هل يكون اللقاء الـ14 الأخير بين عون وميقاتي؟

لن يعتذر الرئيس نجيب ميقاتي بسهولة حتّى لو لوّح بأنّ مدّة التكليف “غير مفتوحة”. لا الرجل يرغب بذلك الآن، ولا القوى الخارجية التي شجّعته على تسلّم الدفّة من سعد الحريري تشجّعه مجدّداً على ترك الملعب للفراغ الشامل.

وفق المعلومات، قادت الاتصالات، التي يتولّاها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، في الأيام الماضية إلى إحداث خرقٍ في جدار العِقَد الحكومية أسهم في إعادة حرارة التواصل بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف.

مصادر ميقاتي تجزم لـ”أساس”: ثمّة تشكيلة شبه كاملة قدّمها ميقاتي في الاجتماع الـ13 لرئيس الجمهورية يراها الأنسب للمهمّة المناطة بالحكومة مع ترك النقاش مفتوحاً بخصوص حقيبتيْ الداخلية والعدل

وتتركّز العِقَد بشكل أساس في الملعب المسيحي، وتُختصَر بعقدة إمساك رئيس الجمهورية بقيادة الفريق المسيحي الوزاري داخل الحكومة، وهو ما يتيح له سلطة الحسم بقوّة الثلث المعطِّل، بعدما جاهرت أوساطه بمنعه من قول كلمته الحاسمة في أسماء الوزراء الشيعة والسنّة، ووزارة الداخلية المثال الأكبر على ذلك.

لكنّ الأمر لم يصل إلى حدّ اقتراح اللواء إبراهيم اسمين لوزيرين مسيحيّين مستقلّين، كما تردّد، يشكّلان نقطة تلاقٍ بين الرئيسين عون وميقاتي، بل ينقل المتابعون لحراك المدير العام للأمن العام أنّ الأخير “لا يتدخّل بالأسماء أبداً، إلا إذا كان التباعد كبيراً جداً. وهو ليس واقع الحال الآن”.

ولم يتمّ التأكّد بعد من حصول التوافق على اسم عضو مجلس شورى الدولة القاضية ريتا كرم لحقيبة العدل، وهي التي كانت سابقاً مرشحة النائب جبران باسيل والوزير السابق سليم جريصاتي لرئاسة مجلس شورى الدولة. ولا توافق حتى الآن على وزيريْ الشؤون الاجتماعية والاقتصاد. وقد تنقّل موكب اللواء إبراهيم بين بعبدا ومقرّ ميقاتي في بلاتينوم لتقليص مسافات التباعد بعدما وعد رئيس الجمهورية منذ نحو أسبوعين بولادة الحكومة خلال أيام.

بالأساس هو “مشكل” مُتناسِل من مرحلة تكليف الحريري، ولن ينتهي من دون رضى ميشال عون على التركيبة الحكومية برمّتها، وإلا “عمرها ما تكون حكومة”.

وما يُشكّل عامل تأزيم كبير هو وصول معطيات إلى قصر بعبدا تفيد بأنّ محيط الرئيس نبيه بري يُجاهر علناً بالمعادلة الآتية: “لن نَسمح بولادة حكومة وميشال عون في قصر بعبدا”، وذلك على الرغم من كل دعوات عين التينة لتأليف حكومة فوراً.

وميقاتي عامل غير مُساعد في هذا السياق ما دام الخطّ الأحمر الذي رُسِم له لن يستطيع تجاوزه، وذلك عبر منع رئيس الجمهورية من الاستحصال على الثلث المعطّل، والذي تختصره أوساط رئاسة الجمهورية بـ”ثلث الميثاق والدستور والمعايير الموحّدة. وليس ميشال عون مَن يوقّع على “نهايته” في حكومة لا رأي له داخلها”.

لكنّ مصادر ميقاتي تجزم لـ”أساس”: “ثمّة تشكيلة شبه كاملة قدّمها ميقاتي في الاجتماع الـ13 لرئيس الجمهورية يراها الأنسب للمهمّة المناطة بالحكومة مع ترك النقاش مفتوحاً بخصوص حقيبتيْ الداخلية والعدل. وهناك مساعٍ إضافية تُبذَل على أمل التوصّل إلى حلّ”، لافتة إلى أنّ “ميقاتي وحده سيكون المسؤول عن هذه التشكيلة أمام مجلس النواب”.

في المقابل، كانت قيادات في التيار الوطني الحر تعلن صراحة أنّ “اللقاء الـ14 بين عون وميقاتي قد يكون الأخير. والكرة الحكومية الآن في ملعب ميقاتي”، على حدّ تعبير النائب سليم عون. والمقصود تراجع ميقاتي عن فيتو رفعه بوجه بعض الأسماء المسيحية بعدما سبق أن أعطى موافقته عليها.

تتركّز العِقَد بشكل أساس في الملعب المسيحي، وتُختصَر بعقدة إمساك رئيس الجمهورية بقيادة الفريق المسيحي الوزاري داخل الحكومة، وهو ما يتيح له سلطة الحسم بقوّة الثلث المعطِّل

لكنّ “الموجة الكبرى”، التي يَهابها الجميع ويبني حساباته على أساسها كي “ينفد برأسه”، هي رفع الدعم الكامل عن المحروقات والجزء الأكبر من الأدوية. بالتأكيد ليست حكومة نجيب ميقاتي مَن ستأخذ بصدرها هذا القرار، وتتحمّل تبعاته مع أو من دون بطاقة تمويلية. ولذلك فقد تكون المماطلة مبرّرة في السياسة.

