تقرير إسرائيليّ: حرب شاملة ضدّ لبنان

“على إسرائيل الاستعداد لحرب شاملة في لبنان لتحييد حزب الله كأولويّة قصوى، وأن يكون الهدف العامّ تسهيل تشكيل حكومة معتدلة في لبنان بعد هزيمة حزب الله”. جاء ذلك في التقرير الذي أعدّه الجنرال المتقاعد عاموس جلعاد، أحد كبار المتخصّصين في الاستخبارات الإسرائيلية، وشاركه في إعداده الكولونيل إيتاي هيمينيس، ونُشر على موقع الجيش الإسرائيلي تحت عنوان: “استراتيجية كبرى لإسرائيل لمواجهة التهديد الإيراني”.

يدعو التقرير الجيش إلى أن يركّز على الحشد العسكري السريع لجبهة القتال هذه مع الحزب، وأن تبني علاقات سرّيّة مع جميع أصحاب النفوذ اللبنانيين وأن تنسّق مع الولايات المتحدة مسبقاً.

يدعو التقرير إلى تحرير “العمل الاستراتيجي” من أجل “زيادة المساحة العسكرية في الشرق الأوسط من خلال تعزيز التحالف مع الولايات المتحدة وتوسيع التعاون مع القوات المناهضة لإيران في المنطقة”

يعتبر جلعاد وهيمينيس في تقديرهما الاستراتيجي للموقف في المنطقة، ولاحتمالات الحرب في سياق مواجهة المشروع النووي الإيراني، أنّه يمكن أن تصبح إيران التهديد الوجودي الوحيد لإسرائيل. ويدعوان إسرائيل إلى منع إيران من امتلاك قدرة نووية عسكرية عملياتيّة. وفي الوقت نفسه إلى الاستعداد لمواجهةٍ في لبنان لأنّ إسرائيل بحاجة إلى قدرة عسكرية حاسمة إذا قرّر حزب الله التحرّك في سيناريو هجوم إسرائيلي على إيران. والأهمّ من ذلك مواجهة التقدّم الذي أحرزه حزب الله في جهوده لبناء قوّته العسكرية.

يدعو التقرير إلى تحرير “العمل الاستراتيجي” من أجل “زيادة المساحة العسكرية في الشرق الأوسط من خلال تعزيز التحالف مع الولايات المتحدة وتوسيع التعاون مع القوات المناهضة لإيران في المنطقة”. ومن أجل مواصلة هذه الجهود، يجب تجنّب الصراعات التي من شأنها تحويل الموارد عن أولويّة التعامل مع إيران.

بنية إيران التحتية

يرصد التقرير أنّ إيران تبذل جهوداً، منذ سنوات عدّة، لتقيم بنية تحتية تكنولوجية وتشغيلية تمكّنها من تطوير أسلحة نووية في ظروف مناسبة وفي مدّة زمنية قصيرة، فيما تنكر القيادة الإيرانية نيّاتها الحقيقية، وتسعى إلى إخفاء نشاطاتها النووية العسكرية. ومن الواضح أنّ لدى إسرائيل معلوماتٍ استخباريّة تقدّم أدلّة لا لبس فيها بشأن خطط إيران.

وقد دفعت إدارة ترامب إيران في اتجاه أن تكون على العتبة النووية، لا سيّما عقب قرار الانسحاب من الاتفاق النووي. وفي غياب اتفاق جديد ستستمرّ إيران في تخصيب اليورانيوم حتى تصل إلى نقطة اللاعودة. تحدٍّ إيراني سيعرّض أمن إسرائيل للخطر لأنّه قد يؤدّي إلى سباق تسلّح نووي في المنطقة، وذلك عندما تتسلّح الدول الصديقة لإسرائيل، مثل مصر والسعودية، بقدرات عسكرية نووية. عندها لا يمكن لإسرائيل الركون إلى علاقاتها مع هذه الدول للحفاظ على توجّهها المعتدل اتّجاهها.

بحسب التقرير فإنّ الخطر الاستراتيجي العسكري هو نجاح إيران في استغلال دول ضعيفة، مثل سوريا والعراق واليمن، وتعزيز نفوذها بطريقة تسمح لها بتهديد أهداف على خطّ المواجهة مع إسرائيل، وفي عمقها، إضافة إلى الطائرات بدون طيّار الإيرانية التي تتكوّن من عدّة طبقات، والصناعة العسكرية المتطوّرة، وآلاف الأسلحة التي يمتلكها حزب الله، وقدرات التوجيه الدقيق التي تعمل إيران باستمرار على امتلاكها، والطائرات بدون طيّار المسلّحة، وصواريخ كروز التي تسلّمها إلى وكلائها، والاستعدادات القائمة لاستخدام القوات الهجومية في الأراضي الإسرائيلية عبر أنفاق حزب الله وحماس وقوّاتهما البرّيّة والميليشيات الموجودة تحت تصرّف إيران في العراق وسوريا.

