مقايضة… لا مقايضة: من يبتّ مصير البيطار؟

لا تعوّل مصادر سياسية على نتائج “عمليّة” لزيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، كي تكسر حدّة الأزمة وتفتح الطريق أمام استئناف جلسات مجلس الوزراء المتوقّفة منذ الشهر الماضي.

فالزيارة، التي كانت مقرّرة مسبقاً قبل احتدام الخلاف مع دول الخليج، أخذت طابعاً اقتصادياً وتجارياً ودبلوماسياً تجاوز طابعها السياسي المقيّد أصلاً بمحدوديّة الدور التركي في الدخول على خطّ الخلاف اللبناني – الخليجي.

وفيما طغت في الأيام الماضية التسريبات عن مقايضة بين ملفّ البيطار واستئناف عمل الحكومة على أن تأتي عقدة قرداحي من ضمن هذا “الباكتج”، نفى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الأمر، مؤكّداً أن “لا تدخّل سياسياً على الإطلاق في عمل القضاء”

الأكيد أنّ الزائر التركي لم يحمل اقتراح حلّ باستثناء الحديث في العموميّات عبر “الدعوة إلى دعم الحكومة وإجراء الانتخابات في موعدها”، وحلّ الأزمة مع دول الخليج بـ”الاحترام المتبادل والمفاوضات والطرق الدبلوماسية”.

ويمكن التسليم بأنّ أيّ وسيط دولي لن يكون مخوّلاً تفكيك “لغم” المحقق العدلي في تفجير مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار، بوصفه المسبّب الأول لكربجة الحكومة والمانع لانعقادها قبل أزمة وزير الإعلام جورج قرداحي. وعليه، سيلحق المسعى التركي بمسعى مساعد الأمين العامّ لجامعة الدول العربية السفير حسام زكي الذي “غطّ وذهب ولم يَعُد”.

وفيما طغت في الأيام الماضية التسريبات عن مقايضة بين ملفّ البيطار واستئناف عمل الحكومة على أن تأتي عقدة قرداحي من ضمن هذا “الباكتج”، نفى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الأمر، مؤكّداً أن “لا تدخّل سياسياً على الإطلاق في عمل القضاء”.

وقد تقصّد ميقاتي إطلاق هذا الموقف قبل لقائه رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمس في عين التينة، الذي خُصِّص في جزء منه للحديث في مسألة البطاقة التمويلية.

مع ذلك، فإنّ جهات مطّلعة تجزم أنّ “المسألتين مترابطتان بشكل وثيق”، مشيرة إلى أن “ليس المطلوب تنحية القاضي طارق البيطار عن الملفّ برمّته، مع العلم أنّ الارتياب بأدائه موثّق وواضح، بل ما يطلبه الفريق الشيعي وحلفاؤه بالحدّ الأدنى هو فصل مسار ملاحقة رئيس الحكومة والنواب والوزراء السابقين أمام المحقّق العدلي ليضع مجلس النواب يده على الملفّ تمهيداً لملاحقة هؤلاء أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وفق مقتضيات الدستور”.

يعوّل فريق كبير على أن يأتي المخرج، وبالقانون، من الهيئة العامّة لمحكمة التمييز، في ما يتّصل بوضع القاضي طارق البيطار و”الارتياب المشروع بأدائه”، عبر كفّ يده عن الملفّ، أو عبر تحديد المرجع الصالح لتقديم طلبات الردّ أمامه

وتضيف: “هذا ما سيجعل الادّعاءات التي سطّرها البيطار بحقّ هؤلاء ومذكّرات التوقيف التي أصدرها كأنّها لم تكن”.

 وفي هذا السياق، تشدّد أوساط المحقّق العدلي على أنّ “البيطار متمسّك بصلاحيّاته المطلقة على ملفّه. ولن يوقف هذا المسار إلا إذا فرض القانون ذلك”.

التحقيق “مكبّل”

وفي آخر أخبار “العدلية”، لا يزال التحقيق العدلي في ملفّ انفجار المرفأ مُكبّلاً بفعل تبلّغ القاضي طارق البيطار من القاضي حبيب مزهر كفّ يده مؤقّتاً عن التحقيقات، إلى حين بتّ طلب ردّ البيطار المقدّم من الوزير السابق يوسف فنيانوس والعالق بدوره على طاولة مزهر بعدما ضمّ الأخير ملفّ ردّ البيطار إلى ملفّ طلب ردّ القاضي نسيب إيليا. لكن بفعل تقديم “متّحدون” دعوى طلب ردّ القاضي حبيب مزهر، توقّف الأخير عن النظر بالملفّ مؤقّتاً.

هكذا توقّف التحقيق عمليّاً عند الدعوى التي تقدّم بها وكيلا فنيانوس، وهي نقل الدعوى للارتياب المشروع ضدّ القاضي نسيب إيليا الذي لا يحقّ له، وفق فريق فنيانوس القانوني، النظر في طلب ردّ القاضي حبيب مزهر بعدما سبق أن تنحّى إيليا عن ملفّه.

وتقول أوساط فريق فنيانوس القانوني إنّه “لمّا كان نسيب إيليا قاضياً في محكمة الاستئناف المدنية فإنّ طلب نقل الدعوى للارتياب المشروع يذهب إلى الغرفة التاسعة بمحكمة التمييز المدنية المؤلّفة من الرئيسة جمال خوري والمستشارين الأربعة جان مارك عويس، مادي مطران، جورج مزهر، وأماني حمدان. ويرفع تقديم دعوى نقل للارتياب المشروع في الدعاوى المدنية يد القاضي المعنيّ، وفي هذه الحالة هو نسيب إيليا، وذلك إلى حين إصدار الغرفة التاسعة بمحكمة التمييز قرارها بهذه الدعوى”.

