كلمة في الدكتور رضوان السيّد

أفضل جائزة تقدير يمكن أن تُقدَّم لعالِم ومفكّر كبير في مستوى الدكتور رضوان السيّد هي إنجازاته العلميّة: كتبه ودراساته وأبحاثه ومناقشاته ومقالاته التي تشكّل مكتبة في حدّ ذاتها.

ليس المهمّ حجم هذه المكتبة، وهي غنيّة جدّاً على كلّ حال، ولكنّ المهمّ هو القضايا الفكريّة التي عالجها الدكتور رضوان، تأليفاً وترجمات. وكان في بعضها استشرافيّاً لمستقبل العالم الإسلاميّ ولِما ينتظره من قضايا.

حاولت دراسات الدكتور رضوان رنّ جرس الإنذار مبكراً. وذهب إلى أبعد من ذلك عندما حاول هو نفسه سحب البساط من تحت أقدام الفكر المتطرّف الذي يقوِّل الإسلام ما لم يقُلْه.

الذين خافوا على تطرّفهم من فكره، خوّنوه وكفّروه. فازداد إيماناً وثقة.

والذين أدركوا أهميّة ما ذهب إليه وأبعاده في وقت مبكر، صفّقوا له، وكفى المؤمنين شرّ القتال.

واصل الدكتور رضوان مسيرته الفكريّة مدرِّساً في الجامعات، مؤلِّفاً للكتب، ناشراً للأبحاث والدراسات، معتلياً المنابر في العالمين العربي والإسلامي.. وفي العالم مشترِكاً في المؤتمرات والندوات الدوليّة في الشرق والغرب، رافعاً لواء الفكر الإسلامي الأصيل والمتنوّر بكلّ ما فيه من حكمة وطهارة، ومن تكريم للإنسان واحترام للاختلاف بين الجماعات الإنسانيّة.

لم يقف الدكتور رضوان أمام الفكر المتحجّر، ولكنّه حرّك المياه الراكدة في الفكر الإسلامي ونفخ فيها من روحه، مستنداً إلى الثوابت العَقَديّة التي يقول بها الإسلام شرعةً ومنهاجاً

اعتلى منابر جامعيّة كبرى في الولايات المتّحدة وألمانيا، إضافةً إلى لبنان ومصر والمغرب واليمن وسلطنة عمان..

لا أعرف كيف تضخَّم هذا “الجسد النحيل” حتّى تمكّن من أن يترك بصمات عميقة في الشرق والغرب، وفي عقول أجيال عربيّة وأوروبيّة وأميركيّة وضمائرها.

إنّه كضوء الشمس يبعث النور ودفء المعرفة إلى كلّ من تصل إليه محاضراته ومقالاته ودراساته وكتبه.

هناك طرق عديدة للوصول إلى القِمّة، ولكنّ المنظر من القِمّة واحد. وهو ما حاول الدكتور رضوان أن يفعله، إذ سعى إلى أن يرفع معه طلابه وقرّاءه إلى قمّة المعرفة ليروا معه المنظر الواحد، منظر الإسلام السمح والمحبّ، ومنظر الإنسان المسلم العاقل والمسالم، الذي يؤمن بالأخوّة الإنسانيّة وبالحقّ في الاختلاف.

فكم من آية في القرآن الكريم تخاطب أصحاب الألباب وقوماً يتفكّرون؟.. وكم من آية فيه تدعو إلى المحبّة والسلام؟.. والنبي محمّد عليه السلام هو صاحب القاعدة التعريفيّة للمسلم، التي تقول: “المسلم مَن سَلِم الناس مِن لسانه ويده”.

الدكتور رضوان السيّد هو ابن هذه المدرسة، حمل لواءها حيثما حلّ وارتحل، ومن فوق كلّ المنابر التي اعتلاها في الشرق والغرب، وبلغات متعدّدة.

لم يقف الدكتور رضوان أمام الفكر المتحجّر، ولكنّه حرّك المياه الراكدة في الفكر الإسلامي ونفخ فيها من روحه، مستنداً إلى الثوابت العَقَديّة التي يقول بها الإسلام شرعةً ومنهاجاً. وقدّم “سرديّة” إسلاميّة جديدة تضيء الطريق إلى مستقبل أفضل.

إقرأ أيضاً: رضوان السيّد.. الأزهريّ المُستنير

من هنا، يُعتبر منحه جائزة النيل للإبداع العربيّ تكريماً لكلّ عالِم وباحث ومفكّر في العالم الإسلامي نهل من فكر الدكتور رضوان أو واكب مسيرته العلميّة البنّاءة. وإذا كانت لهذه الجائزة أهمّيّة استثنائيّة، فلأنّها تحديداً من مصر العربيّة، أمّ الثقافة العربيّة ومصدر إشعاع نور الأزهر الشريف حيث تخرّج الدكتور رضوان أيضاً.

فإليك يا أخي وصديقي كلّ ما تستحقّه من شكر على ما أعطيت.. ومن ثناء لحُسْن ما أعطيت.

إقرأ أيضاً

رضوان السيّد لـ”الأهرام”: مستقبل الإسلام في لاهوت الرحمة

أكّد المفكّر العربي الدكتور رضوان السيد أنّ تطوّر الدولة الوطنية هو الأساس لتحقيق النهضة سياسياً وفكرياً، وأنّ تطوّر مصر ضرورة حتميّة، معلناً ثقته المطلقة بتمكّن…

رضوان السيّد.. الأزهريّ المُستنير

تربطني بالصديق والمفكّر الإسلامي العربي البارز الدكتور رضوان السيّد، علاقة وطيدة منذ سنوات طويلة، التقينا خلالها مرّات عديدة، بين مسقط وبيروت، وما بينهما أكثر عبر…

رضوان والبحث عن جذور الدولة وسكينة الدين

لم أتعرّف في المرّة الأولى على الدكتور رضوان من خلال لقاء شخصي معه. عرفته أوّل ما عرفته كاتباً وباحثاً. وأوّل ما قرأت له كان أوّل…

رؤية رضوان السيّد لأهل السُنّة والجماعة في لبنان ومستقبلهم*

يُعتبر المفكّر الدكتور رضوان السيّد من أهمّ أعلام الفكر المعاصر في نظريّاته المعرفية وإنتاجه الغزير. وهذه الورقة تركّز على موضوع من موضوعاته التي اشتغل عليها…