هل تشارك السعودية في المؤتمر الدولي لدعم الجيش؟

لم تكن الصورة التي جَمَعت قائد الجيش العماد جوزف عون بالسفير السعودي في لبنان وليد البخاري مجرّد خبرٍ عاديّ. فهي جاءت ضمن مسار غير عاديّ للأحداث، بات معه أيّ تفصيلٍ أو حدثٍ يفسّر في غير مكانه… أو ربّما مكانه!

في الشكل، الملاحظة الأساسية هي أخذ الصورة طريقها إلى النشر، بخلاف زيارات سابقة قام بها قائد الجيش من وقتٍ إلى آخر إلى سفراء دول، وبقيت خارج التغطية الإعلامية.

حساب “الجيش اللبناني” على تويتر لم ينشر الصورة ولا خبر الزيارة، لكن كان لافتاً الـ”ريتويت” الذي قام به السفير البخاري على صفحته الخاصة لخبر الزيارة نقلاً عن أكثر من وسيلة إعلامية.

في لقاء قائد الجيش مع البخاري، حَضَر بشكلٍ أساسيّ ملفّ “احتياجات الجيش” في المرحلة الراهنة التي تخطّت فيها الأزمة المالية والمعيشية الخطّ الأحمر، وانعكست مباشرةً على المؤسسة العسكرية. لكن لا وعود سعودية حتّى الآن في هذا السياق

أمّا في المضمون، وفق مطّلعين، فلا يمكن فصل اللقاء، الذي استُكمِل إلى طاولة الغداء في منزل البخاري في اليرزة، عن “حركة” قائد الجيش في الآونة الأخيرة، وعنوانها “هموم الجيش”، ربطاً بتأثيرات الأزمة القائمة على وضع المؤسسة العسكرية، وآخرها لقاؤه بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في الإليزيه.

وفي هذا السياق، تفيد معلومات بأنّ المؤتمر الدولي لدعم الجيش، الذي وَعَدت به باريس، قد حُدِّد في 17 حزيران الحالي، وسيتمّ افتراضياً وفق تقنيّة “زوم”، ولا تزال الدعوات تُوجَّه إلى الدول المعنيّة من دون أن يُحدَّد حتى الآن الرقم التقديري للمساعدات المالية والعينيّة التي يمكن للجيش أن يحصل عليها.

وفي لقاء قائد الجيش مع البخاري، حَضَر بشكلٍ أساسيّ ملفّ “احتياجات الجيش” في المرحلة الراهنة التي تخطّت فيها الأزمة المالية والمعيشية الخطّ الأحمر، وانعكست مباشرةً على المؤسسة العسكرية. لكن لا وعود سعودية حتّى الآن في هذا السياق. ونوقشت، وفق المعطيات، أزمة تصدير المنتجات الزراعية إلى المملكة العربية السعودية بعد قرار الرياض في 24 نيسان الفائت وقف استيراد الفواكه والخضر من لبنان منعاً لـ”استخدامها في تهريب موادّ مخدِّرة”، وفق بيان وزارة الداخلية السعودية.

منذ خطابه في اليرزة في 8 آذار الماضي، دخل قائد الجيش، عن قصدٍ أو غير قصد، حلبة “المتصارعين” حول تحديد مسارات الحلّ للأزمة القائمة من زاوية تدارك وَضع الجيش “في مواجهةٍ مع أهله وناسه، ومنع المسّ بالسلم الأهلي”، بعد القرار السياسي يومئذٍ في القصر الجمهوري بفتح الطرقات بالقوّة ومنع المتظاهرين من إقفالها.

لكنّ خطاب العماد عون فَضَح أيضاً وجود سياسة متعمّدة بوجه الجيش قائلاً: “ما بقى فينا نضل ساكتين على أمورٍ كتيرة تحصل، وحملات متواصلة علينا من جهات عدة لأسباب بتنا نعرفها”، واصفاً الوضع بـ”الخطير جدّاً”، ومتوجّهاً إلى “حضرات” المسؤولين السياسيين بالقول: “العسكري كما الشعب يعاني ويجوع. وين رايحين؟ شو ناطرين؟ شو ناويين تعملوا؟ حذّرنا أكتر من مرة من خطورة الوضع ونزول الناس إلى الشارع مجدّداً ومن انفجار الوضع”.

