المرعبي لـ”أساس”: “مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ”

“مَنْ يَهُنْ يَسْهُلِ الهَوَانُ عَلَيهِ. وصلنا إلى مرحلة بتنا نستهين بالإهانة وبالتخاذل”. بهذه الكلمات المليئة بالحسرة يبدأ الوزير الأسبق معين المرعبي حواره مع “أساس”.

لم يُبدِ المرعبي استغرابه حول الفيديو المسرّب لرئيس الجمهورية ميشال عون الذي أثار زوبعة، وفيه اتّهم الرئيس المكلّف سعد الحريري بأنّه “يكذب”. برأيه أنّ الفيديو كان مقصوداً لإحراج الرئيس الحريري وافتعال المشاكل، معتبراً أنّ “من يقف خلف الموضوع هو ذكاء حزب الله ومعه جبران باسيل، وهم في الوقت الحالي ليسوا بوارد لا تأليف حكومة ولا أيّ شي آخر”.

وحول صمت رؤساء الحكومة السابقين تجاه هذه الإهانة قال الوزير السابق الشمالي: “هذا يُسمّى تخاذلاً كاملاً من رؤساء الحكومة السابقين، ومن الجميع. فالقضية لا تتعلّق فقط برؤساء الحكومة. هي إهانة لكيان الدولة اللبنانية، إهانة لمقام رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة. رئيس الجمهورية يفترض به أن يكون حَكَماً. وهو أهان رئاسة حكومة، وأهان رئيساً سمّته أغلبية معيّنة من الكتل النيابية، وامتدّت هذه الإهانة إلى كلّ من سمّى الرئيس الحريري أيضاً”.

وأضاف المرعبي: “رؤساء الحكومات السابقون قرّروا التزام الصمت كي لا تتعقّد الأمور أكثر فأكثر. لكنّ الرأي العام عبّر عن سخطه من رئيس الجمهورية، ومن رئيس الحكومة المكّلف: كيف قَبِلَ بهذه الإهانة ولم يتم التصرف بالطريقة المناسبة. وعن الانقاذ، فقد كان بإمكان الحريري دعم أشخاصاً آخرين للوصول إلى سُدّة الرئاسة كنواف سلام مثلاً، أو شخصيات أخرى، إذا كان هناك فعلاً صدق بالنيّة على إنقاذ البلاد، والتعالي على الأنانية. لكن للأسف الحقيقة المُرّة أنّ الجميع يركض خلف الغاز ومحاصصته”.

حول صمت رؤساء الحكومة السابقين تجاه هذه الإهانة قال الوزير السابق الشمالي: هذا يُسمّى تخاذلاً كاملاً من رؤساء الحكومة السابقين، ومن الجميع

 

لكن ما المطلوب اليوم لتشكيل الحكومة والخروج من هذا النفق المظلم؟

يجيب المرعبي: “ليس المطروح اليوم تشكيل الحكومة بل أبعد من ذلك بكثير، الأسماء التي تتفاوض هي التي أوصلت البلاد إلى ما هي عليه. صحيحٌ أنّ التغيير لا يحصل بين لحظة وأخرى، وثورة 17 تشرين غيّرت الكثير. لكن ما يحصل وما نراه أنّ النهب مستمرّ من خلال ما يسمى الدّعم الحكومي للمواد الأساسية، التي يتم تهريبها أو تخزينها في مستودعات تابعة لحزب الله وشركائه، يؤشّر أنّ أفرقاء السلطة الحاكمة يريدون استمرار الوضع الحالي حتى نفاذ آخر “فلس” من الدّعم المتوفر. كما أنه لا شيء سيتغيّر في الحكومة الجديد طالما الأحزاب نفسها تتقاسم المناصب والحقائب. وأنا لست متفائلاً بالنسبة إلى حكومة تتشكّل من نفس هؤلاء الأفرقاء”.

لا يعتبر المرعبي أنّ الحلّ بتشكيل حكومة إنقاذية: “إذا كان هناك فعلاً جديّة وإرادة لمساعدة لبنان، يجب على كل الأفرقاء المدنيين والسياسيين أن يجلسوا على طاولة حوار وطني  صادق وصريح ويحدّدوا أيّ لبنان نريد. قد نُطلق عليه اسم “المؤتمر التأسيسي”. فالبلد يسير إلى نهاية واحدة هي أنّ حزب الله المدعوم بكل ما يمكن من النظام الايراني، سيرث الدولة اللبنانية وسيؤسس لولاية ايرانية كاملة في لبنان نتيجة وهج السلاح. بينما بقية الأفرقاء همّهم الوحيد الفساد وسرقة موارد الدولة. والأساس في الخلافات وإصرار البعض على فرض شروط حكومية، هو الحصول على حصص في الغاز والنفط لا أكثر ولا أقلّ”.

