باسيل: قائد الجيش مرشح “الفتنة” الأمنية..

بدا المشهد النفطي في السراي الحكومي أمس مُنسلِخاً بالكامل عن “الجزيرة اللبنانية” المنكوبة بإعصارٍ يضربها من أكثر من جهة.

احتفى لبنان رسمياً بانضمام شركة “قطر إنرجي” إلى الكونسورتيوم النفطي المؤلّف من شركتَيْ “توتال” الفرنسية و”إيني” الإيطالية إيذاناً ببدء أعمال الحفر في البلوكين 4 و9 بعد توقيع اتفاقيّتَيْ الاستكشاف والتنقيب، وذلك في الوقت نفسه الذي “تتغمّق” فيه أعمال الحفر في “آبار” الأزمات الرئاسية والحكومية والقضائية والماليّة بعد تسليم كثيرين بأنّ “دولار الأزمة بات خارج السيطرة مع ما يعني ذلك من انزلاق الوضع الماليّ نحو الأسوأ. فيما لا أحد يعوّل على اجتماع المصرف المركزي اليوم للجم الارتفاع الجنونيّ في سعر الصرف”.

ثمّة من يشير في هذا السياق إلى “بلدة شتورة التي تتحوّل ليلاً إلى لاس فيغاس تَغلي بالتداول بالدولار حتى ساعات الفجر. صيارفة لا ينامون وحدود مفتوحة على مصراعيها لنقل دولارات والتهريب إلى الداخل السوري الذي بات مَصرفه المركزي يحتوي منذ أزمة النفط احتياطياً بالليرة اللبنانية، في مقابل حركة تحويل أموال إلى الخارج لم تتوقّف منذ بدء الأزمة”.

يلفت مصدر مطّلع في حديث إلى “أساس” إلى أنّه على الرغم من خطورة ما يَحصل في القضاء والقفزة الجنونية للدولار ليس من توجّهٍ إلى تخصيص جلسة حكومية للتباحث في هذين الملفّين

الأمن مجدّداً

خُلاصة الأيام الماضية تُنبئ بالمزيد من التطوّرات السلبية المُتراكِمة التي تكمن خطورتها في “نشاطها الزائد” القادر على استقطاب أحداث أمنيّة خطيرة لم يعد الكلام عنها تنظيراً وتخويفاً وحسب:

– على مستوى الحكومة، وخلافاً للبيان الصادر عن رئاسة الحكومة يوم السبت الذي حصر المسألة بجدول الأعمال واستكمال ملفّ التربية، يرتبط القرار النهائي المتعلّق بانعقاد الجلسة الثالثة لمجلس الوزراء في ظلّ الشغور الرئاسي مرتبط حصراً بمحاولة تداعيات التئام الحكومة مجدّداً. والتخريجة المقترحة تقوم على صدور المراسيم المرتبطة بجدول أعمال معروف يتضمّن البنود المؤجّلة من “جلسة الكهرباء” يضاف إليها بند الملفّ التربوي. ولذلك توقيت الجلسة ممكن في أيّ وقت.

في هذا السياق يلفت مصدر مطّلع في حديث إلى “أساس” إلى أنّه “على الرغم من خطورة ما يَحصل في القضاء والقفزة الجنونية للدولار ليس من توجّهٍ إلى تخصيص جلسة حكومية للتباحث في هذين الملفّين”.

– على صعيد حرب الصلاحيّات والدعاوى بين مدّعي عامّ التمييز القاضي غسان عويدات والمحقّق العدلي طارق البيطار، تشي المعلومات بصعوبة التئام مجلس القضاء الأعلى هذا الأسبوع بعد تطيير مشروع الجلسة الماضية، وخصوصاً أنّ أيّ اجتماع من هذا القبيل سيكشف غَلَبة التحالف المضادّ داخل المجلس في وجه ثنائية سهيل عبّود ـ طارق البيطار.

– لن يدعو رئيس مجلس النواب إلى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية ربطاً بتضاؤل فرص التوافق الرئاسي، فيما بات الحديث الفعليّ يتركّز أكثر على احتمال انعقاد جلسة تشريعية من ضمن بنودها اقتراح التمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على أساس سلّة يجري الحديث عنها همساً وتشمل المدير العامّ لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان وقائد الجيش العماد جوزف عون، ومن أسبابها الموجبة التخوّف من فراغ أمنيّ خطير في حال تطوّر الأزمة السياسية-الماليّة-القضائية سلباً وترجمتها من خلال أحداث أمنيّة على الأرض.

 

باسيل: التفاهم سقط

في مقابل هذه الوقائع أتى كلام النائب جبران باسيل عالي النبرة أمس في سياق تكريس وفاة “تفاهم مار مخايل” من خلال إعلان الاستعداد لـ”عقد تفاهم جديد مع حزب الله ومع أيّ مكوّن سياسي حول بناء الدولة شرط تنفيذه”، سائلاً “شو بعد فينا نعمل أكتر من هيك”. وغَمَز من قناة الحزب حين لفت إلى أنّ “منع الفتنة هو عمل سلبيّ بالمنع وليس إيجابياً كإنجاز”، مشيراً إلى “علامات استفهام لدينا حول السلوك المتعلّق باحترام الشراكة”.

بات لافتاً في الشكل إبراز باسيل شعار “لِوَحدنا” ضمن خلفيّة الصورة التي ظهرت وراءه في خطابه أمس، وذلك في تجسيد واقعي ربّما لانتقال حليفه الشيعي إلى الجهة المضادّة لمسار شريكه المسيحي.

