أوكرانيا: معركة باشموت.. بانتظار ترامب؟

يستمرّ القتال بين القوات الروسية والأوكرانية في مدينة باشموت منذ عدّة أشهر. دفع الروس القوات الأوكرانية إلى الحافة الغربية للمدينة، ويحاولون تطويقها من الشمال والجنوب. وهم قطعوا جميع الطرق باستثناء طريق واحد هو الخط السريع T0504 الذي أطلق عليه الجنود الأوكرانيون لقب “طريق الحياة السريع”. وعلى الرغم من قيام روسيا بضخّ قواتها إلى المنطقة، ترفض أوكرانيا الانسحاب من المدينة في انتظار ما وعدها به الغرب من معدّات ومدافع عسكرية. ويكثر الحديث عن هجوم مضادّ للقوات الأوكرانية في الربيع. لكن إذا لم يبدأ الجيش الأوكراني باستعادة السيطرة على الأرض، فهناك خطر أن تبدأ أطراف داعمة في الولايات المتحدة وأوروبا بالتساؤل عمّا إذا كان الأمر يستحقّ بذل كلّ هذا الجهد في أوكرانيا.

روسيا تدرك أنّ أوكرانيا لم يبقَ لديها من الوقت أكثر من عام بقليل قبل أن تبدأ معركة الرئاسة في الولايات المتحدة عام 2024، التي ستؤثّر سلباً على مواصلة الغرب دعمه الهائل لأوكرانيا ضدّ روسيا. أمّا معركة باشموت بين القوات الروسية والأوكرانية فليست لكسب المدينة بقدر ما هي لكسب الوقت.

روسيا تدرك أنّ أوكرانيا لم يبقَ لديها من الوقت أكثر من عام بقليل قبل أن تبدأ معركة الرئاسة في الولايات المتحدة عام 2024

طريق الحياة السريع

تشير المعطيات إلى أنّ الصراع على رئاسة الولايات المتحدة سيكون بين من سيفوز بمنصب المرشّح الجمهوري، أي بين حاكم فلوريدا رون ديسانتيس وبين الرئيس السابق دونالد ترامب. أمّا المنافس الديمقراطي، جو بايدن، فلا يحظى بشعبية كبيرة وحظوظه قليلة في الفوز. وهذا ليس بالبشرى السارّة لأوكرانيا والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي يدرك حجم دور بايدن في مساعدة بلاده عسكرياً ومالياً وسياسياً. أمّا دونالد ترامب فلم يخفِ موقفه بأنّه ينبغي على الولايات المتحدة أن تهتمّ بمصالحها الخاصة وألّا تتصرّف كشرطيّ العالم.

 

ستالينغراد أوكرانيّة؟

فوز روسيا في المدينة يحظى بأهمية سياسية، وليس فقط استراتيجية. فالمسألة للروس تتعلّق بالقدرة على تحقيق نوع من النصر للكرملين. إذا استولوا على المدينة يقتربون من هدفهم: السيطرة على المنطقة الشرقية من دونيتسك بكاملها. وفي حال سقوط باشموت، يكسب الروس احتمال فرصة تقدّمهم غرباً. لكنّ كثرة من المحلّلين يقدّرون أنّ القوات الروسية تفتقر إلى القدرة على مواصلة التقدّم، لا سيما أنّ وحداتها تكبّدت خسائر فادحة، وراجت معلومات عن نفاد إمداداتها.

وتكثر التحليلات حول نتيجة المعركة:

1- البعض يشبّه المعارك الجارية هناك بمعركة ستالينغراد خلال الحرب العالمية الثانية، التي أفضت إلى هزيمة النازيين.

2- تدرك أوكرانيا صعوبة فوزها. وكلّ ما تفعله هو المقاومة قبل شنّها هجمات الربيع المخطّط لها.

إقرأ أيضاً: أحلام بوتين: الشمال الأوروبي والقطبي

3- صمود الأوكرانيين في باشموت ضرورة عسكرية. لكنّ هناك ألوفاً من جنودهم يموتون أو يصابون بجروح خطيرة. ولم يبقَ في المدينة سوى بضعة آلاف من المدنيين، بعدما كان عدد سكانها حوالي 70 ألف نسمة.

بغضّ النظر عمّن سيفوز في باشموت، فإنّ كلا الطرفين يخوض معركته الخاصة مع الوقت، قبل موعد استحقاق الرئاسة الأميركية. ستحشد أوكرانيا ما تستطيع من مساعدة عسكرية أميركية وأوروبية ودولية تجبر القوات الروسية على التراجع ما أمكن في الجهة الشرقية من البلاد. وتبذل روسيا كلّ جهدها لتحصيل المزيد من الأراضي في أوكرانيا، أملاً في الاحتفاظ بها عند أيّ تسوية مع الرئيس الأميركي المقبل.

إقرأ أيضاً

لبنان أمام خيارين: الحرب.. أو جنوب الليطاني “معزول السلاح”

ستّة عشر شهيداً سقطوا في أقلّ من أربع وعشرين ساعة في جنوب لبنان. هي الحصيلة الأكثر دموية منذ بداية الحرب. ليس هذا الخبر سوى مؤشّر…

حين “يَعلَق” موكب ميقاتي بعجقة السير!

تتّسع دائرة الجفاء والتباعد على خطّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام المولوي والمدير العامّ لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. آخر الأخبار تؤكّد…

انتخابات روسيا: المسلمون واليهود صوّتوا لبوتين.. لماذا؟

حقّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فوزاً ساحقاً في الانتخابات الرئاسية الروسية التي أُجريت بين 14 و17 آذار الجاري. وإذا كان الغرب، وعلى رأسه أميركا، قد…

حلفاء “المحور” في لبنان… يخططون لـ”ما بعد طوفان الأقصى”

شهدت العاصمة اللبنانية بيروت في الأسبوع الفائت إنعقاد لقاء لقوى ومنظمات حزبية من محور الممانعة، منها قيادات في الحزب والجماعة الإسلامية وحركة حماس، وذلك بهدف…