من أبو زهير إلى ماكرون: ما تنسى الصنوبرات…


السيد الرئيس إيمانويل ماكرون العزيز،

قبل السلام والكلام، أتمنى أن تكون بصحة جيدة أنتَ والستّ بريجيت، داعياً المولى عزّ وجلّ أن يبعد عنكما أيّ مكروه، ويحصّنكما من شرور أرذل الأيام وأسوئها.

نحن يا سيدي الرئيس قد أتممنا هنا في بيروت، مع نهاية هذا الشهر، حجراً منزلياً قاسياً دام قرابة أسبوعين، أقرّته الحكومة حرصاً على سلامتنا من فيروس كورونا، ولله الحمد، لكننّا نسأل المولى بعزم وهمّة وزير الداخلية محمد فهمي (قاهر السلطات القضائية) أن تعود الحياة تدريجياً إلى طبيعتها مطلع هذا الأسبوع.

أقول هذا الكلام يا سيدي الرئيس، لأنّ زيارتكم لبنان في المرات السابقة كانت تغصّ بالمشاغل وبالزيارات الرسمية وباللقاءات، فسكتنا أنا وأم زهير، ولم نبدِ امتعاضاً حرصاً منّا على عدم إلهائك عن مسؤولياتك. أم زهير تعرف أنّك كنت محاطاً بالوفود، ولم تكن بريجيت برفقتك في الزيارتين الماضيتين، ولم تلحّ عليّ حتّى أتصل بك أطلب منك “تميّل صوبنا”، كما أنّها لم تشأ تعكير صفو أم زياد و”تعكنن” عليها الأجواء الاحتفالية التي أقامتها في أنطلياس احتفاءً بزيارتك. لكن في الزيارة المقبلة المقرّرة الشهر المقبل، لن تمرّ زيارتك مرور الكرام.

قبل السلام والكلام، أتمنى أن تكون بصحة جيدة أنتَ والستّ بريجيت، داعياً المولى عزّ وجلّ أن يبعد عنكما أيّ مكروه، ويحصّنكما من شرور أرذل الأيام وأسوئها

أم زهير تنتظر الستّ بريجيت على أكلة “ملوخية بالعصاعيص” (غنم ورب الكعبة)، وأكلة “أرنبية بالكبّة” أعدّت أقراصها سلفاً ووضعناها في الثلاجة وتنتظر إقبالكما سالمَين. كما تعدّ العدّة لتقدم لك Dessert مميّز، فهي تعرفك مُحِبّاً نَهِماً للحلويات. هذا الصنف من الحلوى بيروتيّ تراثي أصيل، يُسمى “المفتّقة”، وأم زهير تنتظر زيارتكما الميمونة حتى تعلّق على الحلّة، وتتناوب على الحرك مع الست بريجيت، لكنّها تخجل من إخبارك أنّ الصنوبر في لبنان بات بسعر البلاتين، والعياذ بالله، وقد حضّتني لأطلب منك، بالأملية لو سمحت، أن تحضر معك أوقية صنوبر فرنسي بلدي لننثره على وجه “المفتّقة” من بعد ما “يفقس السارج” (شو بدك بهالخبرية يمكن ما تفهمها).

أما بعد يا سيادة الرئيس، أتوجّه إليكم بهذه الرسالة لأقول لسيادتكم بمنتهى الصراحة، إنّ “ما حا أحسن من حا” (على رأي أسعد وجودي). فالوزير جبران باسيل مواطن لبناني كما أنا أيضاً مواطن لبناني، وكذلك أنا يحق لي أن أكاتبكم وأراسلكم وأنتظر ردّاّ من جانبكم، وذلك من باب المساواة التي تؤمنون بها في فرنسا، وتحضّون الشعوب على التحلّي بها.

الفرق بيني وبين باسيل، بسيط. صحيح أنّ حماه رئيس للجمهورية لكن حماي أنا، أبو معروف (رحمة الله عليه)، كان تاجراً كبيراً، باعه طويل وصيته ذائع في سوق الخضار من أيام ساحة البرج. أما أنا، فقليل الحظ لأنه لم يتسنّ لي التعرّف إليه، فقد وافته المنية قبل أن يتّم النصيب بيني وبين أم زهير، وهذا هو الفرق بيننا. 