كما يرصد عمل إيران على زعزعة استقرار شركاء إسرائيل في المنطقة، من أجل تعزيز موقعها النسبي في ميزان القوى الإقليمي، وبطريقة تضرّ بالمصالح الإسرائيلية المختلفة (على سبيل المثال، الأمن المشترك عند الحدود مع الأردن).

يدعو التقرير الجيش إلى أن يركّز على الحشد العسكري السريع لجبهة القتال هذه مع الحزب، وأن تبني علاقات سرّيّة مع جميع أصحاب النفوذ اللبنانيين وأن تنسّق مع الولايات المتحدة مسبقاً

ماذا يجب أن تفعل إسرائيل؟

 يؤكّد التقرير أنّ أحد نقاط قوّة إسرائيل استراتيجياً هو في قدرتها على العمل بشكل مستقلّ ضدّ إيران ووكلائها في المنطقة. وفي المقام الأول تطبيق العقيدة الأساسية لإسرائيل، أي العمل العسكري ضدّ أيّ دولة في الشرق الأوسط تسعى جاهدة إلى امتلاك القدرة النووية العسكرية. لهذا يدعو إسرائيل إلى التالي:

أوّلاً: تحديد إيران بوصفها التهديد الرئيسي الذي يجب أن تُوجّه إليه جميع الموارد والجهود الدبلوماسية والعسكرية والاستخبارية والأمنيّة الضرورية.

ثانياً: تركيز استراتيجية إسرائيل على الإضرار بقدرات إيران، وليس التأثير في ما تنوي فعله، مع إنشاء جبهة ردع دولية ضدّها، وأن تدرك حدود قوّتها ومعرفتها في هذا الصدد، وإلّا فقد تُفاجأ بشدّة، كما حدث في السابق.

ثالثاً: تطوير قدرة عسكرية تمكّنها من اتخاذ إجراءات مستقلّة وحاسمة لإزالة أيّ تهديد، سواء في الدائرة الأولى أو في الدوائر البعيدة.

رابعاً: بذل جهد أمني ودبلوماسي واستخباري للحفاظ على الميزة العسكرية النوعية للجيش الإسرائيلي بوصفه أقوى جيش في الشرق الأوسط.

خامساً: الاستعداد سياسياً وعسكرياً لحرب محتملة مع حزب الله في سيناريو هجوم على إيران.

سادساً: تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة باعتبارها دعامة أساسية للأمن القومي الإسرائيلي.

إقرأ أيضاً: أيّ استراتيجية دفاعيّة بعد “خراب البصرة”؟

وفي الجبهة مع الحزب، يدعو معدّا التقرير الجيش إلى استخدام القوّة البريّة الساحقة لهزيمة حزب الله بشكل كامل لأنّ القوّة الجوّية لن تكون كافية. ويذكران أنّ الكتيبة 74 المدرّعة التابعة للجيش الإسرائيلي أجرت مناورة بالذخيرة الحيّة في هضبة الجولان استعداداً للقتال في لبنان. وينقلان عن ضابط كبير إنّ القوّات المدرّعة عزّزت بشكل كبير استعدادها لقتال حزب الله بعد التدريبات. وأنّه خلال التدريبات التي استمرّت خمسة أيام، قامت الدبّابات بمحاكاة حرب في لبنان بالتعاون مع قوّات المشاة، والمدفعيّة، وفرق الهندسة، والقوّات الجوّية. وكانت هذه المناورات هي الأحدث في استعدادات الجيش الإسرائيلي المكثّفة لاشتباك عسكري مع حزب الله.

لقراءة النص الأصلي اضغط هنا

إقرأ أيضاً

توماس فريدمان: ما الذي تغيّر بين بايدن وشومر ونتنياهو؟

ما الذي حدث في العلاقة بين الولايات المتحدة ونتنياهو. لدرجة دفع شخص مخلص لرفاهية إسرائيل مثل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر إلى دعوة…

فريدمان: سكّان إسرائيل يشربون فضلات غزّة.. بسبب نتنياهو

“إسرائيل اليوم في خطر كبير”. هذا هو تحذير الكاتب والمحلّل السياسي الأميركي توماس فريدمان. ويرى أنّه مع وجود أعداء مثل حماس والحزب والحوثيين وإيران، يجب…

دينيس روس: إسرائيل لا تستطيع القضاء على المقاومة الفلسطينية

تحقيق  إسرائيل الانتصار الكامل ضدّ حماس ليس ممكناً. لكنّ تجريدها من السلاح وتحقيق الاستقرار في غزة لا يزالان ممكنين. هذا رأي المبعوث الأميركي السابق إلى…

إيهود باراك: لا سلام… إلا بانتخابات في إسرائيل

“الحرب في غزة كشفت عن العجز الاستراتيجي لحكومة إسرائيل والفراغ القيادي في القمّة. تباطأ الائتلاف الحاكم في اتّخاذ قرارات حاسمة. وفشل في التعاون لإدارة الحرب….