إقتراح للإنقاذ: المداورة في الرئاسات

لا توجد خطة “ب” للبنان. فلبنان يكون رسالة الوحدة في التنوّع أو لا يكون. الباحثون عن صيغة للبنان آخر يبحثون في السراب. إنّ إسقاط لبنان أو تفشيله أو انهياره يشكّل خسارة للإنسانية، وكارثة للّبنانيين.

كثيرون يبحثون عن خطة “ب” تكون بديلاً للبنان الرسالة. إنّهم واهمون. وقليلون يعملون على الإفادة من سوء التطبيق أو من سوء أمانة الحكم لاختراع لبنان جديد. إنّهم واهمون أيضاً. عبثاً يحاولون. فلبنان يكون بصيغته أو لا يكون. وهو يكون برسالته أو لا تكون الرسالة. فشلت كلّ الاحتلالات الإلغائية لهذا اللبنان. وفشلت كلّ المحاولات الالتفافية عليه. صمد لبنان على الرغم من أنّه نسيج وحده لأنّه يمثّل أجمل رسالة إنسانية تحملها أسوأ قيادة سياسية. من أجل ذلك فإنّ المطلوب هو تغيير القيادة وليس تغيير الرسالة.

 

بحث في اللامعقول

يمكن وضع خطط بنّاءة عديدة لتغيير القيادة، لكن لا يمكن تصوّر أيّ أمر بنّاء في تغيير لبنان.

من هنا فإنّ البحث في إعادة النظر في لبنان الدولة والرسالة والكيان هو بحث في اللامعقول واللامجدي. وهو بحث لا يمكن أن يؤدّي إلى شيء بنّاء أو حتى إلى شيء معقول.

انفتاح الرئاسات الثلاث على كلّ الطوائف من شأنه تحصين البنيان اللبناني بحيث يصبح قادراً على الصمود في وجه الاهتزازات السياسية وارتداداتها المدمّرة

من أجل ذلك يجب أن يستهدف البحث القيادة السياسية لا الرسالة الإنسانية، ولا الصيغة التعدّدية. والمدخل إلى ذلك هو إعادة النظر في الانتماءات المذهبية للرؤساء وليس في انتماءاتهم الدينية. بمعنى أن يكون رئيس الجمهورية مسيحياً لكن ليس مارونياً بالضرورة. ويجب أن يكون كلّ من رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء مسلماً، لكن ليس شيعياً ولا سنّيّاً بالضرورة أيضاً.

إنّ انفتاح الرئاسات الثلاث على كلّ الطوائف من شأنه تحصين البنيان اللبناني بحيث يصبح قادراً على الصمود في وجه الاهتزازات السياسية وارتداداتها المدمّرة.

 

لبنان الواقع بين الفوالق

يعرف العلماء أنّه توجد تحت الأرض فوالق عائمة فوق الحمم يؤدّي تحرّكها إلى اصطدامها، فتقع الهزّات الأرضية. ولبنان يقع بين هذه الفوالق. فإسرائيل بنظامها الإلغائي للآخر تجد في نجاح لبنان الرسالة خطراً عليها، بل وإدانة لها. لم تعد تطمع إسرائيل لا بمياهه وقد جفّ نهر الليطاني، ولا بأرزه لبناء الهيكل، لكنّها تحتاج إلى أن لا يكون دولة الرسالة، بل إنّها تريده أن يكون نموذجاً مسيئاً في قيادته للرسالة، تشويهاً لها وتعطيلاً لمحاولات انتشارها وامتدادها إلى المجتمعات الأخرى.

في ذلك تتلاقى النوايا الإسرائيلية السيّئة بالقيادات اللبنانية السيّئة على غير موعد، ومن دون ترتيبات مسبقة، لتحقيق هدف مشترك هو تفشيل لبنان الرسالة.

أمران لا يمكن تحقيقهما:

الأمر الأوّل: هو تعطيل المساعي الإسرائيلية الهادفة إلى تدمير لبنان الرسالة بالاعتماد على قيادة لبنانية فاسدة وسيّئة وغير مؤمنة أصلاً بالرسالة.

إقرأ أيضاً: حان وقت البحث عن المرشّح الثالث

الأمر الثاني: هو إنقاذ لبنان ممّا هو فيه على أيدي الذين تسبّبوا في انهياره، وبالنظام ذاته الذي استخدموه أداةً لتدميره وانهياره.

إنّ لبنان في أزمة استثنائية. وهو يحتاج إلى مبادرة استثنائية. والتعديل الدستوري الذي يفتح الرئاسات على الطوائف على النحو الذي سبقت الإشارة إليه، وتشكيل مجلس شيوخ ممثِّل للطوائف ومجلس نيابي عابر للطوائف وحكم إداري، ربّما يشكّلان باستثنائيّتهما الخطوة الأولى في طريق الألف ميل.

إقرأ أيضاً

ساعات الخيارات الصّعبة

“غد بظهر الغيب واليوم لي   وكم يخيب الظنّ بالمقبل” (عمر الخيّام) بالبداية، ليس لواحد مثلي مرتبط بشكل لصيق بقضية فلسطين ومبدأ مواجهة الاستعمار ومكافحة الظلم…

أين العرب في اللحظة الإقليميّة المصيريّة؟

الوضع العربي مأزوم. العرب في عين العاصفة. لا يحتاج الأمر إلى دلائل وإثباتات. سوريا كانت لاعباً إقليمياً يُحسب له ألف حساب، صارت ملعباً تتناتش أرضه…

ضربة إسرائيل في أصفهان وصفعة الفيتو في نيويورك

هل نجحت أميركا بـ”ترتيب” الردّ الإسرائيلي على طهران كما فعلت في ردّ الأخيرة على قصف قنصليّتها في دمشق؟ هل نجحت في تجنّب اتّساع المواجهة بين…

غزة: العودة من الركام إلى الركام

احتلّت الحرب على غزة منذ انطلاق شراراتها الأولى في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إلى أيّامنا هذه، أوسع مساحة في المعالجات الإعلامية المرئية والمقروءة…