100 ألف مارينز.. وخلصونا

العنوان أعلاه ليس تحريضاً ولا تمنّياً من أجل التخلّص من حزب الله الإرهابي، بل هو نصُّ حديث وزير الخارجية اللبناني عبدالله بوحبيب، الذي بثّته صحيفة عكاظ عبر شريط صوتي حصلت عليه حصريّاً.

كان حديث الوزير بوحبيب يتعلّق بملفّ الأزمة الخليجية – اللبنانية، وتحديداً مع السعودية، وتطرّق فيه إلى عدّة نقاط مملوءة بالمغالطات تتعلّق بالسعودية، وتستحقّ التوقّف عندها، لكنّ القصة هنا هي حديث الوزير عن حزب الله تحديداً.

قال الوزير: “المشكلة مع السعودية إذا أخوك مريض لا يمكنك أن تقول لي كلّمني عندما تُشفى. أنا لا أستطيع أن أُشفى، ولا أستطيع علاج المرض”، قاصداً حزب الله وما يشكّله من أزمات للبنان.

لا أمل في اتفاق حقيقيّ في لبنان، ولا حلول طويلة الأمد، ولا ثقة، ولا مشاركة وطنيّة، فالجميع يعرف ما فعله ويفعله حزب الله في لبنان، وهو بمنزلة السرّ المعلوم، ولذلك لا مجال للحديث عن استقلاليّة وسيادة

وأضاف: “الأمريكان كانوا يضغطون بشدّة خلال عهد (دونالد) ترامب، وبوجود وزير الخارجية (مايك) بومبيو، ويطلبون منّا التخلّص من حزب الله. إنّما كيف يمكن التخلّص؟ وقلت لهم مرّة: ابعثوا 100 ألف مارينز وخلصونا.. بدكم تحتفلوا والشامبين علينا.. أنا ما فيني خلص من حزب الله”.

حسناً، عمّا نتحدّث؟ عن وزير يقول إنّه لا يمكن أن يُملي أحدٌ شروطاً على لبنان، وحزب الله ينجح بإزاحة القاضي طارق البيطار؟ أم عن وزير خارجية يُطالب الأميركيّين بإرسال 100 ألف مقاتل من المارينز للقضاء على حزب الله، ثمّ يُطالب بالتعامل مع حكومة الحزب؟

هل الوزير بوحبيب حليف صادق للحزب؟ وهل الحزب يصدّق وزير خارجية لبنان بعد هذا التسجيل؟ وما رأي وزير الإعلام جورج قرداحي بما قاله زميله وزير الخارجية عن حزب الله؟

كيف ينظر الوزير قرداحي، الذي طالب بأن يكون لبنان قويّاً، وألّا تُفرَض عليه شروط، وألّا يقبل باستقالة أو إقالة وزير، إلى مطالبة الأميركيين بإرسال قوات للتخلّص من حزب الله، فيما يرى أنّ حسن نصرالله رجل العام لبنانيّاً، كما قال في مقابلة تلفزيونية عام 2018؟

قناعتي المبنيّة على معرفة بجلّ القيادات اللبنانية، باستثناء قيادات حزب الله بالطبع، أنّهم يوافقون الوزير بوحبيب الرأي والموقف من حزب الله، وأكاد أجزم أنّهم سيشاركون في تمويل حفلة “الشامبين” لو سقط الحزب، ولو على يد قوات المارينز، كما طالب الوزير بوحبيب.

وسيكون من ضمن المحتفلين والمساهمين في ميزانيّة حفل “الشامبين” تلك حلفاء لحزب الله في لبنان لأنّ الجميع في لبنان يعي أنّ الحزب قد تغوّل ليس على منافسيه وحسب، وإنّما على الدولة ككلّ.

ولذا ليس رأي الوزير بوحبيب بسرٍّ، ويعرفه الجميع دوليّاً، ويعرفه كلّ مَن له علاقة بالقيادات السياسية اللبنانية، وهو أمر يتمنّاه كُثُر في لبنان، ومن كلّ المشارب، وحزب الله نفسه يعي هذا الأمر.

وعليه لا أمل في اتفاق حقيقيّ في لبنان، ولا حلول طويلة الأمد، ولا ثقة، ولا مشاركة وطنيّة، فالجميع يعرف ما فعله ويفعله حزب الله في لبنان، وهو بمنزلة السرّ المعلوم، ولذلك لا مجال للحديث عن استقلاليّة وسيادة، ولا مجال للتعامل مع أيّ حكومة يشكّلها حزب الله.

إقرأ أيضاً: سيادة مَن يا صاحب السيادة

والمتوقّع أن يعود لبنان إلى مربّع الاهتمام الدوليّ، لكن تحت شروط قاسية ومكلفة. فبعد “لعبة” حزب الله تجاه القاضي البيطار، بات من الصعب الوقوف مع أيّ حكومة لبنانية، أو الاعتماد عليها، وربّما يُعيد الفرنسيون والأميركيون النظر في مواقفهم، وقريباً.

إقرأ أيضاً

وريقة صغيرة من نتنياهو إلى بايدن: إلزاميّ واختياريّان!

لم يتصرّف نتنياهو حيال الردّ الإيراني الصاروخي، كما لو أنّ ما حصل مجرّد تمثيلية، مثلما عمّم وروّج خصوم طهران. ولم يقتنع بأنّ حصيلة ليل السبت…

بعد غزة.. هل يبقى اعتدال؟

المذبحة المروّعة التي تُدار فصولها في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث التواطؤ الغربي شبه الكامل على منح إسرائيل كلّ التسهيلات…

لبنان ما زال في بوسطة عين الرمّانة!

مرّت ذكرى 13 نيسان. لا يزال شبح بوسطة عين الرمّانة مخيّماً على الحياة السياسيّة اللبنانيّة. ولا يزال اللبنانيون في خصام مع المنطق. لا يزال اللبنانيون…

لبنان بعد الردّ الإسرائيلي على إيران؟

لا يمكن الاستسهال في التعاطي مع الردّ الإيراني على استهداف القنصلية في دمشق. بمجرّد اتّخاذ قرار الردّ وتوجيه الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل، فإنّ ذلك يعني…