تفيد المعلومات، نقلاً عن مصادر في التيار، بوجود ملفّ يُعمَل عليه بشكل سرّيّ بمتابعة شخصية من باسيل يتضمّن معطيات وأرقاماً وأسماء لمتعهّدين على صلة مباشرة بالعماد عون

باسيل – قائد الجيش: حرب مفتوحة

في الوقائع كلّ ما قاله باسيل يصبّ في سياق زيادة الشرخ مع جميع أخصامه، بالتزامن مع وضع خطوط حمر حيال أوراق التفاوض التي لا تزال قائمة مع حزب الله، وخصوصاً الرئاسية منها، عبر تكريس الفيتو ضدّ اسمَيْ رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وقائد الجيش جوزف عون. فكلام نائب البترون تجاوز كلّ السقوف من خلال توجيهه للمرّة الأولى اتّهامات صريحة لقائد الجيش بالفساد “عبر مخالفته قانون الدفاع وقانون المحاسبة العمومية. بياخد بالقوة صلاحيات وزير الدفاع وبيتصرّف على هواه بالملايين بصندوق للأموال الخاصة وبممتلكات الجيش”، مشيراً إلى “تهديدنا بانهيار أمنيّ، والحقن شغّال لتبرير وصول مرشّح الحاجة الأمنيّة”.

تفيد المعلومات في هذا السياق، نقلاً عن مصادر في التيار، بوجود “ملفّ يُعمَل عليه بشكل سرّيّ بمتابعة شخصية من باسيل يتضمّن معطيات وأرقاماً وأسماء لمتعهّدين على صلة مباشرة بالعماد عون يتولّون بعض الأعمال والصفقات المرتبطة بالجيش، فضلاً عن تأكيد باسيل وصول أموال طائلة إلى قيادة اليرزة لا رقيب عليها ولا حسيب”.

من جهة أخرى، نَزَع باسيل عن فرنجيّة “نَفَسَه الإصلاحي والمؤسّساتي. المنظومة بتعرف مين بدّها رئيس جمهورية، ونحن منعرف مين بمثّلها وبيشبهها. رئيس بتاريخه وحاضره يتقاسم الثروة النفطية مع أركان المنظومة، ويوقف التحقيق بسرقة العصر، ورئيس تعوّد يتحدّى القانون ويحمي المرتكبين. رئيس ما فكّر ولا مرّة بالحلول للمشاكل ولا إلو جلادة”.

 

ضرب جنون

في المقابل، حمّل باسيل خصومه وحزب الله مسؤوليّة فرض رئيس في حال عدم اتفاق المسيحيين على مرشّح واحد قائلاً: “إذا ما اتّفقنا مش معناها بيحق لحدن التفكير بأن يتخطّانا جماعيّاً. ضرب جنون إنّو حدا يفكّر بانتخاب رئيس جمهورية من دون المسيحيّين”.

إلى ذلك تدعو مصادر متابعة إلى رصد ردّة فعل حزب الله حيال جدول اقتراحات باسيل في المرحلة المقبلة وفق الترتيب الآتي:

– التصويت أو التوافق على لائحة مصغّرة من أسماء تضمّ أسماء طرحها التيار، لكنّ الأخير “لا يتمسّك بها ولم يتبنَّ ترشيحها”.

– الموافقة على “أيّ مرشّح قادر على الوصول شرط أن تنفّذ الكتل المؤيّدة له مطالب إصلاحية محدّدة”. هنا تحديداً يقول مطّلعون إنّ باسيل فتح ثغرة في الجدار الرئاسي يوحي بإمكانية “تقطيعه” لاسم فرنجية إذا تمكّن من حصد 65 صوتاً مع تكبيل مسبق له ولداعميه بسلسلة شروط إصلاحية.

إقرأ أيضاً: جنبلاط في بكركي يُسقط معادلة فرنجيّة ـ معوّض

– في حال فشل الخيارين الأوّل والثاني أعلن باسيل تفكيره جدّيّاً بالترشّح لرئاسة الجمهورية لحفظ مبدأ أحقيّة التمثيل. وبتأكيد قريبين من التيار الوطني الحر “هو الخيار الأقرب إلى أجندة باسيل”.

– آخر الخيارات هو “المُمانَعة السياسية الشرِسة ضدّ كلّ المنظومة والنظام. أنا ما عم هدّد وعنّا خياراتنا لنعيش بكرامتنا من دون ما نتقاتل مع شركائنا”، في تلميح صريح من باسيل إلى السير بخيار الفدرالية، التي يختصرها باللامركزية الإدارية والماليّة الموسّعة.

 

لمتابعة الكاتب على تويتر: MalakAkil@

إقرأ أيضاً

حين “يَعلَق” موكب ميقاتي بعجقة السير!

تتّسع دائرة الجفاء والتباعد على خطّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام المولوي والمدير العامّ لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. آخر الأخبار تؤكّد…

انتخابات روسيا: المسلمون واليهود صوّتوا لبوتين.. لماذا؟

حقّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فوزاً ساحقاً في الانتخابات الرئاسية الروسية التي أُجريت بين 14 و17 آذار الجاري. وإذا كان الغرب، وعلى رأسه أميركا، قد…

حلفاء “المحور” في لبنان… يخططون لـ”ما بعد طوفان الأقصى”

شهدت العاصمة اللبنانية بيروت في الأسبوع الفائت إنعقاد لقاء لقوى ومنظمات حزبية من محور الممانعة، منها قيادات في الحزب والجماعة الإسلامية وحركة حماس، وذلك بهدف…

هل يُسلّم البيطار ملفّه لمدّعي عام التمييز؟

من موقعه القضائي كرئيس لمحكمة التمييز الجزائية كان القاضي جمال الحجّار يتابع مراحل التحقيقات في انفجار المرفأ. وكانت لديه مقاربته القانونية-الشخصية للتعقيدات التي كبّلت الملفّ…