكون له تأثير سلبيّ على انطلاقة الحكومة والاستقرار السياسي الهشّ أصلاً”

فبعد أشهر من تولّيه مهامّه اصطدمت ادّعاءات المحقّق العدلي بحقّ سياسيّين وأمنيّين بحائط “دفاعي” سميك عطّل مفعول هذه الادّعاءات برفض المثول أمام المحقّق العدلي، لتجاوزه القانون والدستور وغرقه في الاستنسابية والشعبوية. 

وقد انتهى الأمر بإصدار مذكّرة توقيف غيابية بحقّ وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس سبقها إصدار مذكّرتيْ إحضار بحقّ دياب، وهو ما يمكن أن يفتح “شهيّة” المحقّق العدلي على ادّعاءات ومذكّرات توقيف أخرى قد لا تستثني حتّى دياب الموجود حالياً في الولايات المتحدة الأميركية. 

ويبرز في هذا الإطار موقف حازم لرئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي يرى أنّ القاضي البيطار قد “تجاوز حدوده وحدود الدستور” بعدم تسليمه بأنّ ملاحقة الرئيس دياب والنواب والوزراء السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر ونهاد المشنوق والوزير السابق يوسف فنيانوس هي من صلاحيّة مجلس النواب وعبره المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء. 

ويرى برّي، وفق مطّلعين، أنّ الحصانة يمكن أن تُرفَع عن جميع المدّعى عليهم شرط تعديل الدستور لتسقط الحصانات من أعلى رأس الهرم ونزولاً. 

وهو الاتّجاه نفسه الذي يتحرّك المدّعى عليهم تحت سقفه من خلال احتمال رفع دعوى ردّ ضدّ القاضي البيطار لعدم اختصاص القضاء العدلي في البتّ بالقضيّة أو دعوى ارتياب.

وكان البيطار ردّ الدفوع الشكليّة المقدّمة من فنيانوس على الرغم من عدم صحّة تبليغ الأخير، وتجاهل المحقّق العدلي مطالعة النيابة العامّة التمييزية التي طلبت المزيد من المستندات لإبداء رأيها في الدفوع. وقد تجاهل أيضاً استئناف فنيانوس قرار نقابة المحامين في الشمال في ما يتعلّق بمنح الإذن بالملاحقة، وقفز فوق الجلسة التي كانت محدّدة لبتّ الدفع الشكليّ وأصدر مذكّرة التوقيف، فيما رفض منح وزير الأشغال السابق أيّ مهلة لاتّخاذ موقف من قرار بتّ الدفوع، ولا حتى الموافقة على تكرار دعوته أمامه مجدّداً.

وكان لافتاً قول الوزير السابق إنّه “لم يفكّر في أيّ لحظة في مواجهة القضاء من خلال دعوى ردّ أو دعوى مُخاصمة، ولكنّ أداء المحقّق قد يدفعني إلى ذلك مُكرَهاً”. 

وتقول أوساط محامي فنيانوس: “لم يُحسَم بعد القرار في شأن رفع دعوى ردّ لعدم الاختصاص، أو دعوى نقل الملفّ إلى يدِ قاضٍ آخر للارتياب المشروع، أو دعوى مداعاة الدولة في خصوص أخطاء ارتكبها قضاة. والفريق القانوني الاستشاري لفنيانوس لا يزال يدرس كلّ الاحتمالات، خصوصاً أن ليس من مهل قانونية مقيِّدة”.

والخيار الثالث هو مداعاة الدولة بسبب أخطاء ارتكبها قضاة تُصنَّف ضمن “الأخطاء الجسيمة” للقاضي. وفي هذه الحال ستنظر في القضية الهيئة العامّة لمحكمة التمييز المؤلّفة من رؤساء غرف التمييز، حيث يُثبت المدّعون الأخطاء التي ارتكبها القاضي البيطار، ويطلبون تعويضات عن هذا الخطأ، وعندها تدفع الدولة للمتضرّر لكونها المسؤولة عن أعمال القضاة. 

تقول أوساط محامي فنيانوس: “لم يُحسَم بعد القرار في شأن رفع دعوى ردّ لعدم الاختصاص، أو دعوى نقل الملفّ إلى يدِ قاضٍ آخر للارتياب المشروع، أو دعوى مداعاة الدولة في خصوص أخطاء ارتكبها قضاة

أمّا في المنحى السياسي فيقول قريبون من فنيانوس إنّ “المشروع واضح في تكرار لمشهد عام 2005، وللمفارقة خلال ولاية رئيس الحكومة نفسه، أي نجيب ميقاتي. فالمطلوب أن يدخل أربعة أو خمسة أشخاص إلى السجن بهدف قلب السلطة السياسية من مقلب إلى آخر عشيّة الانتخابات النيابية في استغلال فاضح لانفجار المرفأ، كما كان مطلوباً في عام 2005 “رأس” رؤساء الأجهزة الأمنيّة اللبنانية في مقدّمة لخروج الجيش السوري، ثمّ إجراء الانتخابات النيابية التي غيّرت الأكثرية”. 

