الجماعة الإسلامية والانتخابات: عوامل فشل الصفّ القيادي الأول (1)

2022-04-04

الجماعة الإسلامية والانتخابات: عوامل فشل الصفّ القيادي الأول (1)

مدة القراءة 7 د.

تُشكِّل الحركات والهيئات الإسلامية جزءاً من المشهد السياسي والاجتماعي في لبنان، وهي تأخذ أدواراً متفاوتة حسب المراحل والموجات الداخلية والخارجية، وتصبح مشاركتها في الانتخابات النيابية محكومة بهذه العوامل، سواء لجهة رفع حظوظها أو تضاؤل إمكانية وصولها إلى الندوة البرلمانية، والحديث هنا عن الجماعة الإسلامية بشكل أساس، كونها التنظيم الذي خاض العمل السياسي خلال الحرب الأهلية، من دون أن ينجح في الوصول، وكان لها في أول انتخابات نيابية بعد الحرب كتلة من ثلاثة نواب.

استعداداً لانتخابات 2022 أعلنت الجماعة الإسلامية عشرة مرشحين لها في مختلف المناطق، وهم: يحيى البريدي عن البقاع الشمالي، وليد السروجي عن زحلة، علي أبو ياسين، عن البقاع الغربي راشيا، بسام حمود، عن صيدا، محمد شعبان عن الشوف عالية، محمد عمار الشمعة (من برجا) عن الشوف عاليه، عماد الحوت/ بيروت، محمود السيد عن الضنية، محمد هوشر عن عكار، عزام الأيوبي عن طرابلس.

تواجه الجماعة سلسلة إشكالات سياسية وتنظيمية، تجعلها تقف أمام مصاعب شتى، أبرزها إشكالية التحالفات وتشكيل اللوائح

لاحقاً، سحبت الجماعة ترشيح الدكتور وليد سروجي وتبنّت ترشيح الشيخ وليد اللويس، الذي يحظى بدعم الشيخ عدنان أمامة، وبعض الأوساط العلمائية.

تواجه الجماعة سلسلة إشكالات سياسية وتنظيمية، تجعلها تقف أمام مصاعب شتى، أبرزها إشكالية التحالفات وتشكيل اللوائح، وهي تعاني في كلّ المناطق من عدم حماسة القوى السياسية للتعاون معها أو إدخال مرشحيها في اللوائح، نظراً لما يراه القائمون على تشكيل اللوائح من وتراجع في شعبية الجماعة لا يؤهّلها في أي دائرة لبلوغ الحاصل الانتخابي:

– في بيروت، فشلت محاولات التحالف مع الرئيس فؤاد السنيورة، وتحالف مرشح الجماعة الدكتور عماد الحوت مع نبيل بدر في محاولة من التحالف للتموضع غير بعيد عن الأجواء التي تُرضي تيار المستقبل، من دون ضمانة بأن يذهب الحاصل في اللائحة للحوت وليس إلى نبيل بدر.

موقف الحوت أحدث إشكالاً داخلياً، خاصة أنّ البعض سوّق سبب التحالف مع بدر بأنّه ابتعاد عن التحالف مع السنيورة تحسّباً لاحتمال عودة الرئيس سعد الحريري إلى العمل السياسي.

– في طرابلس، واجهت الجماعة إشكالية وجود مرشحين يأتون من الخلفية الإسلامية على أكثر من لائحة، ما يجعل ترشيح أمينها العام الشيخ عزام الأيوبي غير مدعوم بإجماع الهيئات الإسلامية، رغم سلسلة اللقاءات التشاورية التي جرت في الأشهر القليلة الماضية. وبعد مخاض عسير ولدت لائحة “التّغيير الحقيقي” في ?دائرة الشمال الثانية، وسُجّلت في وزارة الداخلية والبلديات برئاسة المرشّح إيهاب مطر، وتضمّ: عن المقعد السنّي بالاضافة إلى مطر، الأمين العام لـ”الجماعة الإسلامية” ?عزام الأيوبي?، فرح حداد، أحمد المرج، زين مصطفى، طوني محفوض (مقعد الرّوم الأرثوذكس)، بول حامض (المقعد الماروني)، فراس سلوم (المقعد العلوي)، محمود السيد وسمير طالب (الضنية?)، محمد دهيبي.