وتضيف الأوساط “الملف واقف هنا. والدعوى مدروسة ومبكّلة. والأرجح أن يصدر القرار برفع يد إيليا عن ملفّ طلب ردّ حبيب مزهر، ومعه العضوان في الغرفة التاسعة مريم شمس الدين وروزين حجيلي”. 

وفي هذه الحالة، تضيف الأوساط: “هناك احتمال أن يُكمِل حبيب مزهر في بتّ الملفّين اللذين وضع يده عليهما، وهما طلب ردّ القاضي البيطار المقدّم من فنيانوس (رقم 69)، وطلب ردّ القاضي إيليا (رقم 72)، أو يحيل رئيس محكمة الاستئناف المدنية القاضي حبيب رزق الله الملفّ إلى غرفة ثانية للنظر في طلب ردّ حبيب مزهر”.

وفق المعلومات، يعارض عدد من أعضاء مجلس القضاء الأعلى، بينهم مدّعي عامّ التمييز القاضي غسان عويدات، رغبة القاضي عبود بتعيين رؤساء أصيلين لغرف التمييز الخمسة المشغولة بالوكالة ومنهم جانيت حنّا

يُذكر أنّ الهيئة العامّة لمحكمة التمييز برئاسة القاضي سهيل عبود تنظر حالياً في دعويَيْ مخاصمة الدولة المقدّمتيْن من رئيس الحكومة السابق حسان دياب والنائب نهاد المشنوق. وفي هذه الحال تُكَفّ يد القاضي البيطار عن النظر في ملفّيْهما بشكل محدّد.

وتنظر الهيئة العامّة لمحكمة التمييز في الطلب المقدّم من النائبين علي حسن خليل وغازي زعيتر، والمتعلّق بتعيين المرجع الصالح لبتّ طلبات ردّ المحقّق العدلي.

وفي 9 تشرين الثاني الجاري قدّم المحامي العامّ التمييزي القاضي عماد قبلان مطالعة (سنداً إلى المادّة 478 من قانون أصول المحاكمات المدنية التي توجب على النيابة العامّة التمييزية إبداء رأيها بوصفها فريقاً مُنضمّاً في طلبات تعيين المرجع الصالح) قضت باعتبار المجلس العدلي هو المرجع الصالح لبتّ طلبات الردّ.

ويعوّل فريق كبير على أن يأتي المخرج، وبالقانون، من الهيئة العامّة لمحكمة التمييز، في ما يتّصل بوضع القاضي طارق البيطار و”الارتياب المشروع بأدائه”، عبر كفّ يده عن الملفّ، أو عبر تحديد المرجع الصالح لتقديم طلبات الردّ أمامه. ولم يُعرَف هل يصدر أيّ قرار عنها اليوم في الملفّات المطروحة على طاولتها.

وبالعادة تلتئم الهيئة العامة لمحكمة التمييز يوم الأربعاء. مع العلم أنّ هناك شغوراً في مراكز خمسة من أعضاء الهيئة الذين يشغلون مواقعهم بالانتداب، ولذلك لا يحقّ لهم المشاركة في اجتماعات الهيئة العامة.

أمّا الأعضاء الأصيلون فهم القاضي سهيل عبود رئيساً، والأعضاء سهيل الحركة، عفيف الحكيم، روكز رزق، وجمال الحجّار.

إقرأ أيضاً: الراعي اعترف بـ”تسييس” البيطار… وباسيل يريد الثمن

ووفق المعلومات، يعارض عدد من أعضاء مجلس القضاء الأعلى، بينهم مدّعي عامّ التمييز القاضي غسان عويدات، رغبة القاضي عبود بتعيين رؤساء أصيلين لغرف التمييز الخمسة المشغولة بالوكالة ومنهم جانيت حنّا. هي من القضاة الذين قدّم المدّعى عليهم دعاوى بحقّهم على خلفيّة ارتكابهم مخالفات قانونية خلال بتّهم دعاوى طلبات الردّ.

إقرأ أيضاً

“سابقة موريس سليم”: الطعن بتعيين رئيس الأركان!

 سجّل وزير الدفاع موريس سليم سابقة لم تعرفها حكومات ما قبل الطائف ولا بعده من خلال الطعن أمام مجلس شورى الدولة بقرار تعيين رئيس الأركان…

نقابة المهندسين: لماذا تعاقب طرابلس تيار المستقبل؟

عقب عودة الرئيس الحريري النسبية إلى الأجواء السياسية في ذكرى 14 شباط، أراد تيّار المستقبل تدشين عودته إلى الملعب السياسي عبر بوّابة انتخابات نقابة المهندسين،…

الحزب لباسيل: الكلمة للميدان!

لم تلقَ رسالة النائب جبران باسيل إلى الدول الأعضاء في مجلس الأمن أيّ ردّ علني حتى الآن من الحزب في شأن الدعوة إلى صدور “قرار…

ماذا يحدث في “القنوات الخلفيّة” بين واشنطن وطهران؟

لا تتعلّق حسابات واشنطن فقط بشكل الرّدّ الإيرانيّ على قصف قنصليّة طهران في دمشق. إذ ترتبط أيضاً بشكلِ الرّدّ الإسرائيليّ على الضربة الإيرانيّة ليل السّبت…