إلى كلّ الرؤوس الحامية: آن الأوان للمراجعة الشاملة


منذ العام 2000 وحتى اليوم شهد لبنان والمنطقة والعالم تطوّرات ومتغيّرات كبيرة أدخلتنا في مرحلة صعبة من الحروب والاضطرابات، وبدأت بالانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان وإطلاق الحملة للانسحاب السوري، ومن ثَمّ تفجيرات أيلول 2001 في أميركا، والحرب الأميركية على أفغانستان والعراق، ومن ثم صدور القرار 1559 واغتيال الرئيس رفيق الحريري وما تلاه من تطوّرات، وأهمها الانسحاب السوري من لبنان. وتطوّر الصراع في لبنان وصولاً لحرب تموز 2006 وصدور القرار 1701. وبعد ذلك، شهدنا الربيع العربي والتطوّرات المتسارعة في سوريا والمنطقة، ونشوء داعش، ودخول العالم العربي في صراعات كبيرة، ولاحقاً الاتفاق النووي بين إيران ودول 5 + 1، وانتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب والانسحاب الأميركي من الاتفاق، والدخول في مواجهة أميركية – إيرانية شاملة، وصولاً إلى ما نعانيه اليوم من تطوّرات داخلية وخارجية، وتغيّر الوضع الدولي في ظلّ تراجع الدور الأميركي، ومحاولة دخول قوى إقليمية ودولية جديدة، وأهمها تركيا وإيران والصين وروسيا وفرنسا، وانطلاق الحراك الشعبي في 17 تشرين الأول من العام الماضي، والأزمة التي واجهها لبنان سياسياً ومالياً واقتصادياً، وصولاً لكارثة انفجار المرفأ، والدخول الفرنسي على صعيد حلّ الأزمة، ثم صدور القرار النهائي من المحكمة الدولية بشأن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري دون التوقّعات المطلوبة من جمهوره.

إقرأ أيضاً: المئوية: شيعة جبل عامل ولبنان الكبير

على ضوء كلّ هذه التطوّرات المتسارعة، يشهد لبنان بعد مرور مائة عام على قيامه تطوّرات مهمّة قد تمّهد لتسوية شاملة، وبناء نظام سياسي جديد برعاية فرنسية مباشرة ودعم فاتيكاني ومصري، وعدم ممانعة دولية وعربية واضحة. كلّ ذلك يجب أن يشكّل رسالة واضحة لجميع القوى اللبنانية وخصوصاً أصحاب الرؤوس الحامية للتفكير بهدوء حول ما يجري، والاستفادة من ذلك لإجراء مراجعة شاملة لكلّ ما جرى في العشرين سنة الماضية، ووضع رؤية مستقبلية جديدة للبنان، ودوره، وموقعه في المرحلة المقبلة.

فقد حان الوقت لحزب الله لإجراء مراجعة شاملة لكلّ ما جرى، وإعادة وضع رؤية جديدة حول تعاطيه مع هذه التطوّرات، وإعطاء الأولوية للشأن اللبناني، وحماية لبنان من الداخل بعد أن حاول حمايته من مخاطر الخارج.

وحان الوقت لكلّ القوى التي تختلف مع حزب الله، ورؤيته، ومواقفه أن تدرك أنّ العالم يريد حصول تسوية داخلية تعترف بجميع القوى وعلى رأسها حزب الله، بعد تلبيته ولو ضمنياً لشروط دولية تخرجه مثل غيره من القوى السياسية من الحفرة المالية العميقة التي وقع فيها الشعب اللبناني.

حان الوقت لحزب الله لإجراء مراجعة شاملة لكلّ ما جرى، وإعادة وضع رؤية جديدة حول تعاطيه مع هذه التطوّرات، وإعطاء الأولوية للشأن اللبناني

وحان الوقت لبناء نظام مالي واقتصادي جديد يأخذ بالإعتبار ما جرى طيلة السنوات الماضية من أجل بناء اقتصاد منتج يستفيد من الثورة التكنولوجية الهائلة في العالم، ويعيد بناء البلد على أسس جديدة تجعله قادراً على المنافسة واستعادة أبنائه من الخارج.

وحان الوقت لوقف السجالات الإعلامية والسياسية والجلوس على طاولات الحوار لبحث كلّ القضايا والموضوعات الخلافية سواء كانت جديدة كالدعوة إلى الحياد، أو الدولة المدنية أو إلغاء الطائفية السياسية أو الدعوة لانتخابات نيابية مبكرة، ووضع قانون جديد للانتخابات أو الاستراتجية الدفاعية أو دور لبنان في المنطقة، أو علاقة حزب الله بإيران، أو دور الحزب الإقليمي، وأيّ موضوع خلافي أخر.

وفي الختام: آن الأوان لإجراء مراجعة شاملة والاستفادة من الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان، ولندخل جميعاً في ورشة حوارية حقيقية وصادقة، لعلّنا نصل إلى رؤية موحّدة ومشتركة، تجعل الذكرى المئوية لقيام لبنان مدخلاً لولادة جديدة وحقيقية.

إقرأ أيضاً

لبنان أمام خيارين: الحرب.. أو جنوب الليطاني “معزول السلاح”

ستّة عشر شهيداً سقطوا في أقلّ من أربع وعشرين ساعة في جنوب لبنان. هي الحصيلة الأكثر دموية منذ بداية الحرب. ليس هذا الخبر سوى مؤشّر…

حين “يَعلَق” موكب ميقاتي بعجقة السير!

تتّسع دائرة الجفاء والتباعد على خطّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام المولوي والمدير العامّ لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. آخر الأخبار تؤكّد…

انتخابات روسيا: المسلمون واليهود صوّتوا لبوتين.. لماذا؟

حقّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فوزاً ساحقاً في الانتخابات الرئاسية الروسية التي أُجريت بين 14 و17 آذار الجاري. وإذا كان الغرب، وعلى رأسه أميركا، قد…

حلفاء “المحور” في لبنان… يخططون لـ”ما بعد طوفان الأقصى”

شهدت العاصمة اللبنانية بيروت في الأسبوع الفائت إنعقاد لقاء لقوى ومنظمات حزبية من محور الممانعة، منها قيادات في الحزب والجماعة الإسلامية وحركة حماس، وذلك بهدف…