كورونا يرعب غير المصابين: هجوم لشراء أجهزة تنفّس “احتياطاً”

“كنّا نقول إنّه لم يتبقَ سوى الهواء الذي نتنفّسه، لم يُحتكر ليُباع في السوق السوداء كي ندفع ثمنه مضاعفاً لتجار الأزمات. أما الآن، وبعد انتشار جائحة كورونا، بتنا ندفع ثمن الأوكسجين أضعافاً مضاعفة”. فكرة باتت تخطر على بال الكثير من اللبنانيين ويردّدها بعضهم في ظلّ المخاوف وقلّة الثقة نتيجة الانتشار الواسع للفيروس القاتل وبعد انقطاع الدواء. فقد هرع كُثر لاقتناء أجهزة التنفس والأوكسجين وحفظها في منازلهم، خوفاً من فقدانها وعدم القدرة على تأمينها عند الحاجة إليها إذا أصابتهم عدوى كوفيد-19.

على سبيل المثال، اشترت بلدية بشمزين قارورتين من الأوكسيجين وماكينة توليد أوكسيجين وجهازين لفحص مقياس نسبة الأوكسجين في الدم ووضعتها تحت التصرف في حال الضرورة، في شكل احترازي، بعد ازدياد حالات كورونا في البلدة. وتمنّت على الأهالي التواصل مع اللجنة الطبية في البلدية عند الحاجة لتقويم الوضع، واتخاذ الإجراءات اللازمة عند الضرورة.

سلسلة أسئلة تطرح نفسها: أين دور البلديات الأخرى؟ أين لجنة الطوارئ في البلديات؟ وهل يمكن استبدال Oximeter بالتطبيقات على الهواتف؟ 

رئيس شركة Phoenix Machinery والرئيس السابق لجمعية الصناعيين اللبنانيين، النائب المستقيل نعمة افرام أكد لـ”أساس” أنه قد حذّر طويلاّ في وقت سابق من سقوط خطّ الدفاع الأوّل وهو منع تفشّي الوباء والوصول إلى النموذج الإيطاليّ”. وتابع: “عرضتُ قبل ثمانية أشهر خطّ الدفاع الثاني في حال فقدان السيطرة، باستحداث غرف عناية فائقة مركبّة مصمّمة خصّيصاً لتوضع في مواقف سيارات المستشفيات مع ممرّ موصول بها”.

وأضاف: “اليوم وصلنا إلى المحظور، لكن بفضل تحضيرات استباقيّة (وجود مواد أولية)، تمكّن من تصنيع 50 جهّاز تنفسّ اصطناعي (VENTILATOR)، والقسم الأكبر منها تمّ بيعه لبعض المستشفيات غير الحكومية ومؤسسات NGO، اما المستشفيات الحكومية فلم تُقدم على الشراء، ولم يتبقَ إلا 15 جهازاً. وهنا أعود وأكرّر اقتراحي باستحداث غرف عناية فائقة مركبّة ميدانيّاً، ومجهّزة، سبق أن قدّمت خرائطها وملفّاً كاملاً بشأنها”.

رئيس شركة Phoenix Machinery والرئيس السابق لجمعية الصناعيين اللبنانيين، النائب المستقيل نعمة افرام أكد لـ”أساس” أنه قد حذّر طويلاّ في وقت سابق من سقوط خطّ الدفاع الأوّل وهو منع تفشّي الوباء والوصول إلى النموذج الإيطاليّ

نقيبة مستوردي المستلزمات الطبية سلمى عاصي أوضحت في حديث لـ”أساس”أنّ “الأوكسجين المنزلي مفيد في حال بدأت نسبة الأوكسجين بالانخفاض، لكن بالطبع مع متابعة طبية إلى حين توفير سرير شاغر في أحد أقسام العناية الفائقة. وهذا أفضل من لا شيء. لكنّنا اليوم نواجه مشكلة هي الهجوم على شراء ماكينات الأوكسجين التي تستخدم في المنازل، 70% من الطلبات خلفيتها التخزين الاحتياطي، واستعمال هذه الماكينات بسيط جداً، هذا ما أوصلنا الى مرحلة أنّ المريض المحتاج فعلاً لهذه الأجهزة لم يعد يجدها في السوق”.