إذا كان هناك فعلاً جديّة وإرادة لمساعدة لبنان، يجب على كل الأفرقاء المدنيين والسياسيين أن يجلسوا على طاولة حوار وطني صادق وصريح ويحدّدوا أيّ لبنان نريد. قد نُطلق عليه اسم “المؤتمر التأسيسي”

 

ماذا عن مطالبات بتشكيل جبهة سياسية معارضة؟

يجيب المرعبي: “المطالبون بها هم من أهل السلطة. فكيف لنا أن نثق بهم مجدداً. هم من أتوا بميشال عون رئسياً للجمهورية. هم من قاموا بتوظيف 350.000 مواطن في الدولة لمناصرتهم، وربما ينقلبون عليهم عندما يجدون أنّ راتبهم الشهري أصبح لا يكفي لشراء حبّة دواء. “الاهتراء” بات غير قابل للإصلاح. يجب الخلاص من هذه الدولة وإعادة تشكيلها على أسس سليمة تتيح لنا المساواة بين اللبنانيين. والبيئة الحاضنة لحزب الله ستصل إلى قناعة بأنّ التفلّت وانحلال الدولة لم يؤدِ إلّا إلى خراب لبنان وتحويله إلى دولة فاشلة. فالانهيار ربما يكون مفيداً في مكان ما، عسى أن يتيح لنا الفرصة تأسيس دولة جديّة للأجيال الآتية”.

إقرأ أيضاً: معين المرعبي لـ”أساس”: حين يخرج نصر الله.. يعود النازحون السوريون

ويعتبر أنّ “خير ما يفعله المجتمع الدولي هو عدم تقديم دعم للبنان. لأّنّ الدعم يذهب باتجاه حزب الله والاقتصاد الموازي الذي يقوم هو بتشغيله”، وبالتالي: “للأسف لا حلّ قريب غير الانهيار الكامل وإعادة تشكيل البلد. فاللبنانيون ليسوا في وارد مواجهة حزب الله، لذلك علينا أن نقوم بمواجهته بالعقوبات أو من خلال رفع الدعم، بحكم أنّ منظومة السلاح والفساد تحمي بعضها البعض. الفساد يغطي السلاح والسلاح يغطّي الفساد”.

وختم المرعبي كلامه: “لا نستطيع الاستمرار مع السلطة الموجودة وما تمارسه. الأمر الذي قد يفتح كوّة في الوضع الحالي هو وصولنا إلى “ما تحت القعر”، فتتشكل فرصة قوية لوضع لبنان تحت وصاية دولية. فحتّى المبادرة الفرنسية فشلت كونها غير جديّة، وكان واضحاً تراجع ماكرون عن المبادئ الأساسية لتشكيل “حكومة مهمة” من الخبراء الاختصاصيين المستقلّين، ويبدو أنّ المبادرة تتعلّق بالنفط والغاز ويصح تسميتها: مبادرة total“.

إقرأ أيضاً

هل يزور البخاري فرنجية قريباً؟

يلتقي سفراء اللجنة الخماسية الرئيس نبيه برّي مجدّداً بداية الأسبوع المقبل لوضعه في حصيلة اللقاءات مع القوى السياسية. بعد ذلك، لا “برمة” جديدة لممثّلي واشنطن…

لقاءات الخماسية: بحث عن رئيس.. في كومة قشّ الخصومات

عادت اللجنة الخماسية إلى الساحة اللبنانية، لكنّ عودتها كانت قد سبقتها اجتماعات في واشنطن بين الأميركيين والفرنسيين. وعلى أساس توزيع الأدوار والتنسيق في معالجة الملفّات…

الكويت بين “هارفرد” و”إيلينوي”… الصِّدام الحتميّ

يقول التاريخ الكويتي إنّ رئيس الوزراء الذي يذهب لا يعود. أي أنّه يرأس حكومات متتالية ثمّ يمضي من دون أن يأتي مرّة جديدة على رأس…

“سابقة موريس سليم”: الطعن بتعيين رئيس الأركان!

 سجّل وزير الدفاع موريس سليم سابقة لم تعرفها حكومات ما قبل الطائف ولا بعده من خلال الطعن أمام مجلس شورى الدولة بقرار تعيين رئيس الأركان…