دعم بطريركيّ لميقاتي من دون “شيك على بياض”

زيارة رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي للديمان، حيث التقى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، هي زيارة روتينية تحصل كلّ عام. غير أنّ هذا العام حصلت باكراً بسبب توجّه ميقاتي إلى القيام بمناسك العمرة في الأيام المقبلة، والأهمّ أنّها جاءت باكرة لحاجة ميقاتي إلى غطاء مسيحي في مسيرة التشكيل، لم يحصل عليه من القوى المسيحية في مسيرة التكليف.

فهل حصل ميقاتي على شرعية مسيحية من المرجعية المارونية؟ وماذا طلب الراعي من ميقاتي في تشكيل الحكومة المقبلة؟

وضع ميقاتي البطريرك في أجواء لقاءاته مع رئيس الجمهورية وتكتّل لبنان القوي، مؤكّداً له أنّه قام بتقديم تشكيلته مباشرة بعد الاستشارات النيابية غير الملزمة، وذلك بهدف كسب الوقت. ولكنّ “فريق رئيس الجمهورية يتعامل مع ميقاتي وكأنّه سمّاه، ولولاه لَما أصبح رئيساً مكلّفاً”، تقول مصادر مطّلعة على اللقاء. وهذا ما ليس صحيحاً كما يعلم الجميع.

تمنّى ميقاتي على الراعي أن يساهم في إقناع القوى السياسية الرافضة المشارَكة في الحكومة بتغيير موقفها كي يتمكّن من تشكيل حكومة جديدة تحاكي المرحلة المقبلة

من جهته، انطلق الراعي في كلامه مع ميقاتي من عدّة نقاط:

1- كان الراعي يدعو القوى المسيحية إلى تسمية رئيس حكومة بعدما حصلت الانتخابات النيابية التي طالما دعت إليها بكركي والقوى السياسية.

2- انطلاقاً من عدم تسمية أيّ رئيس مكلّف يدعم الراعي ميقاتي في مسيرة التأليف على أن تحصل بسرعة لمواكبة أيّ أزمة ممكنة في الانتخابات الرئاسية.

3- عدم موافقة الراعي على التشكيلة التي قدّمها ميقاتي، وتفضيله أن تكون حكومة جديدة تشارك فيها القوى المعارضة أيضاً.

4- دعوة الراعي ميقاتي إلى تشكيل حكومة من جميع القوى لا تنطلق من دعمه لحكومات الوحدة الوطنية لأنّه يعتبرها تعطيليّة، وإنّما انطلاقاً من حاجة البلاد إلى حكومة تتمتّع بشرعية القوى على اختلافها، ولا سيّما السيادية منها، لكي تملأ الفراغ في رئاسة الجمهورية، إن حصل.

5- ينطلق الراعي في دعوته إلى عدم حصر أيّ حقيبة بأيّ طائفة.

أمام هذه المعطيات، اعتبر ميقاتي أنّه محكوم بتعديل حكومي فقط في ظلّ رفض القوى الأخرى المشارَكة في الحكومة، وإلّا فإنّ أيّ حكومة جديدة ستكون نسخة عن الحكومة الحالية، ولذلك تمنّى ميقاتي على الراعي أن يساهم في إقناع القوى السياسية الرافضة المشارَكة في الحكومة بتغيير موقفها كي يتمكّن من تشكيل حكومة جديدة تحاكي المرحلة المقبلة.

في نهاية اللقاء حصل ميقاتي على دعم الراعي من دون أن يعطيه شيكاً على بياض، كما تقول مصادر مطّلعة على جوّ اللقاء. فالبطريرك ينتظر من ميقاتي المحاولة، على الأقلّ، تشكيل حكومة فيها عناصر كافية لتتبنّى الحياد أو التحييد على اعتبارها ستمسك مقاليد البلاد في الفترة المقبلة، وعدم ترك الأمر إلى قوى الأمر الواقع.

إقرأ أيضاً: ملاكمة ميقاتي – باسيل: نجيب يتقدّم بالنقاط

إنّ تخوّف الراعي هذا عبّر عنه في عظة يوم الأحد من الديمان التي دعا فيها إلى انتخاب رئيس للجمهورية قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس عون. فهو يدرك أنّ أزمة فراغ تلوح في الأفق، والحكومة بأركانها الحاليّة ستتولّى الحكم.

غادر ميقاتي على أمل اللقاء القريب وعلى أن يرسل موفداً عنه بشكل دوريّ لإطلاع الراعي على مفاوضات التشكيل، لكنّه في الختام حصل على مظلّة مسيحية خسرها في التكليف.

إقرأ أيضاً

لبنان أمام خيارين: الحرب.. أو جنوب الليطاني “معزول السلاح”

ستّة عشر شهيداً سقطوا في أقلّ من أربع وعشرين ساعة في جنوب لبنان. هي الحصيلة الأكثر دموية منذ بداية الحرب. ليس هذا الخبر سوى مؤشّر…

حين “يَعلَق” موكب ميقاتي بعجقة السير!

تتّسع دائرة الجفاء والتباعد على خطّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام المولوي والمدير العامّ لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. آخر الأخبار تؤكّد…

انتخابات روسيا: المسلمون واليهود صوّتوا لبوتين.. لماذا؟

حقّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فوزاً ساحقاً في الانتخابات الرئاسية الروسية التي أُجريت بين 14 و17 آذار الجاري. وإذا كان الغرب، وعلى رأسه أميركا، قد…

حلفاء “المحور” في لبنان… يخططون لـ”ما بعد طوفان الأقصى”

شهدت العاصمة اللبنانية بيروت في الأسبوع الفائت إنعقاد لقاء لقوى ومنظمات حزبية من محور الممانعة، منها قيادات في الحزب والجماعة الإسلامية وحركة حماس، وذلك بهدف…