2021: عام التخبّط الفرنسي

بدأ “أساس”، منذ اليوم الأخير في 2021، بنشر سلسلة مقالات وتقارير تحاول قراءة أبرز أحداث العام الماضي، وما ستتركه من تداعيات على العام الجديد 2022.

 

– كان عام الطعن بالظهر من الحلفاء وليس من الأعداء.

– كان عام التخبّط والخيبات والحملات الانتخابية.

– كان عام ازدياد النقمة على الماكرونية السياسية من منافسيها (اليمين، اليسار، الاشتراكي، ومجموعات البيئة الخضراء).

– كان عام ارتفاع الروح القوميّة والوتيرة الشعبويّة.

– هو عام التبدّل في المفهوم الاستراتيجي للأعداء.

– هو عام التغيير التكتيكي في السياستين الداخلية والخارجية.

عاشت فرنسا هذا العام في تناقض على مستوى السياسة الخارجية. فهي لم تستوعب التبدّل الكبير في مزاج حلفائها في ما يخصّ اختيارهم لعدوّهم الجديد وتبدّله من الروسي إلى الصيني

تأرجح الفكر الماكرونيّ بين الديغوليّة والميترانيّة:

حصرت الماكرونية السياسية في هذا العام نشاطها ضمن مبدأين أساسيّين، وهما: “الديغوليّة”، المبدأ الحديث والكلاسيكي في العلاقات الخارجية والحفظ الداخلي للاستقرار والقائم على “احترام التحالفات دون التماهي التامّ”… وبين “الميترانيّة”، التي تقوم على فكرة الاتحاد والشراكة. فالديغولية تمّ كسرها إبّان عهديْ ساركوزي وهولاند، وهو ما زاد من عبء ماكرون الذي يحاول استرجاعها، إلا أنّ الواقع أصبح مغايراً، فخطواته كانت سريعة ومتهوّرة. وهو استعاد مبدأ “فرنسا المتّحدة” لمكافحة الأزمات المستجدّة للاقتصاد ولجائحة الكوفيد 19، الذي استعاره من الرئيس الأسبق ميتران، فهو كان شعاره في انتخابات 1988.

 

فكّ الارتباط التفاهميّ لناحية الأولويّات:

عاشت فرنسا هذا العام في تناقض على مستوى السياسة الخارجية. فهي لم تستوعب التبدّل الكبير في مزاج حلفائها في ما يخصّ اختيارهم لعدوّهم الجديد وتبدّله من الروسي إلى الصيني. فهي تريد التعويض بسرعة باعتمادها مجدّداً سياسة الحياد والتوازن الإقليمي، خاصة مع دول الشرق الأوسط، والانحياز بشكل مطلق لمنطق السيادة والدولة حتى لو كان على حساب حقوق الإنسان. فقد تعبت وتريد الابتعاد عن سياسة التصادم والمواجهة والتحالفات الفاشلة.

ذلك ما انعكس بوضوح على ملاءتها وملاءمتها الإدارية الخارجية والداخلية، فخلق لها هذا الأمر قصوراً داخلياً، ومزيداً من التخبّط، وارتفاع موجة التنافس الشرسة بين مختلف التيارات السياسية في الداخل الفرنسي، وصبغ سياستها الخارجية بمزيد من العجز والضياع وهي تحاول استعادة الأمجاد والنفوذ بطريقة تقليدية، لكن لم تفهم أنّ الواقع والعالم قد تغيّرا.

 

التناقض بين السياستين الأوروبيّة الاتّحادية والدوليّة:

كان عام التسريع من حيث الوقت، وبشكل قياسي ومربك، في تناقض مشهود بين السياسة الأوروبية الاتحادية وبين السياسة الدولية.

فقد وقعت فرنسا بين فكّي كمّاشة تحديد العدوّ على الرغم من اقتناعها بالحليف الاستراتيجي. فدول أوروبا الشرقية، وحتى ألمانيا، تقرّ بأنّ روسيا هي العدوّ، ويؤكّد حليفاها الاستراتيجيّان أميركا وبريطانيا أيضاً أنّه الصين، فنشأ بينها وبين أميركا خلافٌ، خصوصاً بعد تخلّي أستراليا عن صفقة الغواصات الفرنسية لمصلحة أميركا وبريطانيا، وبسبب الحلف الأنجلوساكسوني الثلاثي، وخلافٌ مع بريطانيا لنفس السبب، إضافةً إلى سببين آخرين هما خروجها “البريكسيتيّ” ومشكلة الكهرباء والصيد البحري، حيث اعتبرت كلّ من أميركا وبريطانيا أنّ وجود فرنسا معهما في الحلف يمثّل خاصرة رخوة بسبب تناقضاتها الخارجية وعدم ثقتهما بقدرتها على أن تخوض معهما الحرب الباردة الجديدة مع الصين على الرغم من إطلالة فرنسا على مرج المحيطين. فهي الدولة الأوروبية الوحيدة الموجودة من خلال جزر البولونيز وكالدونيا.

