“بوالص” 4 آب: 1.5 مليار $ ستدفعها شركات التأمين


صدر تقرير لجنة الرقابة على هيئات الضمان حول الأضرار المؤمّنة والناجمة عن تفجير مرفأ بيروت. وقد أكّد التقرير المنشور على الموقع الرسمي للجنة (Insurance Control Commission) أنّ غالبية أضرار الانفجار مؤمّنة من معيدي التأمين. هذا الأمر يؤكد أنّ كل ما أُثير خلال الفترة الماضية من تخوّفات لم تكن في محلها.

في جميع الأحوال، آن الأوان لتصدر “الدولة” تقريرها الرسمي حتّى يقوم القطاع التأميني بدوره. فعندما حُكي عن أضرار بـ5 مليارات دولار، لم يكن المقصود أنّ الخسائر كلها مؤمّنة بهذا المبلغ، بل إنّ المؤمَّن منها تناهز قيمته المليار ونصف المليار دولار، فيما تتحمّل الدولة اللبنانية المُهمِلة كلّ الباقي. وعندما فُتح هذا الملفّ على مصراعيه، لم تكن وزارة الاقتصاد والتجارة قد أعلنت عن عدد البوالص غير الخاضعة لإعادة التأمين. غير أنّ تقرير أمس الأول بدّل كلّ المعادلة، وشكّل طمأنة لحاملي البوالص الذين يجهلون مصير أرزاقهم وممتلكاتهم حتّى الساعة.

في اتصال مع “أساس” يوضح رئيس جمعية شركات الضمان “ACAL” إيلي طربيه أنّ “تقرير إجمالي كلفة الأضرار المتوقّعة عن كلّ فروع التأمين الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت  في 4 آب، الذي صدر رسمياً عن لجنة الرقابة على شركات الضمان ICC، يؤكد أنّ كلّ تلك الأضرار معاد تأمينها عالمياً بحدود 95%?. أي إنّ حصة الشركات اللبنانية من البوالص تبلغ 5% (حوالي 60 مليون دولار) فيما تتحمّل شركات إعادة التأمين الـ 95% (نحو مليار و200 مليون). ذلك يعني ببساطة أنّ الشركات اللبنانية تتحمّل الكلفة الأقل، وهنا تسقط نظرية تهرّبنا من المسؤولية”.

ويضيف طربيه” أنّ التقرير يدحض وبالأرقام كلّ المزاعم الخاطئة، التي كانت قد أُطلقت سابقاً عن أنّ أكثر من 500 مليون دولار من تلك الأضرار غير معاد تأمينها مع الشركات العالمية. فالتقرير يشير إلى أنّ الكلفة الإجمالية المقدّرة للأضرار لا تتعدّى المليار و250 مليون دولار، وهي بغالبيتها مؤمّنة. لذا لن يكون هناك أيّ مشاكل بين الشركات وبين عملائها. ولن يكون هناك من داعٍ لأيّ تدخل من قبل أيّ شركة أجنبية لتحصيل حقوق المؤمّنين”.

تقرير إجمالي كلفة الأضرار المتوقّعة عن كلّ فروع التأمين الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت في 4 آب، الذي صدر رسمياً عن لجنة الرقابة على شركات الضمان ICC، يؤكد أنّ كلّ تلك الأضرار معاد تأمينها عالمياً بحدود 95%

لكنّ “الحديث عن الدفع بالدولار أو بالليرة وفقاً لسعر السوق، لا يزال سابقاً لأوانه”، يشرح طربيه: “معيدو التأمين يتحكّمون بهذه الشروط. فإذا تبيّن أنّ سبب الانفجار هجمة حربية، عندها تكون 5% فقط من البوالص مؤمّنة. إما إذا أظهر التقرير الرسمي أنّ الحادث عرضي، فلن تكون هناك أي مشكلة. في جميع الأحوال تجدر مراجعة شروط كلّ بوليصة على حدة”.

ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ الشركات دخلت في مفاوضات جدّية مع معيدي التأمين، وقد توصّلت إلى شبه اتفاق، لكنّه لم يصل إلى الخواتيم الإيجابية: “فقد حاولنا إقناع الشركات الأجنبية أن تبدأ بتغطية الأضرار قبل صدور التقرير الرسمي. إلا أنّها اشترطت على أنّه في حال بيّن التقرير أنّ سبب الانفجار هجمة حربية، فعندها يتوجّب علينا إعادة المبالغ المدفوعة. في الوقع، هذا الأمر مستحيل الحدوث، أولاً بسبب الحالة التي آل إليها القطاع المصرفي وتقييد التحاويل إلى الخارج، وثانياً لأن المبلغ المتوجّب يفوق قدرات القطاع التأميني. لذا، ننتظر التقرير النهائي حتى يُبنى على الشيء مقتضاه. والشركات ملزمة بتغطية كلّ الأضرار حتى ولو كانت الفواتير بالليرة اللبنانية وفقاً لسعر صرف السوق، لكن وفقاً لشروط واستثناءات كلّ عقد”.

إقرأ أيضاً: “التأمين” في مهبّ “التهريب”… من يُراقب لجنة الرقابة؟!

تقنياً، تقسم الاتفاقيات (treaties) بين الشركات المحلية والشركات المعيدة للتأمين إلى نوعين:

– الأوّل: “excess of loss reinsurance”. يتمّ الاتفاق مع معيد التأمين على حدود فائض التغطية. أي إذا كان الاتفاق يغطّي على سبيل المثال أضراراً بـ50 ألف دولار، فإن أيّ حادث يكلّف أقل لا تتحمّله شركة إعادة التأمين. أما إن خلّف الحادث أضراراً بـ100 الف دولار، فتغطي شركة إعادة التأمين 50 الفاً فقط (الـexcess).

– الثاني: “quota share”. وهذا النوع مخصّص في غالب الأحيان للحرائق والحوادث الكبيرة. هنا يتمّ الاتفاق بين الشركة المحلية ومعيد التأمين وفق نسب معيّنة، كأن تتحمّل الشركة المحلية 20%على سبيل الذكر، فيما يأخذ معيد التأمين 80% من التغطية على عاتقه.

وإذا كانت شركات التأمين اللبنانية تتحمّل 5% فقط من مجمل أضرار تفجير الرابع من آب، فهي ستسعى جاهدة لتأمين حقوق المتضرّرين هرباً من الدعاوى القضائية وخوفاً من خسارة المزيد من الزبائن…

إقرأ أيضاً

لماذا يرتفع سعر الذهب عالميّاً… وهل هو بديل مصارف لبنان؟

على الرغم من الانخفاض الذي شهدته أسعار الذهب في اليومين الماضيين، إلّا أنّ المؤشّرات المدعومة بتوقّعات الخبراء تفيد بأنّ هذا الانخفاض هو مجرّد “تصحيح مؤقّت”….

الانتظار والمماطلة: نعمة الطبقة الحاكمة ونقمة المواطنّ!

محطّات عدّة مرّت على لبنان، ولطالما عاكست الظروف التي واكبت هذه المحطّات مصلحة المواطن، وساهمت في إبقاء الأداء المشين لـ”الطبقة الحاكمة” على ما هو عليه….

السلطة V/S المصارف: الأزمة بحاجة لـ”عقل محايد” يحسم خلافاً

يستعر الخلاف بين المصارف من جهة وبين مصرف لبنان والسلطة السياسية من جهة أخرى، حول الأزمة الاقتصادية، وذلك منذ ما يزيد على 4 سنوات، ولا…

مفاوضات صندوق النقد: لبنان في حالة موت سريريّ

كثرت في هذه الأيام الرسائل الموجّهة إلى صندوق النقد الدولي من قبل جهات عديدة من المجتمع اللبناني في محاولة لإرشاده إلى كيفية مقاربة حلّ “للمصيبة…