شكراً سلطان القاسمي

نعى الأستاذ فخري كريم رئيس مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، وفاة الشاعر العراقي الكبير مظفر النواب.

مظفر.. مات !

بموته يوقظ في وجداننا جذوة ماضٍ كاد أن ينطفئ بفعل قسوة الحاضر وتجرده من كل قيمة تُعلي من شأن الانسان، بل تتفنن في الحط من بارقة أمل في عبور دنس الرثاثة وسقوط المعنى وانزياح الظلامية المستبدة!

مات مظفر..

لكنه بقي منزها عن كل عيبٍ إنتبذه في سيرته وابداعه وحسه بالعدالة..
لم يفقد، رغم قسوة ترحاله في أزمان ومقامات كانت موضع حفاوة به، ظل متشبثاً بحنين مولده الى الوطن. لكنه لم يكن اي وطن. بل فضاءً يتسع بالأمل في المرتجى بعالم الفضائل واحلام السعادة، دون ان يثنيه عن ذلك القهر والاستبداد والعهر السياسي واشباه الرجال وفضلات الجهالة والغباء ومتعهدي الاستباحات التي يأنف عنها العيب نفسه.

مات مظفر  …

لكنه موت الانبعاث للتبشير باستحالة دوام الضيم، واستمرار أسر الوطن، واسترقاق ارادة العراقيين، وهيمنة لصوص المقابر الملثمين بجبنهم واحساسهم بالهزيمة التي لا مفر منها، مهما تطاولوا، وباي وسيلة تشبثوا، وباي سلاح تفرعنوا..

منذ عقدين، بقي مظفر زائراً مقيماً في المشافي، يتوسد الامه بصمت. وبين رحلة استشفاء وترجل، بقي مقيماً على إرادة رفض “هبات رخيصة” لأشباه رجالات دولة، كما لو انه ليس مظفراً. وفي كل مرة كان يرفض بما يشبه طرد حامل “البريد”.

كان يقول: يا للوقاحة، وهو يرد مظروف احد لصوص المال العام، يريد ان ازكي وساخة ضميره …!
ويكرر القول مع كل موفد يحمل عار رئيس وزراء، او وزير ملوث…
ظل مظفر، رغم سماحته، يأنف عن استقبال وزير او موفد وزاري، خشية من شبهة تنال من براءته..
عاش مظفر متجنباً، على قدر حساسية اللحظة التي يواجه فيها مصيره كل ما يمكن ان يثلم ما اراد ان يشكل هويته الانسانية، دون أن ينكر او يتنكر لضعفه الانساني وهو يواجه صروف الحياة وتقلباتها ومساراتها التي قل مثيلها من العسف والاستلاب..

مات مظفر دون ان يخلف ولداً او متاعاً او عهدة تكون موضع نزاعٍ او تربص. فقد وزع كل ما كان يملك من مال قبل عقدين من رحيله على من اصطفاهم من اهله المقربين، دون ان يفكر بانه اولى بما يملك وهو يعاند المرض والمصير المجهول..

لكنه ترك اخاً وصديقاً ورفيقاً قلما يوجد له مثيل بالوفاء، والإيثار، والرعاية، والحب. ترك له حازم الذي لم يفارقه لحظة واحدة ملازماً سريره دون انقطاع طوال ثلاثة عقود. حازم الذي كان له اماً واباً واخاً واختاً..

لم اعرف في حياتي ” فضيلة ” مداحي الملوك والامراء وذوي الجاه! .. لكني سأفعل هذا الان، منزهاً من كل مصلحة، دون ان التقي او احادث من اوجه له التحية والتقدير وخالص العزاء ايضاً، لأنه ظل يحتضن مظفر طوال مرضه مكرما معززا بصمت.. أحيي دون تردد وأيا كان وراء كرمه واحتضانه الشيخ سلطان القاسمي.

مات مظفر وفي خاطره بعد ان فقد التعبير: يا سعود احنه عيب انهاب يا بيرغ الشرجية..
سلاماً مظفر ..والى الملتقى ..!

إقرأ أيضاً

مروان عيسى.. لاعب كرة السلّة الذي اقتحم جدار غزّة

حتى اللحظة لم تنعَه حركة حماس، أعلنت إسرائيل رسمياً عن “اغتياله”. وحده البيت الأبيض الذي سارع إلى تأكيد خبر وفاته. فمن هو “رجل الظلّ” كما…

مجاهد منصور.. اسم على مسمّى

كان وحده. لم يصحبه أحد. ولا هو صحب معه أحداً. فردٌ واحدٌ “دوّخ” إسرائيل سبع ساعات متواصلة. تحدّث عنه الإعلام الإسرائيلي كما لو كان يتحدّث…

فيروز تغنّي غزّة: أغنية راهنة… عمرها 50 عاماً

فيروز تغنّي غزّة؟ خبر انتشر كالنار في الهشيم، فملأ وسائل التواصل الاجتماعي وشغل الناس. فما القصّة؟   هل هي أغنية جديدة؟ هل حقّاً فيروز تغنّي…

“حلّل يا دويري”: لواءٌ محا “وصمة” سعيد والصحّاف

من هو اللواء فايز الدويري، الذي بات “نجماً” تلفزيونياً بعد حرب غزّة. وانتشرت جملة “حلّل يا دويري” عن لسان مقاتل غزّاوي، وفي أغنية خلّدتها. وكيف…