اللافت في هذه اللائحة أنّها تضمّ عملياً ثلاثة مرشحين من الجماعة ومرشحة ترتبط بصلة قربى مع قياديين فيها. فالمرشحان المعلنان من الجماعة هما الأمين العام الشيخ عزام الأيوبي والدكتور محمود السيد، أمّا غير المعلن فهو محمد الدهيبي، بينما ترتبط المرشحة فرح حداد بصلة قربى مع أحد قياديي الجماعة، من دون أن يكون لذلك بعد تنظيمي بالضرورة.

بحسب توقعات مصادر قيادية فإنّ الجماعة تتوقع الحصول على ما يزيد عن السبعة آلاف صوت تفضيلي، بينها خمسة آلاف في طرابلس، والبقية على مستوى الدائرة. وقد أحدث ترؤس المرشح إيهاب مطر ضجة داخل الجماعة تفاعلت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لكنّ المرجح أن يعود ذلك لأسباب تتعلّق بالحجم الذي نالته الجماعة في اللائحة، إضافة إلى حاجتها إلى تحالف مقبول على مستوى المدينة، خاصة أنّ مطر يأتي من عالم الاغتراب ومن المجتمع المدني، وتمكّن من تنظيم حملته الانتخابية بشكل أثار اهتمام أوساط وشرائح في المدينة وجدت فيه مرشحاً بعيداً عن الطبقة السياسية الفاسدة، تمكّن من مخاطبة الرأي العام بطريقة مقبولة وغير استفزازية، بعكس المرشح الآخر الآتي من الاغتراب عمر حرفوش.

بحسب توقعات مصادر قيادية فإنّ الجماعة تتوقع الحصول على ما يزيد عن السبعة آلاف صوت تفضيلي، بينها خمسة آلاف في طرابلس، والبقية على مستوى الدائرة

أما الجماعة فإنّها تواجه مجموعة إشكالات تنظيمية في طرابلس ودائرتها، أهمها:

ــ تداعيات المواجهة الطويلة بين فريق الأمين العام الشيخ عزام الأيوبي والفريق المعارض له، وعلى رأسه القيادي التاريخي في الجماعة غسان حبلص، وما شهده هذا الصراع من خروج للطاقات الفاعلة، والتي اتّحد عدد كبير منها في “التجمع المهني للإصلاح والتنمية” الذي بات يحقّق نتائج متقدمة في انتخابات المهن الحرة، كان آخرها انتخاب أربعة أعضاء جدد لمجلس النقابة في فروع المدنيين الاستشاريين، والتي كان أول الفائزين فيها عضو التجمع المهندس صفوان الشهال بـ827 صوتاً، بينما حلّ الدكتور ناهد غزال عن الجماعة الإسلامية آخر الفائزين بـ 553 صوتاً.

إستنزف هذا الصراعُ الجماعةَ في نخبها، ففقدت شريحةً كبيرة منها باتت تقف في اصطفافٍ معارض لسياسات القيادة، وكان من تداعياته التراجع الواضح لأصوات الجماعة في الدائرة، وخاصة في بلدة القلمون بعد التخلّي الذي مارسته قيادتها تجاه مرشحها السابق في انتخابات 2018 الدكتور وسيم علوان الذي حصد 2000 صوت تفضيلي في طرابلس والميناء والبداوي والقلمون، منها 555 صوتاً في بلدته (القلمون) ليحلّ حينها في المرتبة الأولى فيها، وفي ضوء الانقسام الذي تسببت به تلك الانتخابات في صفوف الجماعة، والخلاف مع حبلص، أصبح من المتعذر للغاية أن يستطيع الأيوبي تحصيل رقم متقدّم في البلدة التي كانت تعتبر أحد أهم معاقل الجماعة في الشمال.

