المواجهة اليوم بين الحريري وباسيل.. والتكليف ثابت

24 ساعة هي المهلة التي حدّدها رئيس مجلس النواب نبيه بري لتأجيل “المواجهة” الكبرى  بين الرئيس المكلّف سعد الحريري و”طالبي” النقاش في مصير تكليفه، وعلى رأسهم النائب جبران باسيل.

اكتمل النصاب لدقائق معدودة في الأونيسكو أمس، بحضور كلّ الكتل النيابية، فتُليت الرسالة الرئاسية التي تطلب من النواب “أخذ إجراء أو موقف أو القرار المناسب” حيال تكليف الرئيس سعد الحريري. ثمّ بادر برّي فوراً إلى رفع الجلسة إلى الساعة الثانية من بعد ظهر اليوم من ضمن سيناريو متّفق عليه مسبقاً، وبناءً على نصّ المادة 145 من النظام الداخلي لمجلس النواب.

قدّمت جلسة الجمعة، وهي الأقصر في تاريخ جلسات مجلس النواب، نموذجاً عن أجواء الاحتقان، التي ستظلّل جلسة اليوم، بعدما كاد الحريري وباسيل أن يلتقيا وجهاً لوجه، لكن أشاحا بوجهيهما من دون أن يتصافحا.

وفق معلومات مستقاة من قريبين من الحريري، ستكون للرئيس المكلّف كلمة مطوّلة اليوم بسقف عالٍ يردّ فيها على ما تضمّنته رسالة عون من “تجاوزات دستورية وتعدٍّ على الصلاحيات”. ويسعى برّي إلى حصر عدد الكلمات، التي ستكون من ضمنها كلمةٌ للنائب باسيل، وستبقى قابلة للتعديل بناءً على “لهجة” الحريري، الذي روّجت أوساط قريبة منه بأنّ كلمته “ستكون مدوّية”.

ويؤكّد مطّلعون لـ”أساس”: “سلّم برّي طوال الفترة الماضية بصعوبة جمع الحريري وباسيل ثنائياً، ولذلك لن يكون بين الرجلين لقاءٌ يسبق جلسة اليوم، ولا في المدى المنظور”.

قدّمت جلسة الجمعة، وهي الأقصر في تاريخ جلسات مجلس النواب، نموذجاً عن أجواء الاحتقان، التي ستظلّل جلسة اليوم، بعدما كاد الحريري وباسيل أن يلتقيا وجهاً لوجه، لكن أشاحا بوجهيهما من دون أن يتصافحا

ويشيرون إلى أنّ الحريري رفض بالمطلق لقاء باسيل، معتبراً أنّ تشكيل الحكومة يتمّ بينه وبين رئيس الجمهورية حصراً، وأنّ صورة لقاء كهذا لن تكون لمصلحته أبداً. لكنّ الحريري لن يتردّد بتلقّف أيّ مسعى يأتي ضمن تفاهم وإطار حلّ شامل يقود إلى تشكيل الحكومة وفق معايير لا تحدّ من صلاحية الرئيس المكلّف في تشكيل فريق عمله، مع علمه بأنّ ضعفه الأساسي مصدره الخارج، وتحديداً الغطاء الخليجي، وليس خلافه مع عون وباسيل.

وأبقى الرئيس بري قنوات التواصل مفتوحة طوال الساعات الماضية لإيجاد مخرجٍ آمن للجلسة. مصادر اطّلعت على موقفه تقول لـ”أساس” إنّ “رئيس مجلس النواب لم يكن موافقاً بالأساس على خطوة الرئيس عون. أمَا وقد أصرّ عليها فإنّ برّي سيستفيد من هذا المشهد للدفع باتجاه تشكيل الحكومة وتحريك المياه الراكدة، مع تسليمه بأنّ نهاية التكليف هي بيد الحريري وحده، وليس مجلس النواب من سيخرج بتوصية تقضي بوضع حدّ له أو الطلب من الحريري الاعتذار”.

وقد كان لافتاً في هذا السياق، استباق برّي الجلسة بحديثٍ إلى جريدة “الشرق الأوسط” أعطى خلاله “الأولوية لتشكيل الحكومة ومعاودة مشاورات التأليف بانفتاح ومرونة”.

وقبل أن يلتئم مجلس النواب لقول كلمته في رسالة رئيس الجمهورية، كان النائب السابق وليد جنبلاط يُطلق رصاصة الرحمة على تكليف سعد الحريري بتأكيده عدم منح السعودية الغطاء للرئيس المكلّف لتشكيل حكومته، وفي الوقت نفسه أفرغ الرسالة الرئاسية من أيّ مضمون كأنّه لم يكن مصطفّاً مع فريقه النيابي ضدّها.

