“العام” و”السنة” في الدندنة

2021-01-01

“العام” و”السنة” في الدندنة

مدة القراءة 3 د.


في كلّ 31 كانون الأول أتوقف عند سؤال: هل أقول للناس “كل سنة وأنتم بخير؟” أو “كل عام وأنتم بخير؟”. قمّشت وتبحّرت فلم أجد ضالتي في معاجم اللغة، لا في “لسان العرب” ولا في “مقاييس اللغة”، إلاّ أنّني وجدتُ مطلبي في التنزيل.

فجدّي كان دوماً يحضّني على قراءة الذكر الحكيم، ويقول لي: “إقرأ”. فأقول له: “ماذا أقرأ؟”،

فيردّ: “القرآن لتتعلّم لغتك يا بلا فهم” (الله يرحمو شو كان لسانو طويل وكفّو أطرش).

اكتشفت أنّ مجموع الشهور الإثني عشر في التقويم الميلادي يُسمى: سنة، فيما مجموع الشهور الإثني عشر في التقويم هجرية يسمّى: عام.

وأنّ العام هو وحدة قياس مختلفة عن السنة وهي مرتبطة بدوران القمر حول الأرض وبعدد ولادته البالغة 12 مرة، فيما السنة هي وحدة قياس أخرى مرتبطة بالأيام الشمسية أو بالفصول أو بالمواسم أو بأي وحدة قياس أو تقويم بشرية.

وفي التنزيل: “وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى? قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ” (العنكبوت 14). وفي التنزيل أيضاً “وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ ? وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ” (الحج 47). وكذلك “وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ? لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ…” (البقرة 233).

جدّي كان دوماً يحضّني على قراءة الذكر الحكيم، ويقول لي: “إقرأ”. فأقول له: “ماذا أقرأ؟”، فيردّ: “القرآن لتتعلّم لغتك يا بلا فهم

وعليه، يمكن للسنة أن تكون عاماً، لكن العكس ليس صحيحاً على الإطلاق. فالعام ثابت فيما السنة متحركة، مع العلم أنّ في علم الـastrophysics فإن الإثنين متحركان ولا ثابت إلا وجهُ ربك ذو الجلال والاكرام.

إذاً، نقول في رأس السنة الميلادية: “كل سنة وأنتم بخير” لأنها تعتمد التقويم الغريغوري. أما في رأس السنة الهجرية فنقول: “كل عام وأنتم بخير” لأنّها تعتمد التقويم الهجري القائم على ولادة القمر، وذلك أيضاً من باب التمييز وحسن الاستعمال اللغوي أعزّنا وأعزّكم الله.

إقرأ أيضاً: من أول كاس… Secret Santa!

وبعيداً عن التنزيل وأصول الصرف والنحو اللغويين، وتقرّباً بالفنّ والفنانين في هذه المناسبة وأكسسواراتها، فإنّ مطربة الأجيال ميادة الحناوي تقول لحبيبها الذي هجرها: “فاتت سنة .. حتى الجواب منّو ما وصلشِ”. أما شمس الأغنية اللبنانية نجوى كرم، فتقول “بالسنة أشوفك يوم”، وكذلك ليلة مراد تقول: “سنتين وانا حايل فيك ودموع العين تناديك”.

قيصر الغناء كاظم الساهر عايد حبيبته قائلا: “كلّ عام وأنت حبيبتي”… إلاّ فضل شاكر وشيرين عبد الوهاب شذا عن ذلك، فقال فضل لشيرين في دويتو “العام الجديد”: “كلّ عام وأنتِ حياتي” فردّت هي “إنتَ السنة لي عشتها بعمري أنا”… ولا أدري إن كانا يقصدان حولاً هجرياً أم سنة ميلادية!

وعليه، نسأل الله العفو والمغفرة… وكلّ سنة وأنتم جميعاً بألف خير.

 

*هذا المقال من نسج خيال الكاتب 

إقرأ أيضاً

السّنوار مع بايدن أو مع نتنياهو؟

“قولوا لهم، في بيروت كما في غزة، إنّ علاقتنا كإدارة أميركية مع إسرائيل، ليست قطعاً مثل علاقة إيران بهم. وإذا لم يفهموا هذا الفارق ولم…

بايدن على خطى أوباما: صديقتنا إيران

تتصرّف إيران على أنّها الرابح الأوّل من كلّ تداعيات ما بعد عملية طوفان الأقصى. وعلى الرغم من كلّ آليّات البحث الدولية والعربية عن سياق مرحلة…

قمّة البحرين: فلسطين هي الحلّ

قمّة عربية جديدة تلتئم في البحرين على وقع الانهيارات والأزمات المستفحلة من أقصى المغرب العربي إلى مشرقه، وربّما أخطرها حرب الإبادة الإسرائيلية الجارية بلا انقطاع…

لبنان ملك الفرص الضائعة

لدى التمعّن في الظروف التي أحاطت بجريمة ربط لبنان ومصيره بحرب غزّة، يتبادر إلى الذهن، أوّل ما يتبادر، الفرص التي أضاعها لبنان على نفسه منذ…