ابراهيم نجار لـ”أساس”: رفع السرية عن حسابات وزارة المالية قانوني


في حمأة الجدل القانوني حول التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، والحديث عن خرقه قانون السرية المصرفية، يرفض وزير المالية غازي وزني السير باقتراح وزيرة العدل ماري كلود نجم، توجيه كتاب إلى مصرف لبنان يقضي برفع السرية المصرفية عن حسابات الدولة، ويعتبره دعوة صريحة لتخطّي القانون.

لعلّ وزني، وفريقه السياسي من خلفه، لم يلغّما العقد الموقّع مع شركة “ألفاريز أند مارسال” في إشارة العقد إلى “القوانين اللبنانية المرعية الإجراء”، حتّى يعودا ليسهّلان التدقيق بموجب طلب كهذا. بل على العكس، فإن تلك كانت حجّة السلطة مجتمعة لتطيير التدقيق، تماماً مثلما طار الـ”كابيتال كونترول” وطارت معه مدّخرات اللبنانيين الدولارية بسبب التأخير في إقراره، فلاذت البنوك بالأموال، ودفع المودعون الثمن.  

في هذا الصدد، يقول وزير العدل السابق البروفسور ابراهيم نجار في اتصال مع “أساس” إنّ مصرف لبنان “لا يجوز له تحت طائلة الملاحقة القضائية والجنائية أن يرفع السرية المصرفية عن أحد من دون نصوص خاصة وواضحة، لأنّ المطلوب منه تطبيق القانون بحذافيره دون محاباة أو مسايرة أو رضوخ لاعتبارات سياسية”.

لعلّ وزني، وفريقه السياسي من خلفه، لم يلغّما العقد الموقّع مع شركة “ألفاريز أند مارسال” في إشارة العقد إلى “القوانين اللبنانية المرعية الإجراء”، حتّى يعودا ليسهّلان التدقيق بموجب طلب كهذا

أما هيئة الاستشارات والتشريع، فيرى نجار أنّ رأيها “استشاري محض وغير ملزم”. في نظر نجار، فإن وزيرة العدل وأيّ مرجعية سياسية أخرى غير قادرة على خرق القانون، لأنّ “الاستشارة ليست قانوناً، والقانون لا يحتاج إلى استشارة ليُطبّق”.

إذاً، القانون يفرض نفسه. وقانون السرية المصرفية مختلف كلياً عن “قانون الوصول إلى المعلومات” الذي تطرّقت إليه وزيرة العدل في الدراسة التي قدّمتها إلى مجلس الوزراء، لأنّ الأول هو قانون خاص، فيما الثاني لا ينصّ حرفياً على السرية المصرفية. ومعروف أنّ “القانون الخاص لا يُلغى بقانون عام، بل يسمو عليه. وتعديله أو إلغاؤه، يحتاجان إلى قانون خاصّ آخر”، بحسب ما يؤكد نجار.

أضف إلى ذلك، فإن قانون الوصول إلى المعلومات يلحظ في المادة الخامسة منه نوع المستندات غير القابلة للاطلاع عليها، ويؤكد في الفقرة “أ” أنّه لا يمكن الوصول الى المعلومات المتعلّقة بـ”ما ينال من المصالح المالية والاقتصادية للدولة وسلامة العملة الوطنية”. وقد تكون هذه المادة سلاحاً إضافياً يتمسّك به مصرف لبنان لرفض الكشف عن مستنداته.

القانون يفرض نفسه. وقانون السرية المصرفية مختلف كلياً عن “قانون الوصول إلى المعلومات” الذي تطرّقت إليه وزيرة العدل في الدراسة التي قدّمتها إلى مجلس الوزراء

لكن ماذا لو طلب صاحب العلاقة رفع السرية طوعاً عن حساباته؟ أي ماذا لو رفع وزير المالية غازي وزني كتاباً إلى مصرف لبنان يطلب فيه ذلك؟

يؤكد نجار أنّه في هذه الحالة، “لوزارة المالية الحقّ بالكشف عن حساباتها الخاصة، وهذا لا يخرق السرية المصرفية أبداً، طالما أنّ صاحب العلاقة نفسه يطلب هذا الأمر. أما أن تطلب وزارة العدل هذا الطلب، فهذا ليس من اختصاصها، وإنما من اختصاص وزير المالية… المهم أن يقرّر هو إرسال هذا الطلب”.

إقرأ أيضاً: التدقيق الجنائي… نسفته رغبة الجميع

ولدى سؤاله عن سبب امتناع وزير المالية حتى الآن عن توجيه هذا الكتاب، يكتفي نجار بالقول: “أتمنى على وزير المالية أن يطالب بكشف الحسابات، ويعطي الكتاب الذي يقضي بذلك إلى المرجع المختص. هذا تمنٍّ أظنّ أنّ الشعب اللبناني كلّه يوافق عليه”.

وعليه، فإنّ تمديد وزير المالية، بالاتفاق مع رئيس الجمهورية، المهلة المحدّدة لتسليم المستندات المطلوبة إلى الشركة الأجنبية، لـ3 أشهر إضافية، هو بمثابة تأجيل للأزمة السياسية والاقتصادية. بل هو تأجيل للصراع السياسي ولعبة تسجيل النقاط… وكأن البلاد بألف خير، وكأنّنا نؤجّل مباراة كرة قدم أو حفلاً غنائياً راقصاً.

إقرأ أيضاً

السلطة V/S المصارف: الأزمة بحاجة لـ”عقل محايد” يحسم خلافاً

يستعر الخلاف بين المصارف من جهة وبين مصرف لبنان والسلطة السياسية من جهة أخرى، حول الأزمة الاقتصادية، وذلك منذ ما يزيد على 4 سنوات، ولا…

مفاوضات صندوق النقد: لبنان في حالة موت سريريّ

كثرت في هذه الأيام الرسائل الموجّهة إلى صندوق النقد الدولي من قبل جهات عديدة من المجتمع اللبناني في محاولة لإرشاده إلى كيفية مقاربة حلّ “للمصيبة…

عمولة 8 مليار$: إلى متى سيبقى مصرف لبنان صامتاً؟

أثير ضجيج كثير حول تقرير التدقيق الجنائي في حسابات شركة “أوبتيموم” المتعاونة مع مصرف لبنان. لكنّ الأخير لا يزال صامتاً حتى اللحظة. على الرغم من…

كفى ثرثرة.. إنصرفوا إلى معالجة الأزمة

كفى ثرثرة. . . الكلّ يدّعي المعرفة وامتلاك المعلومات التي تسمح له بتصنيف الناس بين فاسد وغير فاسد، ويرمي بالأرقام والأسماء التي  تُربك وتشوش على…