جعجع للجميّل: أنتَ تخدم الحزب

اتّهم نائب القوات بيار بو عاصي رئيس حزب الكتائب سامي الجميل بالعمل بشكل غير مباشر لمصلحة حزب الله ضدّ مصلحة القوات.

هذا الواقع ليس فقط من الإفرازات الهجينة للانتخابات النيابية، بل يعكس أحد أوجه الصراع غير القابل للمعالجة بين الحزبين، والذي زكّته “استراتيجيّات” تأليف اللوائح و”خطف مرشّحين” ومناورات “الاستيلاء” على الأصوات من بيروت الأولى إلى بعبدا وكسروان والمتن.

المقعد الماروني الثالث في بعبدا هو محطّ أنظار الجميع: التيار الوطني الحر، القوات، الكتائب، الأحرار، ولائحة المعارضة الأساسية “بعبدا تنتفض”، ولائحة “بعبدا التغيير”.

حتى حزب الله لم يتوانَ جبران باسيل عن إقحامه في معمعة المقاعد المارونية. فبعد 17 عاماً من رفع العونيين شعار “استرداد” المقاعد المسيحية والضغط باتجاه القانون الأرثوذكسي الطائفي والمذهبي على قاعدة “المسيحيون ينتخبون المسيحيين”، أفتى باسيل بمشروعيّة الاستنجاد علناً بالأصوات الشيعية التي يمون عليها حزب الله قائلاً في المهرجان الانتخابي في الحدت: “أصواتنا لـ آلان عون. هو ليس بحاجة لدعاية، ووصوله مضمون. لكن لدينا إمكانية أن نفوز بنائب ثانٍ إذا نحن والحزب شدّينا حالنا”.

يشير خبراء انتخابيون إلى أنّ الحاضنة الشيعية الخارجة من عباءة الثنائي الشيعي هي أقرب إلى المرشّح رمزي كنج من المرشّح واصف الحركة

حالياً يَشغل المقعد الماروني الثالث النائب العوني حكمت ديب الذي حيّده جبران باسيل من أيّ تحيّة أو شكر في مهرجان الحدت. هو المقعد “الفالت” الذي سيزيد أو يُنقِص من حصّة الأحزاب المسيحية التي تتصارع مع قوى المعارضة على تحصين كتلتها النيابية تمهيداً للمعارك الكبرى بعد إقفال صناديق الاقتراع.

منذ أيام يجري تداول مقطع فيديو للنائب بو عاصي خلال مهرجان انتخابي في بعبدا يقول فيه صراحة: “بدّي اعرف شو هدف رئيس حزب الكتائب. لو كان هدفه بـ 2018 يحرّر المقعد الماروني لكان رشّح رمزي أبو خالد معي على اللائحة، وكنّا خلصنا من هالقصّة. وبـ 2022 لو هدفه يحرّر المقعد لم يكن ليدعم خليل الحلو. إذا هدفه عرقلة لائحة القوات. مشكلة سامي مع حزب الله أو مع القوات؟ بدّك توضّح يا سامي لأن في 7 أو 8 آلاف صوت سيصبّوا لصالح لائحة نعيم عون ورمزي و”خيي” جان أبي يونس”.

 

اللوائح التي ستفوز

في دائرة بعبدا-عاليه سبع لوائح: لائحة التيار الوطني الحر-حزب الله-حركة أمل، ويتوقّع خبراء انتخابيون حصدها ثلاثة مقاعد (مقعد ماروني ومقعدين شيعيَّين). ولائحة القوات والاشتراكي والأحرار التي يُتوقّع أن تنال المقعد الماروني الثاني والمقعد الدرزي، وهو ما يعني أنّ المقعد الماروني الثالث خارج حتى الآن عن سيطرة الجميع.

في مقابلهما خمس لوائح للمعارضة: أبرزها لائحة “بعبدا تنتفض” التي تضمّ نعيم عون وخليل الحلو وجان أبي يونس (موارنة) ورمزي كنج (شيعي). توصف هذه اللائحة بـ”الخيار الثالث” أمام البعبداويّين. ولائحة “بعبدا التغيير” التي تضمّ واصف الحركة (شيعي) وميشال الحلو وزياد عقل وروبير خليفة (موارنة)، وعبير ناجي (درزيّة)، وهي مدعومة من مجموعات معارِضة.

من حيث يدري أو لا يدري كَشَف بو عاصي من خلال هجومه المباشر على الكتائب “الخطر” الذي تشكّله لائحة “بعبدا تنتفض” على هدف القوات لوضع يدها على المقعد الثالث للمرّة الأولى منذ العام 2005.

فقد قدّر بو عاصي نيل لائحة “بعبدا تنتفض” التي تضمّ المرشّح خليل الحلو المدعوم من الكتائب نحو ثمانية آلاف صوت. مع العلم أنّ حجم حزب الكتائب الانتخابي في بعبدا لا يتجاوز 2,500 صوت، إذ نال مرشّحه رمزي أبو خالد في الانتخابات الماضية نحو 2,500 صوت تفضيلي.

يشير خبراء انتخابيون إلى أنّ الحاضنة الشيعية الخارجة من عباءة الثنائي الشيعي هي أقرب إلى المرشّح رمزي كنج من المرشّح واصف الحركة، وتتنافس لائحتا “بعبدا تنتفض” و”بعبدا التغيير” على الأصوات المسيحية والدرزية، خصوصاً أّنّ الحاضنة الأساسية للمعارضة في القضاء هي مسيحية.

