هكذا اعتدت إيران على السعوديّة(2): فضائيات على مدّ النظر

وضع النظام الإيراني منذ قدوم الإمام الخميني إلى طهران على طائرة تابعة للخطوط الفرنسية وبرعاية الاستخبارات الفرنسية شعار “تصدير الثورة” مخصصاً لذلك ميزانيات ضخمة لإنشاء المراكز الثقافية والجامعات ووسائل الإعلام، ودعم مؤسسات ذات صلة بالعلم والإعلام موجودة على أرض الواقع في البلدان العربية والإسلامية، وهو ما يمكن تعريفه بالقوة الناعمة بشقّيها الإعلامي والتعليمي.

1- الشقّ الإعلاميّ: سعى النظام الإيراني إلى السيطرة الكاملة على المجال الإعلامي العربي عبر تفريخ آليّ للقنوات الفضائية في العديد من العواصم العربية، إضافة إلى مراكز الدراسات وبعض المجلّات والصحف، وتحوّل لبنان نقطة الارتكاز لهذه الفضائيات تدريباً وتنظيماً وتوجيهاً حتى وصل الأمر حدّ وجود ما يزيد على 10 محطات فضائية من جنسيات عربية متعدّدة حول السفارة الإيرانية في بيروت بمنطقة بئر حسن أو ما يُعرف بالمربّع الأمنيّ الإيراني.

سعى النظام الإيراني إلى السيطرة الكاملة على المجال الإعلامي العربي عبر تفريخ آليّ للقنوات الفضائية في العديد من العواصم العربية

أبرز الفضائيّات الإيرانية الموجّهة إلى العالم العربي:

1- قناةالعالم“: سعت طهران إلى إنشاء قناة “العالم” الموجّهة إلى العالم العربي بشكل عام، وإلى العراق ولبنان بشكل خاص، واستعانت بخبرات إعلامية عربية من مختلف الجنسيّات، وبعض العراقيين من المعارضة الشيعية الذين لجأوا إلى طهران. ركّزت القناة منذ انطلاقتها على العراق ولبنان والقضية الفلسطينيّة والقوة السّياسيّة والعسكريّة الإيرانيّة وبرنامجها النّووي، وتشويه صورة من يعارض السّياسات الإيرانيّة من الدّول أو المؤسّسات، مستفيدة من المسمّيات من مثل “إسلاميّة إيران” و”شؤون الإسلام والمسلمين” و”دعم المقاومة”، فيما تتجاهل دعم المقاومة العراقيّة ودعم التنظيمات الشّيعيّة. ومنذ انطلاقة قناة “العالم” تمّ تجميد القسم العربي لقناة “سحر” الإيرانيّة التي أُسِّست عام 1980.

2- قناةالميادين” التي أُنشئت بتمويل إيراني كامل بهدف مواجهة قناتَيْ “العربيّة” و”الجزيرة”.

3- قناةالكوثر” 1980: تهتمّ بشكل خاص بالإعلام الديني عبر برامج مختلفة تطرح الفكر الشيعي.

4- فضائيةالمسيرة” الناطقة باسم الحوثيين.

5- فضائيةالساحات” الموالية للحوثيين التي تبثّ من بيروت.

6- فضائيةاللؤلؤة” المتخصّصة بالشأن البحريني والتي تبثّ من العاصمة البريطانية لندن.

7- فضائيةنبأ” الموجّهة ضدّ المملكة العربية السعودية.

8- فضائيةالاتجاه” التابعة لكتائب حزب الله في العراق وسوريا.

9- فضائيةالإشراق” التابعة لكتائب حزب الله في سوريا.

10فضائيةالإباء” التابعة لكتائب حزب الله في سوريا.

11فضائيةالنجباء” التابعة لفصيل “النجباء” الذي يقاتل في سوريا.

12فضائيةالغدير” التابعة لفصيل منظمة بدر.

13- فضائيّتا “العهد” و”العهد 2″ التابعتان لفصيل عصائب أهل الحق، الذي قاتل في سوريا.

تمتلك هذه القنوات وكالات أنباء إخبارية، مثل وكالة العهد نيوز. وتمتلك إذاعات موسّعة، مثل إذاعتَيْ “النجباء” و”الكوثر”، بالإضافة إلى عشرات المؤسسات التي تستمرّ في عملها تحت مظلّة الانتماء إلى اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية، الذي يرأسه حميد الحسيني “المرتبط بمدير الاتحاد الإسلامي العام كريم ياني الإيراني، الذي يجيد العربيّة، لكنّه يرفض التحدّث بها خلال المؤتمرات”.

