مُفاوضات اليمن: 3 نقاطٍ على الطّاولة… وخطّان أحمران لإيران

تنشطُ مُحرّكات سلطنة عُمان ودولة قطر بعيداً عن الأضواء في الوساطة بين المملكة العربيّة السّعوديّة وميليشيات الحوثي في مُحاولة للوصول إلى حلٍّ للأزمة اليمنيّة المُندلعة منذ انقلاب الحوثيين على الشّرعية اليمنيّة في 2015.

عقدَ الطّرفان عدّة جولات تفاوضيّة منذ أواخر أيلول الماضي، وزادت وتيرتها بعد بطولة كأس العالم في قطر. تولّى الثّنائي العُماني – القطريّ تقريب وجهات النّظر وتحديد نقاط التّفاوض وحصرها بـ 3 نقاط، يقابلها خطّان أحمران عند إيران. لكنّ هذا لا يعني أنّ الحلّ قد يكون قريباً.

قبل شهرٍ حطّ وزير الخارجيّة الإيراني حسين أمير عبد اللهيان رحاله في العاصمة العُمانيّة، والتقى السّلطان هيثم بن طارق ونظيره العُمانيّ بدر البوسعيديّ والمُتحدّث باسم حركة الحوثي محمّد عبد السّلام.

يشير اجتماع عبد اللهيان بالسّلطان هيثم بن طارق إلى أنّ الأخير يولي اهتماماً كبيراً للمُفاوضات، إذ طلبَ سُلطان عُمان من عبد اللهيان “عمل كلّ ما يلزم لتسهيل سيرها، لِما لذلك من انعكاسٍ إيجابيّ على منطقة الخليج بشكلٍ عامّ، وعلى العلاقات الإيرانيّة – السّعوديّة”، بحسبِ ما كشَف مصدر دبلوماسيّ عربيّ لـ”أساس”.

يشير اجتماع عبد اللهيان بالسّلطان هيثم بن طارق إلى أنّ الأخير يولي اهتماماً كبيراً للمُفاوضات، إذ طلبَ سُلطان عُمان من عبد اللهيان “عمل كلّ ما يلزم لتسهيل سيرها

هكذا كان، فقد طلبَ وزير الخارجيّة الإيرانيّ المتحدث باسم ميليشيات الحوثي من محمّد عبد السّلام أثناء لقائهما في سفارة إيران في مسقط التّعامل بإيجابيّة مع الجهود العُمانيّة – القطريّة، لكنّه حدّدَ للحوثيين نقطتيْن اعتبرهما “خطّاً أحمر” بالنّسبة إلى إيران، وهما:

-الأولى أن لا يتنازَل الحوثيّون عن السّيطرة على ميناء الحُديدة، سواء بالأمن أو النّار، أي أن يبقى الميناء أقلّه في مرمى صواريخ ومُسيّرات الحوثيّ. تسعى إيران عبر هذا المطلب إلى أن تضمّ الميناء، في حال انطلقَت العمليّة السياسيّة بين اليمنيين، إلى إقليم آزال الفدراليّ الذي لا يوجد له منفذ بحريّ ويضمّ مُحافظات صنعاء، صعدة، عمران، وذمار.

– الثانية أن يبقى سِلاح الحوثيين خارجَ النّقاش في الوقتِ الحاليّ.

يقول المصدر لـ”أساس” إنّ المُفاوضات، التي تجري في العاصمة العُمانيّة مسقط والرّامية إلى تثبيت وقف إطلاق النّار وإطلاق عمليّة سياسيّة في اليمن، تتقدّم ببطء، وإنّ السّعوديّة تتعاطى بـ”إيجابيّة وحذر” في المُفاوضات المحصورة بالنّقاط الآتية:

أوّلاً: إنشاء منطقة عازلة في المنطقة الحدوديّة بين السّعوديّة واليمَن. وهذه النّقطة من شأنها ضمان أمن المملكة العربيّة السّعوديّة، وأن تبقى المنطقة العازلة قائمة في حال لم يتوصّل الأطراف اليمنيّون إلى حلّ سياسيّ.

