رياض سلامة: أصوات المغتربين بخير!

اعتباراً من اليوم، يُنتظر أن تبدأ صناديق اقتراع المغتربين بالوصول إلى مطار رفيق الحريري الدولي. هذه الصناديق (مدري الأكياس) ستتسلّمها وزارة الداخلية والبلديات، وينتهي عندئذٍ دور وزارة الخارجية.

الحكومة تطمئننا نحن المواطنين اللبنانيين، مشاركين كنّا أم مقاطعين، إلى أنّ هذه الصناديق بين أيادٍ أمينة لأنّها ستُودَع خلف أبواب خزائن مصرف لبنان الموصدة.

تُرى ماذا سيفعل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بهذه الأصوات خلال مهلة الأسبوع الفاصل بين موعد اقتراع المغتربين والمقيمين؟ هل سيخرج علينا ببيانات بين الحين والآخر عبر وكالة “رويترز”، حتى يخبرنا أنّ “أصوات المغتربين بخير”؟

ربّما سيسلّم السلطة أصوات ناخبيها على سعر الصرف الرسمي، ويحاسب التغييريّين مثمّناً أصواتهم على سعر منصّة “صيرفة” التي تعمل 5 أيام في الأسبوع ساربةٍ بالنهار، أو ربّما يحيلهم إلى “السوق السوداء” وصرّافي الأصوات الذين ينشطون مع كلّ قَطعٍ من الليل. ربّما يفرضُ حجزاً عليها هي الأخرى.

الحكومة تطمئننا نحن المواطنين اللبنانيين، مشاركين كنّا أم مقاطعين، إلى أنّ هذه الصناديق بين أيادٍ أمينة لأنّها ستُودَع خلف أبواب خزائن مصرف لبنان الموصدة

الكارثة إذا أخفى سلامة الأصوات، ثمّ عكف على إخراجها من خزائنه بالتقسيط. عندها قد يتنطّح “العهد القويّ” مرّة أخرى، فيطالب بشركة “تدقيق جنائي” من أجل الكشف عن “الأصوات المهرَّبة”. عندها سيصدق “العهد القويّ” ويجعل جهنّمَ حصيراً، فتنهار قيمة الأصوات التمثيلية، وتُصاب الانتخابات النيابية بالتضخّم المفرط، فتفرّخ مثل الفِطر بعد ذلك التطبيقات على الهواتف الذكية لبثّ “سعر صرف الناخب”، ثمّ يمسي لدينا مخزون “احتياطي إلزامي” من الأصوات، ويبدأ مصرف لبنان بصرفها حزمة تلو حزمة لأغراض الدعم، فتنشأ عقب ذلك جمعيّات وهيئات أهليّة لضمان حقوق الناخبين، إلى جانب تلك الخاصّة بالمودعين، ثمّ ننتظر حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً…

مَن يدري؟ قد تجتمع الحكومة وقد يشكّل البرلمان الحالي الممدِّد لنفسه اللجان فيمتدّ فرز الأصوات لسنتين ونيّف بحثاً عن مخرج مناسب في سبيل إصدار اقتراح أو مشروع قانون خاصّ بـ”Vote Control”، ثمّ يخرج رئيس مجلس النواب نبيه برّي ليقول للمغتربين: “لن يمرّ”، و”حقوق الناخبين محفوظة”… ثمّ تتوالى التسميات والمصطلحات من صنف: صغار الناخبين وكبارهم.

عندها قد يخرج المغتربون ويقولون: “لقد لقينا من سفرنا نَصَباً”، فتجتمع الحكومة بوفود من “صندوق الانتخاب الدولي”، ثمّ تضع خطّة “تعافٍ انتخابيّ” تُحصي على الناس أصواتها، فتقترح إعادة الأصوات للصغار منهم، وإدخال كبار الناخبين شركاء في قسمة ضيزى، على طريقة الـBail in.

إقرأ أيضاً: “صديقي جبران”… إسأل روحك

أمّا المقاطعون، المُعرِضون عن الاقتراع، فالويل لهم، وهم الذين لن يستطيعوا مع السلطة صبراً، وقد أرهقتهم طغياناً وكفراً، فيصطفّون على أبواب المنظمات الدولية وهيئات المجتمع المدني للحصول على حفنة من الأصوات ليسدّوا بها جوعهم الانتخابي وعطشهم للزعامة، ويطالبون “البنك الدولي الانتخابي” ببطاقات تمويلية علّها تقيهم لباس الجوع والخوف.

حينها فقط تصدُق نبوءة وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام المولوي فنحظى نحن بدورنا، فعلاً لا قولاً، بانتخابات نيابية “بتجنّن”… أليس في جهنّم مثوى للمقاطعين؟

الله يثبّت العقل والدين…

*هذا المقال من نسج خيال الكاتب

إقرأ أيضاً

العرب لا يثقون بأميركا… وينتظرون “حلّ الدولتين”؟

كان مجال اهتمامنا في ترقّب ضربة إيران ضدّ إسرائيل، هو القدرة والضرر الذي تُحدثه. بيد أنّ الأميركيين والأوروبيين، الذين كانوا يعرفون حدود القوّة الإيرانية المحدودة،…

الحرب قد تدوم سنةً والفوضى الإقليميّة والترانسفير قادمان؟

المواجهة الأخيرة بين إسرائيل وإيران فصل من فصول الحرب الإقليمية الدائرة انطلاقاً من غزة، التي تنتظر بدورها مصير رفح… ويتوقّع بعض المتشائمين أن تستمرّ الحرب…

إردوغان يحمل ملفّ غزّة إلى البيت الأبيض: “الحركة” بلا سلاحها

كان غريباً انكفاء تركيا النسبي عن لعب دور نشط في المرحلة التي تلت مباشرة عملية “طوفان الأقصى” التي نفّذتها حركة “حماس” في 7 أكتوبر (تشرين…

معاناة بايدن :تصعيد المشاكل وفشل تصفيرها!

“لا يوجد أسوأ ولا أصعب من الوضع الحالي لمنطقة الشرق الأوسط. والخشية أن تتفلّت الأمور بحيث تخرج تماماً عن سيطرة الجميع فنصل إلى حالة الكارثة…