سعت طهران إلى إنشاء قناة “العالم” الموجّهة إلى العالم العربي بشكل عام، وإلى العراق ولبنان بشكل خاص، واستعانت بخبرات إعلامية عربية من مختلف الجنسيّات

2- الشقّ التعليميّ: سار العمل التعليمي الإيراني في العواصم العربية في اتّجاهين:

1- منح جامعية دراسية تُوزّع على الطلاب العرب، وتحديداً السُنّة منهم، للدراسة في الجامعات الإيرانية، وهو ما حصل بكثافة في مدينة طرابلس اللبنانية التي وزّعت فيها المنح “حركة التوحيد” التي كان يرأسها الراحل الشيخ سعيد شعبان، ثمّ في العديد من المدن السورية، وبخاصة بعد وفاة الرئيس حافظ الأسد وتسلّم نجله بشار مقاليد الحكم حين بدأ النفوذ الإيراني بالتوسّع داخل نسيج الدولة والمجتمع السوريَّين.

2- إنشاء فروع متعدّدة لجامعة “أزاد الإيرانية” في مدن سورية وعراقية رئيسة، بالإضافة إلى توسيع فروعها في لبنان. واللافت هنا تصريح لكبير مستشاري خامنئي في السياسة الخارجية علي أكبر ولايتي قال فيه: “كتبت رسالة إلى الرئيس بشار الاسد أنّ جامعة أزاد مستعدّة لفتح فروع لها في سوريا، وبناء عليه أصدر الأسد مرسوماً يقضي بافتتاح فروع للجامعة في جميع المدن السورية”. وأضاف ولايتي أنّ “إدارة الجامعة ستعمل على توسيع فروعها التي افتُتحت في لبنان، وقد ناقشت الأمر مع زعيم حزب الله حسن نصر الله الذي حصل على تصريح لخطّة التوسيع من وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان”.

وفي تصريح آخر لولايتي عن أهداف الجامعة قال: “من أجل مساعدة الشباب العربي على استكمال التعليم العالي وتدريب الجيل المقبل على المقاومة تُشرك جامعة أزاد قوات الباسيج في مختلف أنشطتها الثقافية والاجتماعية والأيديولوجية”.

إقرأ أيضاً: هكذا اعتدت إيران على السعوديّة(1): 4 قواعد عسكرية لاحتلال مكة

حقّ العرب بالمواجهة

بعد كلّ الوقائع التي ذُكرت لمخطّط النظام الإيراني لغزو المجتمعات العربية تمهيداً لإخضاعها واحتلالها، من حقّ العرب أن يفكّروا ويخطّطوا ويعملوا من أجل ردّ هذا العدوان، ومن حقّ الأمير محمد بن سلمان وليّ عهد المملكة العربية السعودية أن يرى المواجهة بنقل المعركة إلى الداخل الإيراني كما جاء على لسانه في حوار تلفزيوني مع الزميل داوود الشريان. هي رؤيا تتحدّث عن مواجهة ناعمة لهجمة إرهابية خشنة بدأت في مكّة المكرّمة عبر الحرس الثوري المتنكّر عام 1987، ثمّ تفجير الزعيمة عام 1987، وتفجير الجبيل عام 1988، وتفجير الحرم المكّي عام 1989، وتفجير الخُبر عام 1996، ومحاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن عام 2011، وصولاً إلى اعتداءات الحوثيين بالصواريخ والمسيّرات الإيرانية على أرامكو وجيزان وجدّة ومكّة. هذا إذا استثنينا اعتداءات الباسيج الإيراني على سفارة وقنصليّات المملكة في إيران. إنّ تمويل قناة فضائية للمعارضة الإيرانية، إذا افترضنا أنّ الأمر قد حصل، لا يساوي شيئاً أمام كلّ هذه الاعتداءات الإرهابية. وفي هذا المقام يصحّ قول الشاعر:

“قتل امرئ في غابة    جريمة لا تغتفر

وقتل شعب آمن        مسألة فيها نظر”.

إقرأ أيضاً

العرب لا يثقون بأميركا… وينتظرون “حلّ الدولتين”؟

كان مجال اهتمامنا في ترقّب ضربة إيران ضدّ إسرائيل، هو القدرة والضرر الذي تُحدثه. بيد أنّ الأميركيين والأوروبيين، الذين كانوا يعرفون حدود القوّة الإيرانية، ما…

الحرب قد تدوم سنةً والفوضى الإقليميّة والترانسفير قادمان؟

المواجهة الأخيرة بين إسرائيل وإيران فصل من فصول الحرب الإقليمية الدائرة انطلاقاً من غزة، التي تنتظر بدورها مصير رفح… ويتوقّع بعض المتشائمين أن تستمرّ الحرب…

إردوغان يحمل ملفّ غزّة إلى البيت الأبيض: “الحركة” بلا سلاحها

كان غريباً انكفاء تركيا النسبي عن لعب دور نشط في المرحلة التي تلت مباشرة عملية “طوفان الأقصى” التي نفّذتها حركة “حماس” في 7 أكتوبر (تشرين…

معاناة بايدن :تصعيد المشاكل وفشل تصفيرها!

“لا يوجد أسوأ ولا أصعب من الوضع الحالي لمنطقة الشرق الأوسط. والخشية أن تتفلّت الأمور بحيث تخرج تماماً عن سيطرة الجميع فنصل إلى حالة الكارثة…