فيليب سالم لـ”أساس”: لقاح كورونا آخر هذه السنة ومنظمة الصحة العالمية فاسدة

2020-06-15

فيليب سالم لـ”أساس”: لقاح كورونا آخر هذه السنة ومنظمة الصحة العالمية فاسدة

مدة القراءة 7 د.


الدكتور فيليب سالم، إبن الكورة الهيوستني، الذي يدير “معهد أبحاث السرطان” هناك، يكتب في جريدة “النهار”، كعربون وفاء والتزام بلبنانيته. سأله “أساس” عن لبنان وثورته، كما سأله عن “كورونا” والسرطان. والبداية في الحلقة الأول اليوم، من الفيروس الذي شغل العالم طيلة الأشهر الماضية وما يزال، قبل الانتقال غداً إلى السياسة في حلقة ثانية.

 

كثيرة هي المحطّات والأسرار في حياة الدكتور فيليب سلام. تبدأ من بلدته بطرّام في قضاء الكورة الخضراء، ثمّ في “الجامعة الأميركية” في بيروت حيث درس الطبّ، قبل أن يسافر إلى الولايات المتحدة الأميركية للتخصّص ثمّ يعود إلى لبنان في العام 1971، ليبقى طبيباً وباحثاً وكاتباً حتى سنة 1986، حين اضطرّ إلى الرحيل مجدّداً إلى الولايات المتحدة “لأسباب أمنية”، بعدما أن كاد يُختطف من قبل الميليشيات في بيروت الغربية آنذاك لولا تدخّل أحد مرضاه لإنقاذه من المصير المجهول.

وأمّا الأسرار، فهي عن المشاهير والحكّام، خصوصاً العرب. وهو طبّب وعالج كثيرين منهم، وقد عرف عنهم أكثر مما عرفوه عن أنفسهم، لكنّه كتم أسرارهم وما يزال، إلا من توفيّ منهم. وحتّى هؤلاء فلا يتحدّث عنهم إلا لماماً ومن دون تفاصيل.

إقرأ أيضاً: رئيس “أمراض الرئة” في “الحريري”: كورونا باتت أضعف في لبنان

من أفياء زيتون بطرّام إلى رأس بيروت فنيويورك وهيوستن حيث يشغل اليوم منصب المدير الفخري لـ”معهد أبحاث السرطان” في مستشفى جامعة “Baylor St. Luke s”… مسيرة غنيّة بالعلم قضاها الدكتور سالم. لكنّها على اتّساعها لم تستطع أن تنسيه بلدَه. فهو يزور لبنان سنوياً. وما إتقانه العربية سوى دليل على روابطه العميقة مع لبنان و”دنيا العرب”، وهذا في الأصل تراث كوراني (من الكورة) يحفظه سالم كما العديدين من أبناء منطقته الذين اشتهروا بأدبهم ولغتهم.

نبدأ من كورونا. إذ يعتبر سالم أنّ “كوفيد – 19” الذي يصفه بـ “التحدّي الكبير” أظهر أمراً كان دائماً يتخوّف منه، وهو وضع الحكومات في كلّ العالم صحّة الإنسان في آخر سلّم أولوياتها. والسبب في ذلك يعود، برأيه، إلى أن حقّ الإنسان بالحياة غائب عن شرعة حقوق الانسان. ولذلك يسعى الطبيب الأميركي من أصل لبناني إلى جعل الحق في الحياة الحق الأول للإنسان: و”عندما يكون حقّ الإنسان بالحياة هو أوّل حقوقه، فهذا يعني أن حقّه الأوّل هو الصحّة. لانّه إذا لم تكن هناك صحّة فلا حياة”.

ولهذا السبب يرى سالم أنّ “الولايات المتحدة الأميركية، الدولة المتقدّمة، التي تمتلك كلّ العلم وكلّ المقدرة، ولديها أجهزة ومراكز علمية وبحثية عدّة، لم يكن لديها جهاز موحّد برأس واحد، يدرس كيف يحمي أميركا وشعبها من جائحة كوفيد- 19، ويمنع وباء كهذا من الخروج من الصين”. ويقول: “من المؤكد أنّ الصين لعبت دوراً سلبياً إذ أخفت حقائق كثيرة حول الوباء وانتشاره، لكن كان من المفترض أن نكون في الولايات المتحدة حاضرين”. ويسأل: “لماذا لم تكن أيّ دولة في العالم، لا أميركا ولا فرنسا ولا روسيا حاضرة لمواجهته؟”.

السبب، برأي الطبيب ذائع الصيت، أن “حقّ الانسان في الصحة هو في أسفل قائمة اهتمامات حكومات العالم”. أمّا الآن بعد وباء كورونا، فقد بدأت الدول تتحدّث عن حق الإنسان بالصحة، وتسأل كيف نمنع حصول وباء مثل كوفيد – 19. أميركا مستعدة لمجابهة هجوم نووي عليها، لكنّها ما كانت مستعدّة لانتشار فيروس مثل كورونا فيها، وهذا أمرٌ مؤسف. كما كان يمكنها أن تساعد الصين والعالم بأسره لخفض نسبة الوفيات من جرّائه”.

فهل “منظمة الصحة العالمية” موضع اتهام الآن؟

يجيب سالم: “لا يستطيع المرء أن يخلط بين العلم والسياسة، وأنا أتكلم من الناحية العلمية، ولذلك أقول إنّ منظمة الصحة العالمية فشلت فشلاً ذريعاً وتاريخياً في حماية العالم من فيروس كورونا، لأنّها لم تقم بوظيفتها، وهي إذ تتبع لمنظمة الأمم المتحدة، فهما متشابهتان في ترهّلهما كما أنّ الفساد يعشعش فيهما”.