وتميل فرنسا في قراراتها بالتباس إلى قناعة بأنّ عدوّها الأوحد حالياً هو التركي الحديث، وذلك ما يتناقض ويتجاهل التشاركية والتحالف بينهما في حلف الناتو. وهو ما زاد في زعزعة علاقتها مع أميركا. إذ تعتبر فرنسا أنّ الناتو قد انتهى وحان الوقت للجيش الأوروبي. وممّا زاد في توجّهها هذا تأثير التركي عليها في منطقة الشرق الأوسط، ملعبها الكلاسيكي، الذي لن تتخلّى عنه، بدءاً من بوّابة الشرق لبنان. على الرغم من علمها بأنّ عبئها في ازدياد، وخصوصاً بعد انحراف الوجهة الأميركية الأساسية نحو الصين، والفراغ الذي سوف يتركه هذا الانحراف، وشعورها بالوحدة في الشرق الأوسط في ملفّيْ الإرهاب واللاجئين.

حصرت الماكرونية السياسية في هذا العام نشاطها ضمن مبدأين أساسيّين، وهما: “الديغوليّة”، المبدأ الحديث والكلاسيكي في العلاقات الخارجية وبين “الميترانيّة”، التي تقوم على فكرة الاتحاد والشراكة

التنصّل من مفهوم حقوق الإنسان:

تمّ التنصّل نوعاً ما من مفاهيم حقوق الإنسان في انقلاب جزئي على مجموع قيم الجمهورية الفرنسية، وذلك بهدف تعويض الخسائر من خلال تسوية الأمور المفصليّة حتى مع منظومة الديكتاتوريّات الإفريقية (على الرغم من عدم الرضى)، والتفاهم والشراكة مع الجمهورية الإيرانية. كلّ ذلك بهدف الحفاظ على موطئ قدم ونفوذ فرنسي في شمال إفريقيا، انطلاقاً من نقاط أساسية هي:

– الدور المحوري المنتج في الشرق الأوسط.

– الوجود الفرنسي في منطقة الساحل الإفريقي والصحراء بين الدور التاريخي والحقائق الجيوسياسية الجديدة.

– عملية برخان عام 2014 وضعف دعم السكّان لها، إذ بات يُنظر إلى القوات الفرنسية على أنّها قوات محتلّة أو أنّها مهتمّة بشيء آخر مغاير لاستقرار مالي، وهذا الأمر هو عبء إضافي لها في العام 2021.

 

التوتّر مع الجزائر:

نشوء التوتّر نتيجة تصريحات ماكرون المتشكّكة في وجود أمّة جزائرية قبل الاستعمار الفرنسي، وتكريم فرنسا المقاتلين الذين حاربوا إلى جانبها ضدّ الثوّار.

 

مجموعة الخطط والأمنيات الفرنسيّة:

تتمحور هذه الخطط حول منطقة الشرق الأوسط تحت شعار “استعادة إرث دولة عظمى”، مدفوعةً برغبة فرنسية ترتكز على أسس متعدّدة:

– التحالف الاستراتيجي.

– إيجاد التوازن.

– الحوار السياسي العسكري.

– التعاون العسكري.

– التعاون في مجال التسلّح.

إقرأ أيضاً: أسلحة فرنسا في لبنان: دبلوماسية كلاسيكية وسلوكيّات مرنة..؟

الصخب السياسيّ:

هو عام صاخب وساخن جدّاً فرنسيّاً وعلى صعد مختلفة، حيث عاد النبض إلى بعض القطاعات بعد التعافي الجزئي من جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية التي خلّفتها،.وسوف ينتهي هذا العام بأهمّ معركة سياسية تشهدها البلاد كلّ خمس سنوات، وهي الانتخابات الرئاسية. وقد جمعت بعض الأحزاب قواها، فيما بعضها الآخر ما زال مشتّتاً بشكل غريب. فلم يعد اليمين يميناً ولا اليسار والاشتراكي يساراً، غير أنّهم جميعهم ناقمون على الماكرونية ويريدون لماكرون أن يضحي رئيساً سابقاً فيما هو يستعدّ للمعركة بكلّ صمت وهدوء.

إقرأ أيضاً

العربُ بين عامَين: دول صعدت وأخرى نزلت

بدأ “أساس”، منذ اليوم الأخير في 2021، بنشر سلسلة مقالات وتقارير تحاول قراءة أبرز أحداث العام الماضي، وما ستتركه من تداعيات على العام الجديد 2022….

مصر 2021.. رئيس و22 ملكاً

بدأ “أساس”، منذ اليوم الأخير في 2021، بنشر سلسلة مقالات وتقارير تحاول قراءة أبرز أحداث العام الماضي، وما ستتركه من تداعيات على العام الجديد 2022….

العراق: 8 فرص ضاعت… والآتي أصعب

بدأ “أساس”، منذ اليوم الأخير في 2021، بنشر سلسلة مقالات وتقارير تحاول قراءة أبرز أحداث العام الماضي، وما ستتركه من تداعيات على العام الجديد 2022….

2022: تداعيات الانهيارات… داخل الطوائف

بدأ “أساس”، منذ اليوم الأخير في 2021، بنشر سلسلة مقالات وتقارير تحاول قراءة أبرز أحداث العام الماضي، وما ستتركه من تداعيات على العام الجديد 2022….