التهدئة في الإقليم.. أنجبت حكومة لبنان

بعد عامٍ من الشلل الاقتصاديّ والسياسيّ الذي أنهكَ لبنان، حدثت بعض التغيّرات السياسية في المنطقة، نجمَ عنها بصيص أمل للحكومة المولودة حديثاً في لبنان. فقد مهّد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، وتراجع اهتمام واشنطن بالمنطقة، وعدم وجود خطّة أميركية واضحة حول لبنان، إلى الحدّ من المنافسات التي تتّخذ من الدولة المفلسة مكاناً لها.

في هذا الإطار، يسرد الكاتب ديفيد غاردنر في صحيفة “فايننشال تايمز” ما حدث قبل تشكيل الحكومة العتيدة، موضحاً السيناريو الدوليّ والإقليميّ الذي رافقها، حيثُ كانت باريس تضغط وتدعو إلى تأليف حكومة تضمّ مستقلّين منذ عام تقريباً، لكنّ الرئيس الفرنسيّ إيمانويل ماكرون تواصل بهذا الشأن مباشرةً مع الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي عبر الاتصال به. وما إن تمّت الموافقة الإيرانيّة على الحكومة الجديدة، حتى تبع “حزب الله” مسار طهران موافقاً على الحكومة، وضامناً دعم حلفائه المسيحيين، وفي مقدّمهم رئيس الجمهورية ميشال عون.

ما سبقَ يبدو أنّه جزء من نمط المرحلة التي تلي الانسحاب الأميركي من أفغانستان، والانسحاب التدريجي من سوريا والعراق، وفقاً للكاتب الذي أوضح أنّ الجهات الإقليميّة، من إيران إلى المملكة العربية السعودية، تبحث عن التهدئة، وتسعى إلى خفض التصعيد. وإذا استمرّ هذا الوضع وتطوّر، فقد يعود بالنفع على دول مثل لبنان.

إذاً، بعد أكثر من عام على تدهور الاقتصاد في لبنان، أعطت الجماعات السياسية والمالية في لبنان الضوء الأخضر لولادة حكومة جديدة. وعلى الرغم من ذلك، لا توجد إشارات إلى أنّ لبنان سيتمكّن من الإفلات من السياسيين الذين “نهبوا خزنته، وصادروا ثروات الطبقات الوسطى، ومارسوا السلطة بدون مسؤولية لسنوات طويلة”، على حدّ تعبير الكاتب.

وفيما اعتبر البنك الدولي أنّ الأزمة الاقتصادية الحالية تعدّ واحدة من أسوأ الأزمات التي شهدها العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر، أوضح الخبير الاقتصادي ووزير الاقتصاد اللبناني الأسبق ناصر السعيدي أنّ “الناتج المحلّي الإجمالي الحقيقي قد انخفض بنسبة تراكمية بلغت 45% منذ عام 2018، وأنّ 77% من سكان لبنان يعيشون تحت خط الفقر، في ظلّ نزوح جماعي للأطباء والمهندسين والمعلّمين والاستشاريين الذين كانوا يشكّلون شريان الحياة في لبنان”.

وعن الحكومة الجديدة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، التي أتت بعد الحكومة التي استقالت في آب 2020 في أعقاب الانفجار الذي هزّ مرفأ بيروت، يقول الكاتب إنّها تجمع “التكنوقراط ووزراء آخرين جرى ترشيحهم من قبل أصحاب النفوذ لدى الطوائف المختلفة”، مضيفاً أنّه “حتى لو كانت الحكومة جادّة بشأن الإصلاحات، فإنّ الفرصة أمامها حتى الانتخابات النيابية في أيّار المقبل”.

وستعود الحكومة إلى صندوق النقد الدولي الذي جُمّدت المحادثات معه العام الماضي. أمّا الطبقة السياسية فتعتمد على تحرير صندوق النقد الدولي 1.14 مليار دولار من حقوق السحب الخاصّة، بحسب الكاتب الذي استبعد أن تقوم الحكومة بإعادة هيكلة الدين العام، الذي يُقدّر بنحو ضعف حجم الاقتصاد، لأنّ هذه العمليّة تعني إعادة هيكلة النظام المصرفي ومراجعة خسائر المصرف المركزي التي قدّرتها الحكومة الأخيرة بنحو 50 مليار دولار.  

إقرأ أيضاً

لبنان أمام خيارين: الحرب.. أو جنوب الليطاني “معزول السلاح”

ستّة عشر شهيداً سقطوا في أقلّ من أربع وعشرين ساعة في جنوب لبنان. هي الحصيلة الأكثر دموية منذ بداية الحرب. ليس هذا الخبر سوى مؤشّر…

حين “يَعلَق” موكب ميقاتي بعجقة السير!

تتّسع دائرة الجفاء والتباعد على خطّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام المولوي والمدير العامّ لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. آخر الأخبار تؤكّد…

انتخابات روسيا: المسلمون واليهود صوّتوا لبوتين.. لماذا؟

حقّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فوزاً ساحقاً في الانتخابات الرئاسية الروسية التي أُجريت بين 14 و17 آذار الجاري. وإذا كان الغرب، وعلى رأسه أميركا، قد…

حلفاء “المحور” في لبنان… يخططون لـ”ما بعد طوفان الأقصى”

شهدت العاصمة اللبنانية بيروت في الأسبوع الفائت إنعقاد لقاء لقوى ومنظمات حزبية من محور الممانعة، منها قيادات في الحزب والجماعة الإسلامية وحركة حماس، وذلك بهدف…