الانتخابات الفرعية: معارك مسيحية – مسيحية على النار!


8 مقاعد نيابية باتت شاغرة بفعل الاستقالات الفردية التي تقدّم بها كلٌّ من: مروان حمادة، وهنري حلو، وسامي الجميل، وإلياس حنكش، ونديم الجميل، وبولا يعقوبيان، ونعمة أفرام، وميشال معوض.

كان ينتظر أن تكون خطوة هؤلاء أولى محاولات للطعن في الشرعية الشعبية لمجلس النواب من إخلال فقاده ميثاقيته أو ثلثه الدستوري المعطّل. لكن استدعاء رئيس مجلس النواب نبيه الحكومة لمساءلتها في مسألة انفجار المرفأ وتحميلها المسؤولية المعنوية، قلب الطاولة رأساً على عقب، فذهبت الحكومة ضحية إقدام رئيسها على خطوة إدراج بند تقليص ولاية مجلس النواب لإجراء انتخابات مبكرة تُرضي تطلّعات الشارع.. ما أوقف مشروع الاستقالات الطوعية “الانتحاري”.

إقرأ أيضاً: القوات – المستقبل – الاشتراكي: لا استقالات.. ورأس حكومة دياب أوّلاً!

بالأمس، وقّع وزير الداخلية محمد فهمي مرسوم دعوة الهيئات الناخبة لإجراء انتخابات فرعية لملء الشغور في المواقع الثمانية الموزّعة على 6 دوائر انتخابية، هي الشوف، وعاليه، وبيروت الأولى، والمتن، وكسروان، وزغرتا، بينها ستة مقاعد مخصّصة للموارنة، ومقعد أرمني، ومقعد درزي.

ولكن هل سيوقّع رئيس الحكومة مرسوم دعوة الهيئات الناخبة؟

وفق المواكبين لعمل الحكومة، قد لا يبتّ بالمرسوم بين ليلة وضحاها خصوصاً وأنّ اجراء الانتخابات الفرعية ليس نزهة يمكن تقرير مصيره في دقائق. عملياً، يفترض وفق المواكبين التدقيق في كافة الظروف المحيطة بهذا القرار، سواء لناحية الظروف الأمنية التي تتطلّب استعداداً في ست دوائر انتخابية، والظروف المالية (الكلفة العالية)، والظروف الاجتماعية (بيروت لا تزال تحت تأثير الانفجار) وغيرها من الاعتبارات مثل انتشار فيروس كورونا والإقفال الجزئي، قبل البتّ في الموضوع.

يرصد خبراء انتخابيون مواقف القوى المعنية من هذا الاستحقاق لا سيما على الساحة المسيحية المشرّعة على معارك طاحنة

ولذا، من غير المرجّح أن يعمد رئيس الحكومة حسان دياب إلى تذييل توقيعه على المرسوم في وقت سريع قبل إجراء سلّة مشاورات مع المعنيين لمعرفة مدى جهوزية كافة الأجهزة الرسمية والأمنية ليوم انتخابي طويل.

في هذه الأثناء، يرصد خبراء انتخابيون مواقف القوى المعنية من هذا الاستحقاق لا سيما على الساحة المسيحية المشرّعة على معارك طاحنة إذا ما قرّرت أحزابها خوض هذا الاستحقاق لشدّ عصب جمهورها، واستثمار نتائج صناديق الاقتراع في معاركها السياسية.

بداية، لا بدّ من الإشارة إلى أنّه تبعاً لنصّ المادة 43 من قانون انتخابات أعضاء مجلس النواب الرقم 44/2017 الساري المفعول: “إذا شغر أيٌّ من مقاعد مجلس النواب بسبب الوفاة أو الاستقالة أو إبطال النيابة أو لأي سبب آخر، تجري الانتخابات لملء المقعد الشاغر خلال شهرين من تاريخ الشغور أو من تاريخ نشر قرار المجلس الدستوري القاضي بإبطال النيابة في الجريدة الرسمية”. أي أن الانتخابات يجب أن تحصل قبل تاريخ 13 تشرين الأوّل القادم.

وتكون المهلة بين تاريخ نشر مرسوم دعوة الهيئات الناخبة وتاريخ الانتخاب ثلاثين يوماً على الأقلّ. ويقفل باب الترشيح للانتخابات النيابية الفرعية قبل 15 يوماً على الأقل من موعد الانتخاب.

