سعر الدولار… وحماتي

2021-03-09

سعر الدولار… وحماتي

مدة القراءة 4 د.

لا تترك أم زهير الهاتف الذكي من يدها، وتواظب طوال النهار على مراقبة سعر صرف الدولار من خلال تلك التطبيقات الخبيثة: طلع/نزل. يييييه خسرت… يييييه ربحت. وكل ذلك من أجل الدولارات الـ300 التي يرسلها لها زهير من السعودية.

تحويلته الشهرية لأمه كانت 600 دولار، لكنّه خفّضها إلى النصف وقال لها: “صاروا 3 مليون يا إمّي”.

وعلى غرار بعض اللبنانيين المجانين، تفرح حينما يرتفع سعر الصرف، وتحزن حينما ينخفض. أقول لها: يا أم زهير استهدي بالله… ارتفاع الدولار بيفوّتنا بالحيط!

فتقول لي: جدّ إنتَ غشيم… ليش إذا نزل الدولار عم ترخص الأسعار؟

فأصمت ولا أعرف بماذا أجيبها، إلاّ أنّ الثابت الوحيد في تلك القصة كلّها، أنّ “أم الزوز” ما عادت تصرف الدولارات دفعةً واحدة، وإنّما باتت تحوّل دولاراتها إلى الليرة اللبنانية البخسة، بالقطّارة ودولار دولار. فتقصد الصراف آخر الحيّ، بيدها 20 دولارًا في كل مرة… قال هيك بتكون محصّنة من أيّ خسارة.

على غرار بعض اللبنانيين المجانين، تفرح حينما يرتفع سعر الصرف، وتحزن حينما ينخفض. أقول لها: يا أم زهير استهدي بالله… ارتفاع الدولار بيفوّتنا بالحيط

قد تكون أم زهير مُحقّة، لكن في مكان ما، هي وأمثالها يساهمون في رفع سعر الصرف من حيث لا يدرون، لأنّهم يخنقون العرض على الدولارات، وهذا حقّهم في نهاية الأمر… اللهمّ لا اعتراض.

أمّا أنا، فأسلّم أمري لله ولليرة اللبنانية، فأحصل على راتبي التقاعدي من البلدية بالعملة الوطنية على سخافة قيمته ومردوده… لكن “أسلّم راسي” ويا دار ما دخلِك شر.

أبحث عن حلّ لتلك المعضلة من دون جدوى. أراقب طريقة تعاطي السلطة مع هذه الأزمة التي تأكلنا ببطء، أستذكر يوم قالوا لنا إنّ تشكيل الحكومة سيخفّض الدولار إلى حدود 5000 ليرة يوم كان سعر الصرف بـ7 آلاف. اليوم يقولون لنا إنّ تشكيل الحكومة سيخفّض الدولار إلى 8000 بعد أن وصل إلى 10 آلاف. وربما في المستقبل قد يصل إلى 40 ألفًا وسيطمئنوننا بأنّ تشكيل الحكومة سيخفّضه إلى النصف، أي إلى 20 ألفًا (يا فرحتي).

أضحك في سرّي حينما أسمع هذه الأقوال، وأستذكر قصة ذاك “المنحوس” الذي يسكن في بيت مؤلّف من غرفة نوم واحدة ودار وحمّام، واستضاف “خصبًا” عنه “اللزقة” حماته مع حماه.

هرب “المنحوس” من بيته بسبب الزحمة، وقابل صديقًا له في المقهى، وشكا له أمره.

صديقه الفطن أخبره بأنّ الحلّ بسيط، قال له”: “عليك أن تُحضر حمارًا إلى البيت، فهذا الحمار كفيل بأن يتسبّب بتطفيش حماتك وحماك من البيت فترتاح”.

قد تكون أم زهير مُحقّة، لكن في مكان ما، هي وأمثالها يساهمون في رفع سعر الصرف من حيث لا يدرون، لأنّهم يخنقون العرض على الدولارات، وهذا حقّهم في نهاية الأمر… اللهمّ لا اعتراض

أحضر “المنحوس” المسكين حمارًا، لكنّ ضيفَيْه لم “يطفشا” من البيت، فأشار عليه مرةً أخرى أن يُحضر كلبًا “جعاريًّا” من أجل خنق البيت بالزحمة والصخب، علّهما يشعران بمزيد من الإحراج.

 فعاد الرجل إلى صديقه مرة أخرى وأخبره بفشل الخطة. ثم أشار عليه من جديد بإضافة 7 دجاجات إلى منسوب الحيوانات في المنزل. ففعل ولكنّه لم يحصل على النتيجة المرجوّة.

إقرأ أيضاً: عَجِّل يا صيدلي…

شعر صديقه بالعجز، فقال له: “طيّب يا سيدي بيع الحمار لشوف!”، ففعل، وأخبره في اليوم التالي أنّ الوضع إلى تحسّن.

قال له مجددًا: “الآن بِِعِ الكلب”، فباعه ثم أخبره أنّ الوضع إلى مزيد من التحسّن (ولله الحمد).

وفي المرة الثالثة طلب منه التخلّص من الدجاجات، فأعطاها لجاره، وبعد أيام أخبر “المنحوس” صديقه بأنّ الوضع في البيت بات “عال العال” بعد التخلص من هذه الأعباء… وتشكّر صديقه على هذه النصائح الفعّالة!

هذا حالنا في لبنان، كلما اشتدّت الأزمة اختلقوا لنا أزمات إضافية، ومتى رحلت فرحنا، إلاّ أنّ الخازوق “هوّي هوّي يا بعدي”.

 

*هذا المقال من نسج خيال الكاتب

إقرأ أيضاً

من يجرؤ على مواجهة الحزب.. قبل تدمير لبنان؟

تكمن المشكلة المزمنة التي يعاني منها لبنان في غياب المحاسبة، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بقضايا كبرى في مستوى دخول حرب مع إسرائيل بفتح جبهة جنوب…

لماذا لا يرى أتباع إيران الحقيقة؟

لو صدّقت إيران كذبتها فذلك من حقّها. غير أنّ حكاية الآخرين مع تلك الكذبة تستحقّ أن يتأمّلها المرء من غير أن يسبق تأمّلاته بأحكام جاهزة….

حسابات أنقرة في غزة بعد 200 يوم

بعد مرور 200 يوم على انفجار الوضع في قطاع غزة ما زالت سيناريوهات التهدئة والتصعيد في سباق مع الوقت. لو كان بمقدور لاعب إقليمي لوحده…

مقتدى الصدر في آخر استعراضاته المجّانيّة

لا يُلام مقتدى الصدر على استعراضاته المتكرّرة بل يقع اللوم على مَن يصدّق تلك الاستعراضات ويشارك فيها. وقد انخفض عدد مناصري الصدر بسبب ما أُصيبوا…