ووجّه عون اتّهاماً صريحاً للسياسيّين بنزع الغطاء عن المؤسسة العسكرية، سائلاً: “بدكن جيش يضلّ واقف على إجريه أو لا؟ الأعباء كبيرة. مش فارقة معهم الجيش ولا معاناة العسكر”، مؤكّداً أنّ “بأيامي لا صار ولا رح يصير. وممنوع على أيّ كان التدخّل بشؤوننا، ولا رسم مسار المؤسسة العسكرية وسياستها. وهذا الأمر يزعج البعض”.

بين آذار وحزيران لم تتغيّر مقاربة الجيش ورؤيته للوضع العام. فالحلّ السياسي لم يأتِ، والشارع يغلي مجدّداً على وقع التخاذل الفاقع في إحداث خرقٍ، ولو بسيطاً، في جدار “الكارثة”، لا بل “َأخبار” تأليف الحكومة، والنقاشات العقيمة حول توزيع الحقائب، و”هويّة” الوزراء، ومرجعيّة من يسمّيهم، باتت تشكّل جريمة موصوفة ترتقي إلى مستوى الخيانة العظمى.

أخذٌ وردٌّ في اسم وزير وحقيبة، وتحرّك وسطاء بين مقرّات كبار القوم في مواكب مموّهة وغرف مبرّدة لا تنقطع عنها الكهرباء، فيما اللبنانيون “يختنقون” عَوزاً وظلماً وقهراً، ويعايشون يوميّات “مصيرٍ مجهولٍ” لا تشفع فيه بطاقة تمويلية قد لا ترى النور، ولا كابيتال كونترول متأخّر جداً، ولا “بخشيش” 400 دولار للمودعين، لا يأخذ بالاعتبار أنّ شريحة كبيرة من الطبقات غير الميسورة لا تملك حسابات مصرفية أصلاً في البنوك.

إقرأ أيضاً: السعوديّون للّبنانيّين: أنقذوا ما تبقّى من وطنكم…

أمّا وَضع المؤسسات الأمنيّة والعسكرية فقد ازداد سوءاً نتيجة تفاقم الأزمة القائمة وخطورتها التي تهدّد الأمن الغذائي والاجتماعي للّبنانيين، وتضع “الأمن” في اختبار صعب جداً وخطير يكبّر حجر التململ والقرف لدى العسكر والضبّاط، ويفرض أمراً واقعاً جديداً لم تعرف المؤسسات الأمنيّة والعسكرية مثيلًا له في أبشع مراحل الحروب العسكرية.

هو واقع يقود المؤسسة العسكرية اليوم إلى تقليع “شوكها” بيدها من دون الاتّكال على سلطة سياسية كان يُفترض أن تقوم بالمُهمّة وتوفّر احتياجات عسكريّيها وديمومة عملها الأمني والعسكري، لكنّها فضّلت حين قرّرت التقشّف في الموازنات أن تبلّ يدها أوّلاً بموازنة وزارة الدفاع.

إقرأ أيضاً

لبنان أمام خيارين: الحرب.. أو جنوب الليطاني “معزول السلاح”

ستّة عشر شهيداً سقطوا في أقلّ من أربع وعشرين ساعة في جنوب لبنان. هي الحصيلة الأكثر دموية منذ بداية الحرب. ليس هذا الخبر سوى مؤشّر…

حين “يَعلَق” موكب ميقاتي بعجقة السير!

تتّسع دائرة الجفاء والتباعد على خطّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام المولوي والمدير العامّ لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. آخر الأخبار تؤكّد…

انتخابات روسيا: المسلمون واليهود صوّتوا لبوتين.. لماذا؟

حقّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فوزاً ساحقاً في الانتخابات الرئاسية الروسية التي أُجريت بين 14 و17 آذار الجاري. وإذا كان الغرب، وعلى رأسه أميركا، قد…

حلفاء “المحور” في لبنان… يخططون لـ”ما بعد طوفان الأقصى”

شهدت العاصمة اللبنانية بيروت في الأسبوع الفائت إنعقاد لقاء لقوى ومنظمات حزبية من محور الممانعة، منها قيادات في الحزب والجماعة الإسلامية وحركة حماس، وذلك بهدف…