بوانتاج التكليف: ميقاتي بـ65؟

مبدئيّاً، وإذا لم يحصل أيّ مستجدّ من خارج السياق، سيكون نجيب ميقاتي رئيساً مكلّفاً يوم الخميس المقبل، إذا افترضنا أنّ الفريق العوني اقتنع بأنّ تأجيل موعد الاستشارات النيابية الملزمة إلى جولة ثانية لن يغيّر في المشهد الحكومي، وسيكون ميقاتي، ربطاً بعدد الأصوات التي سينالها، حُكماً رئيساً مكلّفاً لآخر حكومات عهد الرئيس ميشال عون.

وفق المعطيات، يتبيّن أنّ قنوات الاتصال والتواصل الرسمية بين القوى السياسية لا تزال خجولة، وستكون المهلة الفاصلة بين دعوة رئاسة الجمهورية للاستشارات النيابية، وجلوس النواب أمام رئيس الجمهورية للإدلاء بأصواتهم، مهلة حثّ لتفعيل خطوط النقاش والتشاور بين المعنيّين بالملفّ الحكومي.

لكن تظهر بالانتظار خارطة مواقف القوى المعنيّة، وفق الرسم الآتي:

– لا يزال الفريق العوني، وتحديداً رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، ممانعاً لعودة ميقاتي إلى السراي الحكومي، ويفضّل أن يكون الموقع الثالث في الهرمية الدستورية من نصيب شخصية سنّيّة أخرى، لسبب أساسي يتّصل بطبيعة الحكومة المنتظرة. إذ يريدها باسيل سياسية بامتياز، فيما يصرّ ميقاتي على رئاسة حكومة شبيهة بحكومة تصريف الأعمال. وهذا التباين يشكّل خطّين متوازيين يستحيل أن يلتقيا أقلّه في المدى المنظور. في هذا السياق يتردّد أنّ مروحة الأسماء التي يطرحها باسيل تبدأ بجواد عدرا وتنتهي بنواف سلام، على قاعدة أنّه منفتح على الحوار في هويّة رئيس الحكومة المقبلة.

وفق المعطيات، يتبيّن أنّ قنوات الاتصال والتواصل الرسمية بين القوى السياسية لا تزال خجولة

– تكاد تكون باريس أكثر الأطراف الدولية حماسة لعودة ميقاتي تحت عنوان إقرار وتطبيق الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي، على اعتبار أنّ هذا الملف يحتلّ جانباً أساسياً من اهتمامات الإدارة الفرنسية التي تعتبر هذه الإصلاحات ممرّاً إلزامياً لاستنهاض الاقتصاد اللبناني. فيما تفيد المعطيات أنّ الرياض غير معنيّة لتجديد ولاية رئيس حكومة تصريف الأعمال من دون أن يعني أنّها متحمّسة أو مستعدّة للقيام بأيّ مجهود بهذا الخصوص، لكنّها في الوقت عينه لن تمارس أيّ ضغط للحؤول دون عودة ميقاتي إلى السراي، خصوصاً أنّه قد يكون عمر هذه الحكومة أشهراً قليلة إذا ما اشتغلت قنوات التواصل الدولية لإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها، وهو سيناريو غير مستبعَد أبداً.

– تلتزم “القوات” موقفها القاضي بعدم المشاركة في حكومة وحدة وطنية، ولو أنّ هذا السلوك يعاكس كلامها عن امتلاكها مع حلفائها السياديين أكثرية نيابية، لكنها تتصرّف كأقلّية معارضة.

– ولا يزال الضياع يحيط بمواقف نواب “17 تشرين” المرجّح أن يذهبوا باتجاه تبنّي مرشّح من صفوفهم أو من خارج المنظومة التقليدية.

– حتى الآن، لم يحدّد الثنائي الشيعي موقفه من الاستحقاق الحكومي، لكنّ المعطيات تفيد أنّه أقرب إلى تسمية ميقاتي على قاعدة أنّها حكومة انتقالية، وبالتالي لا يمانع رئيس مجلس النواب نبيه بري ولا “حزب الله” من إعادة تكليفه لرئاسة آخر حكومات العهد. كذلك الأمر بالنسبة إلى عدد لا بأس به من النواب المستقلّين، وتحديداً أولئك الخارجين من رحم “الحريريّة السياسية”، إذ يتردّد أنّ رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لا يضع فيتو على عودة ميقاتي، وقد يطلب من هؤلاء النواب التصويت له، مع العلم أنّ تجمّع نواب الشمال يسرّون لِمَن يسألهم أنّهم سيكلّفون ميقاتي ولو بشروط محدّدة.

لهذا يُرجَّح أن يتمكّن ميقاتي من إعادة إحياء الأكثرية النيابية التي نالها برّي في انتخابه رئيساً لمجلس النواب، أي على حافة الـ65 صوتاً. من دون أن يعني أنّه سينال الرقم نفسه، مع العلم أنّه ليس بحاجة إلى هذا “السكور” ليكون رئيساً مكلّفاً. لكن وفق المعطيات سيُكلّف ميقاتي من جديد لرئاسة الحكومة، حتى من دون أصوات الكتلتين المسيحيّتين الكبريَيْن ما عدا نوّاب الطاشناق، وهي المعادلة نفسها التي حكمت انتخاب برّي رئيساً لمجلس النواب، أي من دون أصوات الكتلتين المسيحيّتين، في سابقة ستكون الثانية من نوعها خلال أسابيع معدودة.

إقرأ أيضاً: رئاستا الحكومة والجمهوريّة: One Deal؟

بيد أنّ تكليف ميقاتي لا يعني أبداً أنّ التأليف مضمون، لا بل تشير الترجيحات إلى أن لا تأليف في المدى المنظور نظراً للخلاف الجوهري على طبيعة الحكومة، الأمر الذي قد يبقي ميقاتي مكلّفاً… فقط.

إقرأ أيضاً

لبنان أمام خيارين: الحرب.. أو جنوب الليطاني “معزول السلاح”

ستّة عشر شهيداً سقطوا في أقلّ من أربع وعشرين ساعة في جنوب لبنان. هي الحصيلة الأكثر دموية منذ بداية الحرب. ليس هذا الخبر سوى مؤشّر…

حين “يَعلَق” موكب ميقاتي بعجقة السير!

تتّسع دائرة الجفاء والتباعد على خطّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام المولوي والمدير العامّ لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. آخر الأخبار تؤكّد…

انتخابات روسيا: المسلمون واليهود صوّتوا لبوتين.. لماذا؟

حقّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فوزاً ساحقاً في الانتخابات الرئاسية الروسية التي أُجريت بين 14 و17 آذار الجاري. وإذا كان الغرب، وعلى رأسه أميركا، قد…

حلفاء “المحور” في لبنان… يخططون لـ”ما بعد طوفان الأقصى”

شهدت العاصمة اللبنانية بيروت في الأسبوع الفائت إنعقاد لقاء لقوى ومنظمات حزبية من محور الممانعة، منها قيادات في الحزب والجماعة الإسلامية وحركة حماس، وذلك بهدف…