الأسنان والعمامة!

فيما تترقّب المنطقة معطيات مفاوضات فيينا النووية بين إيران والغرب، خرجت جملة تصريحات تصعيدية إيرانية وإسرائيلية وغربية في يوم واحد.

في واشنطن قال نواب جمهوريون وديموقراطيون بمجلس الشيوخ، الخميس الماضي، إنّ إيران أكبر دولة راعية للإرهاب، وتقمع معارضيها، داعين إلى معاقبتها على سلوكها، ومنعها من تمويل الإرهابيين في العالم.

في يوم الخميس نفسه، دعت إسرائيل القوى العالمية إلى وقف المفاوضات النووية مع إيران على الفور، ونَقَل مكتب رئيس الوزراء نفتالي بينيت عنه قوله لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إنّ “إيران تمارس الابتزاز النووي كأسلوب للتفاوض، ويتعيّن الردّ على هذا بوقف المفاوضات على الفور، واتخاذ خطوات صارمة من جانب القوى العالمية”.

فيما تترقّب المنطقة معطيات مفاوضات فيينا النووية بين إيران والغرب، خرجت جملة تصريحات تصعيدية إيرانية وإسرائيلية وغربية في يوم واحد

وقال مسؤول إسرائيلي إنّ بينيت أبلغ بلينكن اعتراضاته على أيّ رفع للعقوبات عن إيران، خاصة بموجب اتفاق مؤقّت، لأنّ ذلك يعني فعليّاً “تدفّقاً ضخماً للأموال” على طهران.

وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي عن ثقته بأنّ الرئيس الأميركي سيفي بوعده بعدم السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي، قائلاً: “لا أعتقد أنّنا وحدنا. لكن أعتقد أنّ علينا دائماً الاستعداد لخيارٍ في اللحظة التي نجد فيها أنفسنا بمفردنا…”.

ويوم الخميس نفسه أيضاً، نقلت وسائل إعلام إيرانية تصريحين لافتين، الأوّل لوزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان يقول فيه إنّه ليس متفائلاً بنوايا واشنطن وأطراف الاتفاق الأوروبية الثلاثة.

وأمّا التصريح الإيراني الثاني فكان تهديداً أطلقه إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس، بأنّ الولايات المتحدة “ستتهشّم أسنانها” إذا اتّخذت أيّ خطوة ضدّ طهران، قائلاً: “ولّى زمان فعل ما يحلو لكم”.

حسناً، ما الذي حدث لتخرج كلّ تلك التصريحات في يوم واحد؟ هنا علينا أن نتذكّر بأنّ هذه التصريحات الخمسة صادرة من أطراف يجمعها أمر واحد، وهو الارتياب من إدارة بايدن.

في واشنطن، لا تثق أغلبية في الكونغرس بموقف الإدارة من إيران.

وموقف الكونغرس داعمٌ لإسرائيل التي بدورها لا تثق أيضاً بإدارة بايدن في ما خصّ الملفّ الإيراني، بل إنّ إسرائيل ترى أنّها “بوليصة التأمين” ضدّ طهران، كما صرّح قائد سلاح الجوّ الإسرائيلي عميكام نوركين الأربعاء الماضي.

وبالنسبة إلى التصريحات الإيرانية فإنّ الإيرانيين لا يثقون بإدارة بايدن، ولا يثق بعضهم بالبعض الآخر، فلا يثق الحرس الثوري بالساسة، ولو كان هذا السياسي هو الوزير عبد اللهيان نفسه. وبجانب كلّ متشدّد إيراني هناك من هو أكثر تشدّداً منه، من باب المزايدة والصراع على السلطة. وهنا يبقى السؤال الملحّ: هل تستطيع إيران تهشيم أسنان الأميركيين، كما يقول قاآني؟ مستحيل! فالأميركيون لم يلوّحوا بالقوة بعد، ومنذ مقتل قاسم سليماني لم تقدم واشنطن على خطوة جادّة اتجاه إيران.

ماذا عن إسرائيل؟ الأكيد أنّها لن تتوانى عن تقليم أظافر إيران، وتكسير أسنانها، وها هي تفعل ذلك على الأراضي السورية، وفي إيران نفسها، ولم نرَ ردّاً إيرانيّاً يُذكَر، بل إنّ ردّ طهران دائماً ما كان استهداف دول الخليج العربي.

إقرأ أيضاً: جائزة نوبل للحروب

ولو قامت إسرائيل هذه المرّة بعمليّة ضدّ إيران، وتدخّل حزب الله، فستكون المنطقة كلّها في لحظة تحوّل، أوّل الخاسرين فيها هو الحزب ومَن على شاكلته من العراق إلى سوريا، وقد تكون فرصة الأسد الذهبية للإطلال من تحت العمامة.

إقرأ أيضاً

من يجرؤ على مواجهة الحزب.. قبل تدمير لبنان؟

تكمن المشكلة المزمنة التي يعاني منها لبنان في غياب المحاسبة، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بقضايا كبرى في مستوى دخول حرب مع إسرائيل بفتح جبهة جنوب…

لماذا لا يرى أتباع إيران الحقيقة؟

لو صدّقت إيران كذبتها فذلك من حقّها. غير أنّ حكاية الآخرين مع تلك الكذبة تستحقّ أن يتأمّلها المرء من غير أن يسبق تأمّلاته بأحكام جاهزة….

حسابات أنقرة في غزة بعد 200 يوم

بعد مرور 200 يوم على انفجار الوضع في قطاع غزة ما زالت سيناريوهات التهدئة والتصعيد في سباق مع الوقت. لو كان بمقدور لاعب إقليمي لوحده…

مقتدى الصدر في آخر استعراضاته المجّانيّة

لا يُلام مقتدى الصدر على استعراضاته المتكرّرة بل يقع اللوم على مَن يصدّق تلك الاستعراضات ويشارك فيها. وقد انخفض عدد مناصري الصدر بسبب ما أُصيبوا…