الانتظار ثقيل جداً وحدّه الأقصى نهاية أيلول بعد انتهاء “صلاحيّة” اجتماع بعبدا في 21 آب، الذي تقرّر على إثره الموافقة على فتح حساب موقّت لتغطية دعم عاجل للمازوت والبنزين بقيمة 225 مليون دولار حتى شهر أيلول وبسعر مدعوم على ثمانية آلاف ليرة للدولار.

القرار بحدّ ذاته مَنَح “صلاحيّات” أكبر للسوق السوداء التي بيعت صفائح المازوت والبنزين فيها بـ”سعر” رفع الدعم. وطوّل القرار “ذَنَب” طوابير الانتظار أمام محطات الوقود، ومهّد لمرحلة الارتطام الكبير. المازوت غير المدعوم المرتبط بأساسيّات الصمود، سيحوِّل الغالبية العظمى من اللبنانيين إلى “سائحين” من دون مال ولا مأكل في أغلى عواصم العالم.

كلّ ذلك لا يهمّ، الأهمّ “تشقيف” الحكومة إلى محميّات بما يخدم مصالح القوى الممثَّلة فيها.

رئيس حكومة تصريف الأعمال “المطلوب للعدالة” لا يُحرّك ساكناً. حتى الاجتماع الأمنيّ، الذي رأسه قبل فترة في السراي الحكومي، لم يُتابَع كما يجب، وذلك باعتراف ضبّاط شاركوا فيه. وهؤلاء يؤكّدون أنّ “الهدف كان الصورة وليس الشغل. وحقيقة الأمر أنّ الأجهزة الأمنيّة لا تنتظر اجتماعات كهذه لتتصرّف”.

مع ذلك، أتت الضربة من حيث لا تتوقّع الأجهزة. فقد أطلق عون أمس موقفاً شكّل اتّهاماً صريحاً للأجهزة الأمنيّة والعسكرية والقضائية بالتواطؤ حين طالبها “بالتعاطي بشفافيّة مع المواطنين، وإعلامهم عن مصير الموادّ المُصادَرة والمُتّهمين بالاحتكار والتخزين”، معتبراً أنّ “الثقة التي يُفترض أن تقوم بين المواطنين والدولة ستتلاشى إذا لم يحصلوا على أجوبة واضحة على تساؤلاتهم المشروعة حول الموضوع”.

إقرأ أيضاً: المطلب الوطنيّ الذي لا مطلب فوقه: إزالة الرئيس

من جهة أخرى، قَوطَب الرئيس المكلّف على رئيس حكومة تصريف الأعمال وعلى نوّاب طرابلس أنفسهم من خلال دعوته إلى اجتماع في مكتبه شارك فيه ضبّاط من استخبارات الجيش وشعبة المعلومات ورئيس مجلس إدارة مؤسسة كهرباء لبنان كمال الحايك لدرس “مطالب طرابلس واحتياجاتها”، وبحث آليّة توزيع المازوت والبنزين بعدما تبيّن أنّ عدداً من القطاعات، ومنها بعض الأفران، تتسلّم المازوت بالسعر المدعوم، ثمّ تعمد إلى بيعه بالسوق السوداء.

وبدا الاجتماع نسخة عمّا يُفترض أن يحصل داخل السراي الحكومي مع الدعوة إلى انعقاد مجلس الأمن الفرعي في طرابلس. وقد بحث الحاضرون الوضع الأمنيّ المتردّي في عاصمة الشمال، وناقشوا خطّة رفع ساعات التغذية بالتيّار الكهربائي.

إقرأ أيضاً

إيران وإسرائيل: نتّجه لحرب استنزاف طويلة بالمنطقة

بين ردّ إيران الضخم على قصف القنصلية الإيرانية في سوريا، وردّ إسرائيلي محدود على الردّ الإيراني. تتّجه المنطقة كلّها، بحسب مصادر مطّلعة على أجواء قوى…

ليلة قصف إسرائيل: هل تقرّر أميركا إسقاط نظام إيران؟

بين عامَي 2023 و2024 وقعت أحداث ستشكّل تحوّلات كبيرة في تحالفات المنطقة وخريطتها الجيوسياسية. منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول 2023) وتنفيذ حماس عملية “طوفان الأقصى”….

تركيا على خطّ الوساطة.. إبراهيم كالن في بيروت؟

بعد أشهر من المواقف “الضّبابيّة”، دخَلَت تركيا على خطّ الوساطة لحلّ أزمة تبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل. تغيّرت لهجة الرّئيس التّركيّ رجب طيّب إردوغان،…

باسيل في جزّين: برّي حليف انتخابات 2026؟

يسرّع رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل خطواته في اتّجاه كسر الحواجز مع خصمه “السابق” الرئيس نبيه بري. زيارة باسيل لجزّين أمس ليست تفصيلاً،…