السيّد وفرنجيّة شرٌّ لا بدّ منه

لم يكن سليمان فرنجية مرشّحاً مفضّلاً لرئاسة الجمهورية عند الأمين العام للحزب حسن نصر الله في يوم من الأيام على الرغم من انتسابهما إلى المحور نفسه في الداخل والإقليم. ينظر نصر الله إلى فرنجية تماماً كما ينظر إلى كامل الطبقة السياسية التقليدية، فهو شبيه لنبيه برّي وإيلي الفرزلي وأمين الجميّل. التحالف معه قدر وضرورة لا يمكن تجنّبهما.

الفوارق بين نصر الله وفرنجية لا صعوبة في إحصائها. فرنجية بطبيعته يجنح باتجاه التسويات الداخلية، وأمّا نصر الله فيعتمد الصدامات والأزمات للوصول إلى اتفاقات الأمر الواقع. فرنجية ما كان بينه وبين أيّ فريق من أيّ محور من خيط إلا عمل على المحافظة عليه وصيانته بين الفينة والأخرى. أمّا نصر الله فماهر بقطع الخيوط مع الجميع. فرنجية يحترم البيوتات السياسية اللبنانية، فهو من رحمها وأبرز أعمدتها. أمّا نصر الله فهو من كتلة الناقمين على هذه البيوتات منذ نعومة أظافره لأسباب عدّة اجتماعية-سوسيولوجية. فرنجية متمسّك بالهويّة العربية وإن اختلف معه الكثيرون على تفسير اتجاه هذه الهويّة، فيما نصر الله لا وجود للهويّة العربية في مصطلحاته السياسية والفكرية.

 

نصر الله كان يعلم

كان الأمين العام للحزب يعلم بداية أنّ جبران باسيل لن يقبل بسليمان فرنجية رئيساً للجمهورية خلفاً لعمّه. هو وعمّه منذ اللحظة الأولى لدخولهما قصر بعبدا عام 2016 اتّخذا موقفاً سلبياً من سليمان فرنجية ولم يفعل نصر الله تجاه ذلك شيئاً. كما كان يعلم علم اليقين أنّ ترشيحه لسليمان فرنجية سيجعله مرشّح تحدٍّ بالنسبة لباقي الأفرقاء في الداخل، والأهمّ بالنسبة للخارج عربياً وغربياً، فعمد إلى دعم ترشيحه.

لم يكن سليمان فرنجية مرشّحاً مفضّلاً لرئاسة الجمهورية عند الأمين العام للحزب حسن نصر الله في يوم من الأيام على الرغم من انتسابهما إلى المحور نفسه في الداخل والإقليم

الكلمة المفتاح في كلام نصر الله في إطلالته الأخيرة هي: “طالما أنّ جبران باسيل ليس مرشّحاً نحن ندعم ترشّح الوزير سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية”. ربط دعم فرنجية بعدم ترشّح باسيل، ووصّف ذلك بالدعم وليس بالتبنّي، وفي ذلك فليتنافس المفسّرون والمحلّلون. فيما البارز أنّ نصر الله في هذا المقطع من خطابه كان يخاطب جبران باسيل دون غيره بشكل غير مباشر كأنّه يقول له: “رئاسة الجمهورية ليست لك كما أنّها لن تكون لسليمان فرنجية، ليست لك لألف سبب وسبب أهمّها أنّك لست مرشّحاً، وليست لسليمان فرنجية لأنّني سأعلن دعم ترشيحه في الشكل والتوقيت غير المناسبين”.

 

ظلم سليمان فرنجيّة

ظُلِم سليمان فرنجية ثلاث مرّات. الأولى عندما ألزمه حزب الله بتأييد انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية، على الرغم من تأييد سعد الحريري وبعض حلفائه له رئيساً. الثانية عندما أُحرج داخلياً وخارجياً بأن يدافع عن جورج قرداحي بعد خطئه الجسيم بحقّ المملكة العربية السعودية كوزير للإعلام في حكومة نجيب ميقاتي. الثالثة عندما رشّحه الثنائي الشيعي، وتحديداً حزب الله، لرئاسة الجمهورية، وكان ترشيحاً يوازي الإقصاء.

إقرأ أيضاً: ترشيح الحزب لفرنجيّة: اللعب على حافة الهاوية

.. هل انتهت حظوظ سليمان فرنجية الرئاسية؟

من المؤكّد أنّ وصوله إلى قصر بعبدا، وتحديداً بعد إعلان نصر الله دعم ترشّحه، بات صعباً جداً، لكن أيضاً ليس بالمستحيل. هناك من يجنح إلى القول إنّ تسمية فرنجية من قبل نصر الله هي توطئة لاستجلاب صفقة مع الخارج، والفشل في الوصول إلى صفقة كهذه يجعل من فرنجية، مرشّح الحزب وسيّده، قدراً، تماماً كما التحالف معه، فهو كالزواج الذي وصفه الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه بـ”شرّ لا بدّ منه”.

 

لمتابعة الكاتب على تويتر: ziaditani23@

إقرأ أيضاً

وريقة صغيرة من نتنياهو إلى بايدن: إلزاميّ واختياريّان!

لم يتصرّف نتنياهو حيال الردّ الإيراني الصاروخي، كما لو أنّ ما حصل مجرّد تمثيلية، مثلما عمّم وروّج خصوم طهران. ولم يقتنع بأنّ حصيلة ليل السبت…

بعد غزة.. هل يبقى اعتدال؟

المذبحة المروّعة التي تُدار فصولها في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث التواطؤ الغربي شبه الكامل على منح إسرائيل كلّ التسهيلات…

لبنان ما زال في بوسطة عين الرمّانة!

مرّت ذكرى 13 نيسان. لا يزال شبح بوسطة عين الرمّانة مخيّماً على الحياة السياسيّة اللبنانيّة. ولا يزال اللبنانيون في خصام مع المنطق. لا يزال اللبنانيون…

لبنان بعد الردّ الإسرائيلي على إيران؟

لا يمكن الاستسهال في التعاطي مع الردّ الإيراني على استهداف القنصلية في دمشق. بمجرّد اتّخاذ قرار الردّ وتوجيه الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل، فإنّ ذلك يعني…