يدعو سالم إلى تأمّل “كم تأخّرت المنظمة لتصل إلى قناعة بأنّ كوفيد – 19 هو جائحة عالمية. كما أنّها، عندما أعلنت الوباء العالمي، ما طلبت وقف السفر. كذلك فهي فشلت في معرفة أنّ فيروس كورونا ينتقل من الحيوان إلى الإنسان، كما في معرفة أنّه ينتقل من إنسان الى آخر. لقد أخفقت إذاً في تقصّي الحقائق العلمية عمّا حدث في الصين وذلك لأسباب سياسية. وعندما تنقضي مسألة الفيروس، فإنّه يجب دراسة أين أخطأت هذه المنظمة، وما التغيير المطلوب فيها. فشخصياً ما كنت أتوقّع أن تفشل منظمة مثلها إلى هذا الحدّ”.

يرى طبيب السرطان أنّ خطر “كورونا” ما زال قائماً “لأنّنا لا نعرف بعد تماماً كيف يتصرّف هذا الفيروس. لكن هناك أمرين إيجابيين يمكن أن نتحدّث عنهما: أولّهما أنّ انتشار الفيروس تراجع كثيراً في الغرب، بينما زاد في أفريقيا ومناطق أخرى في العالم. وثانيهما أنّ قدرة الفيروس على قتل الإنسان تراجعت”.

في المقابل يرى الطبيب المتخصّص في معالجة السرطان أن هناك أمراً إيجابياً واحداً في “كوفيد 19″، وهو أنّه جعل السرطان أخف وطأة وأعطاه صورة أفضل من تلك التي كانت له

يضيف: “لا نعرف بعد إذا حصل تحوّلٌ في الفيروس أو لا، لكن الأكيد أنّ قدرته على قتل المصاب هي أقل من ذي قبل”. كذلك يعتبر أنّ “تدابير الحجر والإجراءات الوقائية التي اتخذت كانت على الخط الصحيح. ففي ظلّ غياب الدواء الجيد واللقاح، تبقى الوقاية أهمّ أمر، كي لا يعود الفيروس بشكل كبير، خصوصاً بعد استئناف الحياة الاقتصادية”.

فهل سيكون هناك لقاح قريباً؟

سالم متفائل باقتراب الحصول على لقاح أكثر من تفاؤله باكتشاف دواء: “كلّ الأدوية التي اختبرت حتى الآن لم تعطِ نتيجة جيدة. (مدير المعهد الوطني الأميركي للحساسية والأمراض المعدية) أنتوني فاوتشي قال إن الريمديسفير Remdesivir يجب أن يكون العلاج الأساسي لهذا المرض، أنا أخالفه الرأي”.

ويتحدّث عن “مشكلة كبيرة في الأخبار المتداولة عن الدواء واللقاح” لأنّه “بين طموح العالِم للشهرة ووصوله لنيل جائزة نوبل، وطموح الشركة لتحقيق أرباح طائلة، وطموح السياسيين لكي يجتذبوا أصوات الناخبين، ضاعت الحقيقة. لذلك جئت كرجل وتلميذ علم لأوضح الأمور على حقائقها. ولذلك أقول اليوم إنّه للأسف ليس لدينا دواء لكورونا، لا الريمديسفير ولا هيدروكسي كلوروكين ولا كلوركوين. فأيٌّ من هذه الأدوية لم يظهر أنّه أكثر فعالية من الآخر”. لكنّ اللقاحات “تبشّر بالخير”، ولديه أمل أنّه “في آخر هذا العام سيكون هناك لقاح يعطى للناس العاملين في القطاعات الصحيّة والمعرّضين أكثر من سواهم للكوفيد – 19 وأقصد الأطباء”.

في المقابل يرى الطبيب المتخصص في معالجة السرطان أن هناك أمراً إيجابياً واحداً في “كوفيد 19″، وهو أنّه جعل السرطان أخف وطأة وأعطاه صورة أفضل من تلك التي كانت له. أمّا عن التطوّر في معالجة السرطان، فـ”هو كبير لكنّه تدريجي، مثل المعرفة  التي هي عملية تراكمية. نحن لدينا الآن أدوية جديدة، وخلطات عديدة من أدوية متنوّعة، وهي بدأت تعطي نتائج جيدة جداً”. ولذلك، فإنّ التطوّر الذي حصل في معالجة الأمراض السرطانية هو عظيم، بحسب سالم: “عندما دخلت هذا الحقل قبل 52 عاماً، ما كان يمكننا أن نشفي أكثر من خمسة في المئة من المرضى. أمّا اليوم فإذا وضعنا الطرق العلمية الحديثة في خدمة البشر، نستطيع أن نشفي ونقي 90 في المئة من حالات السرطان”.

وإذ يؤكد أنه “بالوقاية والعلاج والتشخيص المبكر يمكن زيادة نسبة الشفاء التام من السرطان إلى 90 في المئة”، يكرّر أسفه لكون الصحة ليست أولوية لدى الحكومات لا في أميركا ولا في أيّ مكان في العالم. ويختم: “بل ليست هناك سياسات صحيّة، تضع المعرفة العلمية التي نمتلكها اليوم في خدمة البشر”.

إقرأ أيضاً

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…