نبيه برّي آخر فرسان الممانعة: “أبتقطعش”


.. مخطئ من يظن أنّ الرئيس نبيه بري هو الرجل الثاني أو الثالث في محور الممانعة في لبنان. فالرجل ووفقاً لمواصفاته وقدراته ومواهبه لا تسعه سوى الصدارة موقفاً وشغفاً. يعرف كيف يهادن، ومتى يهاجم، وكيف يتصلّب عندما يُصيب الارتخاءُ الكثيرين من المُدّعين.

 

إقرأ أيضاً: الحكومة عالقة في وزارة المالية

.. هو من مواليد برج الدلو (28 كانون الثاني 1938)، وفي صفات أبناء هذا البرج أنه ودود ومبتكر وذكي، لكنه عنيد ومشاكس، وإذا أردت التعامل معه، لا مانع من بعض الجنون. هو لمّاع في التوقّع، واستباق الأحداث، والتفكير خارج الصندوق.

وليس غريباً عندما يُقال عن الرئيس بري إنه يخبئ الكثير من الأرانب في قبعته، أو تحت الطربوش.

قبل أسابيع، كان الحديث يدور عن غضب من الحلفاء تجاهه، وعن كلمة سر أعطيت لبعض صبية مخابرات الممانعة بوجه سيد عين التينة أن تُشَوّش وتثور

لا نظلم أحداً ولا ننتقص من مواهب أحد، أو نوجّه إهانة لجمهور أو جماهير أحد، إن قلنا إنّ الرئيس بري هو آخر فرسان محور الممانعة من دون مبالغة أو تردّد أو نكء للجروح. ربما هو توصيف يحرج الرئيس بري في هذه المرحلة المزدحمة بالعقوبات الأميركية، والشامتين من رفاق السوء في السياسة والنيابة وما آلت إليه في الوطن كلّ الأمور.

قبل أسابيع، كان الحديث يدور عن غضب من الحلفاء تجاهه، وعن كلمة سر أعطيت لبعض صبية مخابرات الممانعة بوجه سيد عين التينة أن تُشَوّش وتثور. فإذا بتفاصيل تشكيل الحكومة من باريس تَقلب الطاولة، فاللواء عباس إبراهيم عاد بأجوبة لا تطمئن القلوب. وقبلها عقوبات طالت رموزاً في بنشعي وعين التينة. والنبيه قال بهدوء: “الرسالة وصلت”. والكلمتان تحملان معنى واحداً: إنّ الأيام بيننا تدور..

وحده الرئيس بري، أحببته أم لم تحبه، كنت مؤيداً أم معارضاً وخصماً له، عَرفَ كيف يتجنّب الضربة القاضية في الجولة الأولى، مراهناً في الجولات اللاحقة على تحسّن الأوضاع والظروف

الكلّ هلع من قرب انتهاء مهلة ماكرون لتشكيل الحكومة، والكلّ بات يعتقد أنّ لا سبيل للمواجهة، للرفض، للعرقلة. ولا مفرّ من الموافقة على الحكومة، التي سيحملها أديب بالحقائب والأسماء وما تحمله بين السطور. جبران باسيل انزوى بمؤتمره الصحفي صارخاً: “أنا حاضر وموافق على كلّ الأمور: ترسيم الحدود، واستراتيجية دفاعية، وحياد، وكلّ ما تريدون”. أما حزب الله فقد وقف خلف جدار الصمت. ففي مثل هذه الأزمات، لا معنى لكلّ الصواريخ، الذكي منها والغبي، ولا معنى لكلّ السرايا وإن تغيّرت أسماؤها، فالأزمة تحتاج لحرّيف في كيفية إدارة الأمور.

وحده الرئيس بري، أحببته أم لم تحبه، كنت مؤيداً أم معارضاً وخصماً له، عَرفَ كيف يتجنّب الضربة القاضية في الجولة الأولى، مراهناً في الجولات اللاحقة على تحسّن الأوضاع والظروف. هو يدرك أنّ المرحلة صعبة ودقيقة بفعل مغامرات بعض الحلفاء وصبيانية البعض الآخر، لكنه مؤمن أنّ أفضل وسيلة للدفاع هي الهجوم، وأنّ يده لا يمكن أن تلوى بعقوبات من هنا، أو حملات من هناك، وكلمته يعرفها الجميع: “أبتقطعش”. ويدركون أنه جاد فيما يقول.

إقرأ أيضاً

لبنان ما زال في بوسطة عين الرمّانة!

مرّت ذكرى 13 نيسان. لا يزال شبح بوسطة عين الرمّانة مخيّماً على الحياة السياسيّة اللبنانيّة. ولا يزال اللبنانيون في خصام مع المنطق. لا يزال اللبنانيون…

لبنان بعد الردّ الإسرائيلي على إيران؟

لا يمكن الاستسهال في التعاطي مع الردّ الإيراني على استهداف القنصلية في دمشق. بمجرّد اتّخاذ قرار الردّ وتوجيه الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل، فإنّ ذلك يعني…

“حصانة” إيران أم “الحصن” الإسرائيليّ؟

لماذا تعمّدت طهران ليلة السبت المنصرم الكشف عن كلّ تفاصيل خطة الهجوم الذي أعدّته ضدّ تل أبيب انتقاماً لاستهداف قنصليّتها في دمشق قبل أسبوعين والتسبّب بسقوط قيادات…

بايدن الرابح الأكبر من الضربة الإيرانيّة لإسرائيل

 ربح جو بايدن مزيداً من “المونة” على إسرائيل يمكّنه من لجم اندفاعها العسكري ضدّ إيران بعد توظيفه الدفاع عنها في المشهد الانتخابي. اكتسبت طهران موقع…