ثانياً: رفع الحظر الجوّيّ والبحريّ عن مطار صنعاء وميناء الحُديدة، مُقابل انسحاب ميليشيات الحوثي منهما على أن تتولّى الأمم المُتحدة الإشراف على حركة دخول وخروج الشّحنات والمُساعدات الإنسانيّة. وفي حال خرق الحوثيون هذا المطلب، يعود التّحالف العربيّ إلى فرض الحظر.

ثالثاً: البحث في مسألة رواتب “موظّفي حكومة صنعاء” الموالية للحوثيين. إذ يُطالب الحوثيّون أن تحوّل المملكة العربيّة السّعوديّة “الرّواتب” من حسابات الحكومة اليمنيّة في المصارف السّعوديّة بالدّولار الأميركيّ.

يكشف المصدر أنّ الرّياض ترفضُ هذا المطلب بشدّة، إذ إنّ السعودية لا تعترف بشرعية الحكومة التي شكّلها الحوثيّون عقب انقلابهم على الشّرعيّة اليمنيّة، وبالتّالي فإنّ هذه الأموال التي تُشكّل عائدات النّفط اليمنيّ قسماً كبيراً منها تعود إلى الحكومة اليمنية الشرعية، وهي التي تُقرّر كيفَ ومتى تُصرف.

يُعتبر المطلب الحوثيّ هذا إحدى أكثر نقاط المُفاوضات تعقيداً. وتُعتبر نقاط التفاوض الـ3 هذه مدخلاً أساسيّاً إلى تثبيت وقف إطلاق النّار في اليمَن وإطلاق العمليّة السّياسيّة بين الحوثيّين وباقي القوى السّياسيّة اليمنيّة.

إقرأ أيضاً: اليمن ما بعد الهجوم الحوثيّ

في الإطار نفسه، يقول مصدرٌ في وزارة الخارجيّة الأميركيّة لـ”أساس” إنّ واشنطن تدعم أيّ مُحادثات من شأنها إطلاق عمليّة سياسيّة في اليمن ووقف النّزاع الدّائر. ويؤكّد المصدر أنّ بلاده تدعم كلّ ما تجده السّعوديّة ضروريّاً لأمنها القوميّ، وأنّ البيت الأبيض أعاد تقويم الوضع في اليمَن، وقد يعود إلى إدراج جماعة الحوثيّ على لوائح الإرهاب في حال أفشَل الحوثيّون محاولة الحلّ التي ترعاها عُمان وقطر بتنسيقٍ مع المبعوث الأميركيّ إلى اليمن تيموثي ليندركينغ.

بين الحذر السّعوديّ والدّعم الأميركيّ، يخشى المسؤولون في الرّياض وواشنطن أن تُقدِم إيران على عرقلة المُفاوضات في اللحظات الأخيرة. يُراقب السّعوديّون خطوات طهران في هذا الملفّ، فهو أوّل اختبارٍ لجدّيّة تصريحات إيران “الإيجابيّة” نحو السّعوديّة. فإمّا أن تُقرَن الأقوال بالأفعال، وإمّا سيكون الحوار معها بلا جدوى…

 

لمتابعة الكاتب على تويتر: IbrahimRihan2@

إقرأ أيضاً

إيران وإسرائيل: نتّجه لحرب استنزاف طويلة بالمنطقة

بين ردّ إيران الضخم على قصف القنصلية الإيرانية في سوريا، وردّ إسرائيلي محدود على الردّ الإيراني. تتّجه المنطقة كلّها، بحسب مصادر مطّلعة على أجواء قوى…

ليلة قصف إسرائيل: هل تقرّر أميركا إسقاط نظام إيران؟

بين عامَي 2023 و2024 وقعت أحداث ستشكّل تحوّلات كبيرة في تحالفات المنطقة وخريطتها الجيوسياسية. منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول 2023) وتنفيذ حماس عملية “طوفان الأقصى”….

تركيا على خطّ الوساطة.. إبراهيم كالن في بيروت؟

بعد أشهر من المواقف “الضّبابيّة”، دخَلَت تركيا على خطّ الوساطة لحلّ أزمة تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل. تغيّرت لهجة الرّئيس التّركيّ رجب طيّب إردوغان،…

باسيل في جزّين: برّي حليف انتخابات 2026؟

يسرّع رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل خطواته في اتّجاه كسر الحواجز مع خصمه “السابق” الرئيس نبيه بري. زيارة باسيل لجزّين أمس ليست تفصيلاً،…