بعبدا تتملّص: كلّ المصائب من رياض سلامة.. “ما خصّنا”

لا تجاوب حتّى اللحظة في السراي الحكومي مع دعوة رئيس الجمهورية الأخيرة إلى “عقد جلسة استثنائية، واتّخاذ القرار المناسب لحماية ودائع الناس، وكشف أسباب الانهيار، وتحديد المسؤوليات تمهيداً للمحاسبة واسترداد الحقوق”.

تؤكّد مصادر رئاسة الحكومة لـ”أساس” أنّ “رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب لا يزال يرفض رفضاً مطلقاً عقد أي جلسة للحكومة، وتحت أيّ عنوان، لأنّ المطلوب تأليف حكومة فوراً تتحمّل مسؤولية استحقاقات أساسية لا يمكن لحكومة تصرِّف الأعمال أن تأخذ قرارات مصيرية في شأنها”.

وأتت دعوة رئيس الجمهورية في إطار التعميم ضمن حديثه عن “حماية الحكومة ودائع الناس وكشف أسباب الانهيار وتحديد المسؤوليات”. وارتبطت، كما جاء في خطابه، باحتمال “إسقاط التدقيق الجنائي”. وبَرَز أيضاً تحميله رئيسَ حكومة تصريف الأعمال ما لا طاقة له هو وفريقه الوزاري على تحمّله. فالمطلوب رئاسياً من حكومة “التصريف” قد لا تقوى عليه أيّ حكومة جديدة محصّنة بـ”رِكب” حديدية وثقة جديدة ودعم دولي وفريق “متخصّصين” متحرّر من التبعية السياسية، فكيف بحكومة تنازع وتنشد الرحيل كلّ دقيقة؟

مصادر قريبة من رئيس الجمهورية تجزم لـ”أساس” أنّ كلّ الإجراءات التنفيذية المرتبطة بالتدقيق الجنائي – خصوصاً أنّ قراراً واضحاً صدر عن مجلس الوزراء وقانوناً صدر عن مجلس النواب يعلّق السريّة المصرفية عاماً واحداً – تدخل ضمن سياق مفهوم تصريف الأعمال. لا سيّما أنّ هذا التدقيق منفصل عن الأزمة الحكومية ومرتبط بمصير أربعة ملايين لبناني نُهبت أموالهم”.

تؤكّد مصادر رئاسة الحكومة لـ”أساس” أنّ “رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب لا يزال يرفض رفضاً مطلقاً عقد أي جلسة للحكومة، وتحت أيّ عنوان”

وتسأل المصادر: “ما هو الملحّ أكثر من كشف مرتكبي هذه الجريمة؟”. وأشارت إلى أنّ “البحث عن شركة تدقيق أخرى وتوقيع عقد جديد، يدخل أيضاً في سياق مهمّات الحكومة، مع توقّع تنصّل رياض سلامة من تنفيذ المطلوب منه بعد مضيّ عام على قانون رفع السريّة، أو في حال انسحاب شركة “ألفاريز ومارسال”، التي لمّا تحسم مسألة استئنافها عملية التدقيق”.

وتؤكد المصادر أنّ “الريبة من سلوكيات حاكم مصرف لبنان لا تزال موجودة، إذ قاطع اجتماعاً يبحث موضوعاً بأهمية تقرير مصير التدقيق الجنائي وأوفد مندوبين عنه، ولم يكن واضحاً في تحديد تواريخ لتسليم كلّ المعلومات. فما سلّمه فعلياً لوزارة المال لترسله بدورها إلى “ألفاريز” ليس الداتا المطلوبة، بل عناوينها الفرعية، إضافة إلى مماطلته الواضحة، منذ صدور القانون رقم 200 وما قبله، في تسهيل حصول عملية التدقيق”، مشيرة إلى “تواطؤ كبير حصل بين سلامة وبعض المرجعيات السياسية لمنع شركة متخصّصة من التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان بدلاً من الشركة الحالية غير المتخصّصة في هذا المجال”.

وأتى تأجيل زيارة الوفد اللبناني إلى العراق “لأسباب غامضة”، كما قالت مصادر رئاسة الحكومة لـ”أساس”، ليزيد من إرباك دياب الذي كان يسعى إلى تسجيل نقطة في مرمى كلّ الحكومات المتعاقبة بالحصول على النفط العراقي، مقابل “خدمات” لبنانية وتوسيع اتفاق التعاون مع بغداد، للتخفيف من وطأة الأزمة.  