ربما لو شاءت الأقدار لتعرّفت إليه، ولكان عيّنني مسؤولَ محاسبة في وكالة البقالة التي كان يملكها. من يدري؟ لعلّه أيضاً كان قد ألزم تجّار الخضار بالتعامل معي وبتعييني وكيلاً على أعمالهم وأرزاقهم. ربما فرضني عليهم وعلى السوق، فمن حضر السوق باع واشترى. لعلّه كان حرمهم من خضاره ومن فاكهته البلدية الطازجة إن لم “يبوسوا تيريز”!

يا سيادة الرئيس، أتوجّه إليكم بهذه الرسالة لأقول لسيادتكم بمنتهى الصراحة، إنّ “ما حا أحسن من حا” (على رأي أسعد وجودي). فالوزير جبران باسيل مواطن لبناني كما أنا أيضاً مواطن لبناني، وكذلك أنا يحق لي أن أكاتبكم وأراسلكم وأنتظر ردّاّ من جانبكم

على أيّ حال يا صديقي إيمانويل، الدنيا حظوظ، ونحن حظنا قليل، ولم نخرج من هذه الدنيا إلا بمحبة الناس وبسمعتنا الطيبة ولله الحمد، (مش متل بعض جماعات).

إقرأ أيضاً: فيروز لماكرون: سأخبرك و”مش فارقة معايا”

جلّ ما أريده من هذه الرسالة أخي ماكرون، أنّ تسمع منّي كمواطن وصديق، الطرف الآخر من القصة لأنني شعرت لوهلة بأن باسيل أثّر بكم في رسالته المزعومة، خصوصاً في ما يخصّ “سالفة” تعطيل التدقيق الجنائي. فكلّهم إما مُعَطِّلون لها أو يبغضونها فلا تصدّقهم. كلّهم بلا استثناء، وبمن فيهم صديقك (ما غيرو). فخّخوا العقد الموقّع مع “شركة ألفاريز” حتى يهربوا بحجج واهية. كلها لُعب كشاتبين، إسمع مني، واثبت على مواقفك و”دِير الطرشا”، أنت الكسبان.

ملاحظة: تجدون لصقاً بالمظروف، طابعاً جديداً أطلقته “ليبانبوست” مؤخراً، ويجسّد انفجار المرفأ بأبشع حلله، وجب تنبيهكم فلا تهلعوا.

أخوك في الله أبو زهير

(ما تنسى الصنوبرات الله يرضى عليك)

 

 *هذا المقال من نسج خيال الكاتب

إقرأ أيضاً

من يجرؤ على مواجهة الحزب.. قبل تدمير لبنان؟

تكمن المشكلة المزمنة التي يعاني منها لبنان في غياب المحاسبة، خصوصاً عندما يتعلّق الأمر بقضايا كبرى في مستوى دخول حرب مع إسرائيل بفتح جبهة جنوب…

لماذا لا يرى أتباع إيران الحقيقة؟

لو صدّقت إيران كذبتها فذلك من حقّها. غير أنّ حكاية الآخرين مع تلك الكذبة تستحقّ أن يتأمّلها المرء من غير أن يسبق تأمّلاته بأحكام جاهزة….

حسابات أنقرة في غزة بعد 200 يوم

بعد مرور 200 يوم على انفجار الوضع في قطاع غزة ما زالت سيناريوهات التهدئة والتصعيد في سباق مع الوقت. لو كان بمقدور لاعب إقليمي لوحده…

مقتدى الصدر في آخر استعراضاته المجّانيّة

لا يُلام مقتدى الصدر على استعراضاته المتكرّرة بل يقع اللوم على مَن يصدّق تلك الاستعراضات ويشارك فيها. وقد انخفض عدد مناصري الصدر بسبب ما أُصيبوا…