وفي المنية، تعاني الجماعة من آثار الانقسامات التي نجمت عن الانتخابات البلدية الأخيرة، والتي أسفرت عن انقسام في صفوفها، لا تزال آثاره مستمرة حتى اليوم، بالإضافة إلى وجود مرشح عن الحراك في المنية يأتي من البيئة الإسلامية، وهو عضو الشورى في هيئة علماء المسلمين الشيخ محمد أسوم، وهذا سيضيف عنصر ضعف جديداً لأداء الجماعة الانتخابي على مستوى الدائرة.

في عكار، خاضت الجماعة مفاوضات مع القوات اللبنانية ومستقلين، مستندة إلى أنّ مرشحها محمد هوشر يحظى بشعبية جيدة وحضور دائم بين أهالي عكار منذ سنوات طويلة، فهو شخصية منفتحة ولديه قدرة كبيرة على حسن التواصل، مما يجعل اسمه مقبولاً وجاذباً في المقاربات الانتخابية، بالإضافة إلى وجود مسؤول تنظيمي من القياديين المؤسسين للجماعة يتولى شؤونها في عكار هو الأستاذ سعيد خلف، والذي يحظى باحترام واسع في المجتمع العكاري، لكن تشكيل اللوائح بقيت له الكلمة الفصل، واضطرت الجماعة إلى سحب مرشحها في عكار. وأعلنت في بيان: “نظراً للظروف التي مرت بها عملية تشكيل اللوائح للانتخابات النيابية 2022 والتي لم تساعدنا على تشكيل لائحة أو التحالف مع آخرين لذلك نعلن عدم الاستمرار في عملية ترشيح الاخ محمد هوشر، واتخاذ القرار المناسب لاحقا بشأن عملية التصويت ودعم من هم أهل للدفاع عن قيم ومصالح اهلنا في عكار”.

إقرأ أيضاً: المستقبل يؤدّب “الخوارج”

عوامل كثيرة تضع صعوبات أمام نجاح الجماعة الإسلامية في العودة إلى الندوة البرلمانية وسط هدوء انتخابي ملحوظ في  حركة مرشحيها في المناطق، لكنّها تبقى أحد اللاعبين المؤثرين في المشهد الانتخابي، وهذا ما سنكمل رصده في الجزء الثاني من هذه المقاربة السياسية والانتخابية.

في الحلقة الثانية غداً:

هذا ما جنته الصراعات التنظيميّة

إقرأ أيضاً

فيصل القاسم “لامس” 22 مليون عربي.. بحكاية فقره وجوعه؟

أحدثت إطلالة الإعلامي الشهير فيصل القاسم، عبر حلقة من برنامج بودكاست “ضيف شعيب”، ضجّة كبيرة على منصّات التواصل الاجتماعي، وحصدت أرقاماً قياسية في عدد المشاهدات….

هل تمرّ رئاسة الجمهوريّة من “خُرم” البلديّات؟

لا مشكلة نصاب في جلسة التمديد الثالث للبلديّات اليوم. تكتّل “لبنان القويّ” برئاسة جبران باسيل وكتلة “اللقاء الديمقراطي” برئاسة تيمور جنبلاط وعدد من النواب قاموا…

الغداء الرئاسي الفرنسي؟

ثلاثة عناوين تركّز عليها فرنسا لإعادة تجديد دورها على الساحة اللبنانية. تستعيد باريس نشاطها بعد تيقّنها من أنّ المسار الذي انتهجته منذ عام 2020 لم…

اللاءات الأربع للحزب تفرمل الخماسية..

في مقابل الحراك الدولي والداخلي الناشط بكلّ الاتّجاهات، جنوباً ورئاسيّاً ونزوحاً سوريّاً، تؤكّد أوساط مطّلعة لـ “أساس” أنّ تحرّكات الدول المعنيّة بخفض التصعيد على الحدود…