بل كيف تشكّلت حكومة لبنان؟

يقول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: “الجميع في لبنان يعرف مَن كان يعرقل الحكومة”. وهذا سرٌّ مفضوح، فالجميع يعرف أنّ حزب الله وحلفاءه من العونيّين هم مَن عطّلوا تشكيل الحكومة. لكنّ السؤال هو: كيف تشكّلت؟

تشكيل الحكومة، بحسب المصادر الخاصّة، تمّ بعد اتّصال هاتفي بين باريس وطهران، أي بين الرئاستيْن، وفي ضوء ذلك أُعطي الضوء الأخضر لتشكيل الحكومة، على الرغم من محاولات اللحظة الأخيرة لتعطيلها من قبل “حليف” حزب الله في لبنان.

الواضح أنّنا أمام حكومة لبنانية جديدة تشكّلت باتّفاق فرنسي إيراني، فيما لم تقدّم إيران أيّ دعم للبنان، وفي وقت تخوض فرنسا معركة اقتصادية غير مسبوقة مع حليفها الأبرز الولايات المتحدة

وقد صدر قرار تشكيل حكومة لبنان، بحسب المصادر، إثر تنسيق فرنسي إيراني، فوجّهت طهران تعليماتها إلى حزب الله بعدم تعطيل تشكيل الحكومة، وذلك عكس موقف “حليف” أو “التابعين” لحزب الله في لبنان.

حسناً، ما هو مصير هذه الحكومة الآن؟ وما هو حجم الدعم الذي ستجده عربيّاً، ودوليّاً؟

عربيّاً، أو خليجيّاً، الأمور واضحة، وتتعلّق بقدرة الحكومة اللبنانية على ممارسة سياسة النأي بالنفس عن الصراعات السياسية، خصوصاً أنّ حزب الله متورّط في اليمن؟

فهل تستطيع الحكومة اللبنانية كفّ يد حزب الله ومنعه من التدخّل في أزمات المنطقة، مثل أزمتيْ سوريا والعراق؟ وهل تستطيع الحكومة ضمانة أن يكون الجيش اللبناني هو القوّة المتحكّمة بالسلاح، وليس حزب الله؟ وهل تستطيع وقف تهريب مخدِّرات حزب الله وغيره؟

هل تستطيع الحكومة الجديدة مجابهة الفساد، وخصوصاً فساد الطبقة السياسية؟ هذا بالنسبة إلى الدعم العربي، وتحديداً الخليجي، وتبقى أسئلة متعلّقة بالشأن الدولي، وخصوصاً الدعم أو الغطاء الفرنسي.

هل يمكن أن يتحقّق دعم دولي، وبالتحديد أميركي، قبل مراعاة ما يتّصل بتهديد أمن إسرائيل من قبل حزب الله وسلاحه؟ وهل يمكن أن يكون الفرنسي طرفاً ضامناً، ونحن نرى الأزمة الفرنسية الأميركية البريطانية؟

لا ننسى أنّ الرئيس الفرنسي أيضاً طالب رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي بضرورة أن تتّخذ الحكومة اللبنانية الجديدة إجراءات إصلاح عاجلة، إذ يقول ماكرون إنّ “المجتمع الدولي لن يقدّم مساعدات إلى لبنان من دون القيام بالإصلاحات، وإنّ على الحكومة اللبنانية العمل على مكافحة الفساد”.

وعليه نحن أمام تساؤلات كثيرة من الصعب الإجابة عنها الآن، فهذه الإجابات أمرٌ يكفله الزمن. لكنّ الواضح أنّنا أمام حكومة لبنانية جديدة تشكّلت باتّفاق فرنسي إيراني، فيما لم تقدّم إيران أيّ دعم للبنان، وفي وقت تخوض فرنسا معركة اقتصادية غير مسبوقة مع حليفها الأبرز الولايات المتحدة.

إقرأ أيضاً: 10 أسباب لولادة حكومة المُنهَكين… و5 أسباب لموتها

تتشكّل هذه الحكومة وسط شبه تجاهل عربيّ وفتور دوليّ، لأنّ الجميع يعي أنّ حزب الله هو مَن عطّل اتفاق تشكيل الحكومة، وهو مَن مرّر الاتفاق، وكلّ ذلك بتعليمات إيرانية، والحزب هو مَن سيقود أيّ حكومة لبنانية إلى الفشل.

إعلاميّ وكاتب سعوديّ ورئيس تحرير سابق لصحيفة “الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً

من يجرؤ على مواجهة الحزب.. قبل تدمير لبنان؟

تكمن المشكلة المزمنة التي يعاني منها لبنان في غياب المحاسبة، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بقضايا كبرى في مستوى دخول حرب مع إسرائيل بفتح جبهة جنوب…

لماذا لا يرى أتباع إيران الحقيقة؟

لو صدّقت إيران كذبتها فذلك من حقّها. غير أنّ حكاية الآخرين مع تلك الكذبة تستحقّ أن يتأمّلها المرء من غير أن يسبق تأمّلاته بأحكام جاهزة….

حسابات أنقرة في غزة بعد 200 يوم

بعد مرور 200 يوم على انفجار الوضع في قطاع غزة ما زالت سيناريوهات التهدئة والتصعيد في سباق مع الوقت. لو كان بمقدور لاعب إقليمي لوحده…

مقتدى الصدر في آخر استعراضاته المجّانيّة

لا يُلام مقتدى الصدر على استعراضاته المتكرّرة بل يقع اللوم على مَن يصدّق تلك الاستعراضات ويشارك فيها. وقد انخفض عدد مناصري الصدر بسبب ما أُصيبوا…