وعلى الرغم من تأكيد كثيرين “صدق ميشال عون وتصميمه في معركة التدقيق الجنائي”، جالت مواكب “برتقالية” صغيرة في بعض المناطق دعماً لخطاب عون، الذي دشّن لتوّه المواجهة المباشرة و”المصيرية” مع من يتّهمهم “بعرقلة كشف سارقي المال العام وناهبي أموال اللبنانيين”. في حين يردّ خصومه بأنّ التدقيق يجب أن يكون شاملاً كلّ المرافق والوزارات، ليس أوّلها وزارة الطاقة، ولا آخرها وزارات مشابهة أهدرت عشرات مليارات الدولارات، بالطبع أكثر من الأرقام التي يُتهم بها مصرف لبنان.

أتى تأجيل زيارة الوفد اللبناني إلى العراق “لأسباب غامضة”، كما قالت مصادر رئاسة الحكومة لـ”أساس”، ليزيد من إرباك دياب الذي كان يسعى إلى تسجيل نقطة في مرمى كلّ الحكومات المتعاقبة بالحصول على النفط العراقي

إذاً لا خبر من السراي يشفي غليل ميشال عون، فيما معركته لتكريس التدقيق الجنائي غير منفصلة عن كباشه الدائم مع حاكم مصرف لبنان. وآخر الجولات تلويح بعبدا بـ”احتمال اتّخاذ رئاسة الجمهورية خطوات إجرائية بحقّ حاكم مصرف لبنان”، وتسريب أخبار عن  احتمال عقد جلسة حكومية لـ”تطيير سلامة”.

لكنّ إعلان مصرف لبنان، إثر الاجتماع التنسيقي مع وزارة المال وشركة “ألفاريز ومارسال”، تسليم قائمة المعلومات المطلوبة من الشركة بعد تحديثها لتأكيد إتاحة المعلومات لها، يُفترض أن يسمح بمساحة من الوقت المستقطع، الذي سيتخلّله ردّ الشركة وتفنيدها لمدى “تجاوب” الحاكم مع البيانات المطلوبة منه على أساس الداتا المُرسلة إليها من وزارة المال.

إقرأ أيضاً: عون يرفع السقف: التدقيق الجنائي قبل الحكومة… والفرنسيون يردّون بالعقوبات

وتشير مصادر بعبدا إلى أنّه “بنتيجة ذلك، سيُبنى على الشيء مقتضاه، لأنّ استمرار التمييع من جانب سلامة يستحيل أن يستمرّ، ومن يجب أن يأخذ الإجراء بحقّه ليس رئاسة الجمهورية، بل مجلس الوزراء مجتمعاً، باعتباره السلطة التي عيّنت سلامة في موقعه”.

وفي هذا الوقت، يوجّه الإعلام المحسوب على العهد اتّهامات صريحة لسلامة “بعزل لبنان مالياً ودولياً بسبب أدائه وسلسلة الاتّهامات بارتكاب جرائم مالية التي وجّهها إليه القضاء الأوروبي، وبتحويله مصرف لبنان إلى كيس رمل يتحصّن خلفه”، متشكّكاً في نواياه “فتح باب مغارة شفط المال العامّ ومراكمة ثروات أصحاب السلطة والنفوذ وتسهيل تهريب أموالهم إلى الخارج”. 

إقرأ أيضاً

لقاءات الخماسية: بحث عن رئيس.. في كومة قشّ الخصومات

عادت اللجنة الخماسية إلى الساحة اللبنانية، لكنّ عودتها كانت قد سبقتها اجتماعات في واشنطن بين الأميركيين والفرنسيين. وعلى أساس توزيع الأدوار والتنسيق في معالجة الملفّات…

الكويت بين “هارفرد” و”إيلينوي”… الصِّدام الحتميّ

يقول التاريخ الكويتي إنّ رئيس الوزراء الذي يذهب لا يعود. أي أنّه يرأس حكومات متتالية ثمّ يمضي من دون أن يأتي مرّة جديدة على رأس…

“سابقة موريس سليم”: الطعن بتعيين رئيس الأركان!

 سجّل وزير الدفاع موريس سليم سابقة لم تعرفها حكومات ما قبل الطائف ولا بعده من خلال الطعن أمام مجلس شورى الدولة بقرار تعيين رئيس الأركان…

نقابة المهندسين: لماذا تعاقب طرابلس تيار المستقبل؟

عقب عودة الرئيس الحريري النسبية إلى الأجواء السياسية في ذكرى 14 شباط، أراد تيّار المستقبل تدشين عودته إلى الملعب السياسي عبر بوّابة انتخابات نقابة المهندسين،…