ويبدو وفق المعطيات أنّ محامي فنيانوس سيتحرّكون بالتزامن مع تحرّك الوزراء خليل وزعيتر والمشنوق على اعتبار أنّ فنيانوس هو أوّل من طالته مذكّرات التوقيف الغيابية. ومن الاقتراحات المتداولة أن يتوزّع تقديم الدعاوى بين هؤلاء، ومن ضمنها دعوى الارتياب المشروع، التي قد تؤدّي إلى تنحية البيطار في تكرار لمشهد تنحية القاضي فادي صوّان.

لكن بالتزامن مع هذه التطوّرات القضائية في ملفّ المرفأ، تُطرَح تساؤلات عن احتمال مبادرة الرئيس برّي، فور نيل الحكومة الثقة اليوم أو غداً، إلى الدعوة إلى عقد دورة استثنائية لمجلس النواب لضرورات متابعة الملفات الحكومية المستعجلة لإنجاز ما يبّرر تشكيلها.

إذ بعد نيل الحكومة الثقة يُصبِح مجلس النواب خارج عقده الاستثنائي الذي أملَته دستورياً استقالة حكومة حسان دياب (المادة 69 من الدستور)، والذي يُلزِم القضاء طوال هذا العقد الاستثنائي أخذ الإذن لملاحقة النائب.

أمّا في العقد العادي الثاني، الذي سيبدأ في 19 تشرين الأول المقبل، فتُطبّق المادة 40 من الدستور التي تنصّ على “عدم جواز خلال دورات انعقاد المجلس ملاحقة النائب جزائيّاً أو اتّخاذ إجراءات جزائية بحقّه أو إلقاء القبض عليه أو توقيفه إلا بإذن المجلس”. 

لذا هناك مهلة فاصلة تبلغ نحو شهر بين انتهاء العقد الاستثنائي وبدء العقد العادي يكون النواب فيها خارج مدار الحصانة، ويُحتمَل أن يتوجّه القاضي البيطار في هذه الفترة، في حال عدم مثول الوزراء السابقين أمامه، إلى إصدار مذكّرة توقيف غيابية بحقّهم.

ويبقى السؤال: هل يُقدِم برّي على طلب فتح دورة استثنائية لمجلس النواب بمرسوم يقتضي توقيع رئيسيْ الجمهورية والحكومة؟ 

إقرأ أيضاً: دياب راجِع… البيطار ينتظره على المطار؟!

وفق المعلومات، لم يحسم برّي قرار الدعوة إلى فتح دورة استثنائية، حيث يفترض أن يصطدم برفض عون الحتميّ توقيع المرسوم الذي يتطلّب عادة تنسيقاً بين الرؤساء الثلاثة. 

ويرى مطّلعون أنّ “ذهاب البيطار بعيداً في ادّعاءاته مستفيداً من عدم توافر الحصانة للمدّعى عليهم سيكون له تأثير سلبيّ على انطلاقة الحكومة والاستقرار السياسي الهشّ أصلاً”، مع إشارة هؤلاء إلى أنّ “خيار فتح دورة استثنائية لمجلس النواب يبقى قائماً”.

إقرأ أيضاً

الرّياض لواشنطن: Take it or leave it

يصلُ وزير الخارجيّة الأميركيّ أنتوني بلينكن إلى العاصمة السّعوديّة الرّياض نهاية الأسبوع للمُشاركة في فعّاليّات “المنتدى الاقتصاديّ العالمي” الذي تستضيفه المملكة يومَيْ الأحد والإثنيْن. فما…

فيصل القاسم “لامس” 22 مليون عربي.. بحكاية فقره وجوعه؟

أحدثت إطلالة الإعلامي الشهير فيصل القاسم، عبر حلقة من برنامج بودكاست “ضيف شعيب”، ضجّة كبيرة على منصّات التواصل الاجتماعي، وحصدت أرقاماً قياسية في عدد المشاهدات….

هل تمرّ رئاسة الجمهوريّة من “خُرم” البلديّات؟

لا مشكلة نصاب في جلسة التمديد الثالث للبلديّات اليوم. تكتّل “لبنان القويّ” برئاسة جبران باسيل وكتلة “اللقاء الديمقراطي” برئاسة تيمور جنبلاط وعدد من النواب قاموا…

الغداء الرئاسي الفرنسي؟

ثلاثة عناوين تركّز عليها فرنسا لإعادة تجديد دورها على الساحة اللبنانية. تستعيد باريس نشاطها بعد تيقّنها من أنّ المسار الذي انتهجته منذ عام 2020 لم…