في المقلب الآخر، كان حزب الله يقفز من فوق “رسالة” حليفه المسيحي، مُساوياً إيّاه بالطرف الآخر “المعطِّل”، على قاعدة “ضرورة أن يبذل الجميع جهودهم لتشكيل الحكومة، وعدم التوقّف عند الحسابات الخاصة والضيّقة”.

وبين هذين الحدّين، قام رئيس مجلس النواب بسلسلة اتصالات سياسية بهدف نزع فتيل الجلسة أوّلاً من خلال حصرها بتلاوة رسالة رئيس الجمهورية، وثانياً بالدفع باتجاه تأليف الحكومة وليس سحب التكليف من الحريري.

قبل أن يلتئم مجلس النواب لقول كلمته في رسالة رئيس الجمهورية، كان النائب السابق وليد جنبلاط يُطلق رصاصة الرحمة على تكليف سعد الحريري بتأكيده عدم منح السعودية الغطاء للرئيس المكلّف لتشكيل حكومته

ووصفت أوساطٌ سياسية الحديثَ عن عشاءٍ أو لقاءٍ محتمل بين الحريري وباسيل يسبق جلسة اليوم بـ”الشائعات”، مؤكّدة أنّ “الجميع دخل نفق الانتخابات النيابية وحساباتها، والحكومة لن ترى النور قريباً”.

يقارن قريبون من رئيس الجمهورية الرسالة الأولى المتعلّقة بتفسير المادة 95 من الدستور، التي وجّهها عون إلى مجلس النواب، وتقصّد بري “فركشتها” عبر تأجيل النقاش فيها، وبين الرسالة الثانية المرتبطة بالتدقيق الجنائي، التي أدّت بعد أشهر من المماطلة إلى إعلان شركة “ألفاريز أند مارسال” استئناف مهمّاتها من خلال توقيع عقد جديد.

إقرأ أيضاً: رسالة عون إلى البرلمان: جهنّم السياسيّة..

ويرى هؤلاء أنّ “ضغط الرئاسة الأولى عبر مجلس النواب أحرَجَ معرقلي التدقيق الجنائي، وجلسة دَرْسِ التكليف يُفترض أيضاً أن تحقّق أهدافها بوضع النوّاب أمام مسؤوليّاتهم، وتبيان مواقفهم من العرقلة المتعمّدة من جانب الحريري لتأليف الحكومة. وإذا لم تؤدِّ الرسالة مبتغاها فقد يطلب رئيس الجمهورية لقاء الكتل النيابية أو يوجّه رسالة إلى اللبنانيين”.

وتقول مصادر نيابية مطّلعة: “إذا بقيت مواقف الكتل النيابية على حالها، فالتكليف ثابت، وستاتيكو الجمود قائم حتى إشعار آخر. لكن من ضمن الخيارات المتاحة، التي تحتاج إلى توافق داخلي لا أن تُفرَض فرضاً، الركون إلى خيار الانتخابات النيابية المبكرة لإحداث خرق في جدار الأزمة. حتى الآن لا أحد يجاهر بهذا المطلب، باستثناء الكتائب والقوات، فيما رفضه باسيل بشكل علني”.

إقرأ أيضاً

لبنان أمام خيارين: الحرب.. أو جنوب الليطاني “معزول السلاح”

ستّة عشر شهيداً سقطوا في أقلّ من أربع وعشرين ساعة في جنوب لبنان. هي الحصيلة الأكثر دموية منذ بداية الحرب. ليس هذا الخبر سوى مؤشّر…

حين “يَعلَق” موكب ميقاتي بعجقة السير!

تتّسع دائرة الجفاء والتباعد على خطّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام المولوي والمدير العامّ لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. آخر الأخبار تؤكّد…

انتخابات روسيا: المسلمون واليهود صوّتوا لبوتين.. لماذا؟

حقّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فوزاً ساحقاً في الانتخابات الرئاسية الروسية التي أُجريت بين 14 و17 آذار الجاري. وإذا كان الغرب، وعلى رأسه أميركا، قد…

حلفاء “المحور” في لبنان… يخططون لـ”ما بعد طوفان الأقصى”

شهدت العاصمة اللبنانية بيروت في الأسبوع الفائت إنعقاد لقاء لقوى ومنظمات حزبية من محور الممانعة، منها قيادات في الحزب والجماعة الإسلامية وحركة حماس، وذلك بهدف…