وقد استطاعت لائحة “بعبدا تنتفض” استقطاب مجموعات تقاطعت مصلحتها الانتخابية في التصويت لهذه اللائحة ولأهداف عدّة: رفض التصويت للّوائح الحزبية المحض، النقمة على العهد، النقمة على سلاح حزب الله، والخروج من كنف لوائح السلطة والمعارضة المشتّتة.

يتوسّع الشرخ بين الكتائب والقوات في دوائر انتخابية عدّة، في بيروت الأولى والمتن والشمال الثالثة وكسروان وجزّين. يتبادل الطرفان الاتّهامات بتحمّل مسؤولية عدم توحيد الجهود

يستبعد خبراء انتخابيون إمكانية نيل لائحة التيار وحزب الله أكثر من ثلاثة حواصل تمكّنها من إبقاء المقعد الماروني بيد باسيل. فيما تسعى القوات إلى الفوز بالمقعد بحيث يؤول إلى أحد مرشّحَيْها رئيس حزب الوطنيين الأحرار كميل دوري شمعون أو ألكسندر كرم.

وتملك المعارضة حظوظاً واقعية لنيل المقعد، فيما سيكون لخسارة العونيين تأثيرات سياسية كبيرة بسبب رمزية المقعد في منطقة القصر الجمهوري وأحد معاقل العونية بعدما حقّقوا نصراً ثلاثيّاً عام 2009 عبر الفوز بمقاعد القضاء المارونية الثلاثة بدعم من حزب الله.

أدخل القانون النسبي عام 2018 القوات شريكاً مضارباً من خلال نيابة بو عاصي، وسمير جعجع يعتبر أنّ معركته الكبرى اليوم اقتناص المقعد من يد التيار.

 

جعجع vs الجميّل

يتوسّع الشرخ بين الكتائب والقوات في دوائر انتخابية عدّة، في بيروت الأولى والمتن والشمال الثالثة وكسروان وجزّين. يتبادل الطرفان الاتّهامات بتحمّل مسؤولية عدم توحيد الجهود لإضعاف كتلة التيار الوطني الحر النيابية، مع اتّهام متبادل بـ”سرقة مرشّحين”. وفي كسروان مثلاً يُترجَم الكباش بامتياز بين لائحة نعمة افرام والمرشّح الكتائبي فيها سليم الصايغ، ولائحة القوات، وذلك بسبب “تسرّب” أصوات مؤيّدين لمعراب إليها، وهو ما يزيد الشرخ بين الطرفين.

يرى كثيرون أنّه فيما كان يتلهّى سامي الجميل بزواريب الدوائر، كان جعجع يتصيّد الكتائبيّين على لوائحه أمثال ألكسندر كرم في بعبدا الذي ينتمي إلى بيت كتائبي، ورشّح في الشوف إيلي قرداحي رئيس إقليم الكتائب السابق عن أحد المقاعد المارونية. واضطرّ سامي إلى تعيين بديل عن رئيس إقليم الكتائب في بعبدا نجيب بو عاصي بعد اكتشافه أنّه يعمل لمصلحة القوات.

شكّلت بيروت الأولى ساحة كباش حقيقي بين الكتائب والقوات. فقد خسرت معراب التحالف المحتمل مع ميشال فرعون، وفوق ذلك “تسرّب” نديم الجميل من لائحة القوات إلى لائحة أنطون الصحناوي. وهذا ما قاد القوات إلى التعويض بترشيح جورج شهوان، وهو وجه بيروتي معروف ورئيس نادي الحكمة السابق ويُصنّف في خانة المستقلّ.

يدرك العارفون حجم قلق نديم الجميل من خسارة المقعد، ولا سيّما أنّ المرشّح جورج شهوان كان يردّد أخيراً أنّ “سمير جعجع وَعَده بدعمه للآخر”، في حين أنّ معركة القوات أرثوذكسية بامتياز.

إقرأ أيضاً: الانتخابات: تدور في “الزواريب”.. وصداها في العواصم الكبيرة

يردّد القواتيون أنّ “نديم ضعيف، ولن يأخذ أيّ صوت منّا. في المرّة السابقة أعطيناه من كوتا القوات كي يسبق مسعود الأشقر، وقد ربح عليه بفارق بسيط. أمّا اليوم فمعركتنا أوّلاً من أجل غسان حاصباني ثمّ جورج شهوان”.

من ناحية أخرى، يرصد المتابعون تفوّق سامي على سمير في التحالف مع لوائح المعارضة والتنسيق معها في معظم المناطق، فيما ترفض التحالف مع القوات. 

إقرأ أيضاً

لبنان أمام خيارين: الحرب.. أو جنوب الليطاني “معزول السلاح”

ستّة عشر شهيداً سقطوا في أقلّ من أربع وعشرين ساعة في جنوب لبنان. هي الحصيلة الأكثر دموية منذ بداية الحرب. ليس هذا الخبر سوى مؤشّر…

حين “يَعلَق” موكب ميقاتي بعجقة السير!

تتّسع دائرة الجفاء والتباعد على خطّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام المولوي والمدير العامّ لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. آخر الأخبار تؤكّد…

انتخابات روسيا: المسلمون واليهود صوّتوا لبوتين.. لماذا؟

حقّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فوزاً ساحقاً في الانتخابات الرئاسية الروسية التي أُجريت بين 14 و17 آذار الجاري. وإذا كان الغرب، وعلى رأسه أميركا، قد…

حلفاء “المحور” في لبنان… يخططون لـ”ما بعد طوفان الأقصى”

شهدت العاصمة اللبنانية بيروت في الأسبوع الفائت إنعقاد لقاء لقوى ومنظمات حزبية من محور الممانعة، منها قيادات في الحزب والجماعة الإسلامية وحركة حماس، وذلك بهدف…