وتتحدّث عاصي “عن أنواع عدّة من أجهزة التنفس في المستشفيات، لكنها متشابهة تقريباً في فاعليتها. وتساعد الأجهزة كافة المريض ورئتيه في التنفس عبر تأمين الأوكسجين كي يتمكّن من محاربة الفيروس والقضاء عليه بفضل مناعته. فتعمل الأجهزة بهذه الطريقة عامة. 2.5 % من الحالات فقط تحتاج إلى جهاز تنفّس. وبالتالي، لا يحتاج كلّ المصابين إلى جهاز تنفس كما يعتقد البعض، ومعظم مرضى كورونا عادة ما يستخدمون أجهزة التنفس لمدة أسبوع إلى أسبوعين”.

وعن سعرها الحقيقي قالت: “سعر الجهاز الذي يستعمل في العناية الفائقة يتراوح بين سبعة وعشرة آلاف دولار. أما آلة الأوكسجين المنزلي، فسعره يترواح بين 700 و1400 دولار تقريباً وليس سعر Oximeter، الذي كان 100 ألف ليرة ووصل إلى 200 ألف ليرة (لأنّه صناعة صينية). أما النوع الالماني فكان ثمنه 200 ألف ليرة وقفز إلى 300 ألف. في السابق لم نكن نشتريها، بل كانت الشركات تقوم بتأجيرها للمريض وعند الانتهاء يعيدها إلى الشركة، وهي  ليست مدعومة من مصرف لبنان لأنّها تعتبر معدّاتٍ، والمصرف لا يدعم معدات”.

تتحدّث عاصي عن أنواع عدّة من أجهزة التنفس في المستشفيات، لكنها متشابهة تقريباً في فاعليتها. وتساعد الأجهزة كافة المريض ورئتيه في التنفس عبر تأمين الأوكسجين كي يتمكّن من محاربة الفيروس والقضاء عليه بفضل مناعته

وأعلنت عاصي عن “وصول كمية من الأجهزة والمعدات الطبية إلى لبنان لأنّ الأزمة تفاقمت وبدأت الأمور تخرج عن السيطرة”. وتوجّهت إلى “المعنيين بمناشدتهم أن يسرعوا في إدخالها إلى البلد عبر تخليص الأوراق اللازمة إن في المطار أو في الجمارك أو حتّى في المرفأ، بأقسى سرعة كي يتم تسليمها للمرضى”.

وتمنّت عاصي على المواطنين عدم الهجوم على شراء الأجهزة: “فمن ليس بحاجة لها عليه أن يتركها لغيره كي لا يكون سبباً في وفاة أيّ مريض. كما أطلب من المواطنين التأكّد من مصدر الأجهزة والماكينات وأسماء الوكلاء قبل شرائها لأنّ هناك ماكينات في السوق تُصدر الهواء وليس الأوكسجين”.

إقرأ أيضاً: لبنان الإيطالي: مرضى الكورونا على أبواب المستشفيات وبرادات الجثث فوّلت

هل من الممكن استبدال Oximeter بالتطبيقات على الهواتف؟

مصادر طبية أوضحت لـ”أساس” أنّه في حال تعذّر شراء جهاز Oximeter، يمكن استبداله بتطبيقات متعدّدة على الهواتف الذكية أو في الساعة الذكية، مع وجوب التأكد من فعالية التطبيق من طبيب، وبحسب الإرشادات الطبية فإنّ معدّل الأوكسجين في الجسم يجب أن يكون فوق 95، أما معدل نبصات القلب فيجب أن يكون بين 60 و90 في الدقيقة الواحدة وصولاً للحرارة التي يجب أن تتراوح بين 36.5 و 37.5. أما معدّل التنفس الطبيعي فهو ما بين 10 – 16 نفساً في الدقيقة الواحدة. وفي حال ظهرت أرقام مغايرة للمعايير المعتمدة يجب الاتصال بالطبيب وإبلاغه فوراً”.

في الخلاصة، يبدو أنّ الهلع يسيطر على اللبنانيين. وكما أظهروا علناً بعد فقدان مشروب النسكافيه، يتكرّر المشهد مع نفاذ الكميات المتوافرة من الأوكسجين وماكينات التنفّس الاصطناعي.

إقرأ أيضاً

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…