والأمر المهمّ تبعاً لقانون الانتخاب أنّ هذه الانتخابات ستجري وفقاً للنظام الأكثري(1960)، وليس النظام النسبي الذي جرت على أساسه انتخابات العام 2018 لأنّ الشغور في أيّ من هذه الدوائر لا يتجاوز المقعدين.

في حال قررت الكتائب خوض المعركة بمساندة القوات مثلاً، فهذا يعني احتمال خوض مواجهة كبيرة ضدّ “التيار الوطني الحر” الذي لن يترك الساحة لخصومه

يقول خبير انتخابي إنّ معركتي الشوف وعاليه محسومتان لمصلحة من يسمّيه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط كونه يملك أكثرية تجييرية قادرة على قيادة الاستحقاق. يشار إلى أنّ مروان حمادة حقّق خلال الانتخابات الأخيرة أكثر من  7000 صوت تفضيلي، كذلك نال هنري حلو أكثر من 7000 صوت تفضيلي.

وتبدو المعركة محسومة لمصلحة “تيار المردة” في دائرة زغرتا، كونه يملك أكثرية تجييرية مع العلم أنّ ميشال معوض حصل على أكثر من 8000 صوت تفضيلي.

ولهذا تتجه الأنظار إلى ثلاثة دوائر رئيسية يتوقّع أن تشهد معارك قاسية إذا ما جرت الانتخابات الفرعية وهي: المتن وبيروت وكسروان. في ما يتصل ببيروت الأولى والمتن، المسألة مرتبطة بقرار حزب الكتائب، وما اذا كان سيخوض المعركة ترشيحاً أم يفضّل التمسّك بموقفه الرافض أن يكون جزءاً من برلمان 2018 ولو تمّ ترميمه، أم أنه سينتظر الاستحقاق الكبير في العام 2022.

في حال قررت الكتائب خوض المعركة بمساندة القوات مثلاً، فهذا يعني احتمال خوض مواجهة كبيرة ضدّ “التيار الوطني الحر” الذي لن يترك الساحة لخصومه، وسيستغلها لفرض حضوره الشعبي مع الحملات التي يتعرّض لها، سواء في بيروت أم المتن. أما في حال اعتكاف البيت المركزي، فهذا يعني أنّ المقاعد الثلاثة باتت أقرب إلى “التيار العوني”. يشار إلى أنّ سامي الجميل حقّق أكثر من 13 ألف صوت تفضيلي، فيما حقّق نديم الجميل أكثر من 4000 صوت تفضيلي فيما سجّلت بولا يعقوبيان حوالي 2500 صوت تفضيلي.

أما في كسروان، فلا تزال الكلمة الفصل لنعمة أفرام، وما اذا كان يرغب في الترشّح من جديد، وما إذا كانت القوات ستسانده لمواجهة “التيار الوطني الحر”. يذكر أنّ افرام نال في الاستحقاق الأخير أكثر من 10000 صوت تفضيلي. وتلك عوامل يبدو من المبكر حسمها خصوصاَ وأنّ معظم القوى السياسية تتعاطى ببرودة مع الانتتخابات الفرعية، وكأنها لن تجري في المدى المنظور.

يؤكد مصدر كتائبي أنّ “العاصمة لا تزال في صدد تجميع أشلاء شهدائها. ولكن في حال قرّرت الحكومة إجراء الانتخابات، فلن تتردّد الكتائب عن القيام بأيّ خطوة من شأنها المساهمة في خوض مواجهة مع المنظومة الحاكمة. ولكن طبيعة هذه الخطوة، وما إذا كانت ترشيحاً أم لا، فسيناقشها الحزب مع مجموعة كبيرة من الأطراف والقوى المؤلفة لانتفاضة 17 تشرين الأول ليبنى على الشيء مقتضاه، لأنّ الكتائب لن تتخذ القرار بشكل منفرد”.

 

إقرأ أيضاً

“سابقة موريس سليم”: الطعن بتعيين رئيس الأركان!

 سجّل وزير الدفاع موريس سليم سابقة لم تعرفها حكومات ما قبل الطائف ولا بعده من خلال الطعن أمام مجلس شورى الدولة بقرار تعيين رئيس الأركان…

نقابة المهندسين: لماذا تعاقب طرابلس تيار المستقبل؟

عقب عودة الرئيس الحريري النسبية إلى الأجواء السياسية في ذكرى 14 شباط، أراد تيّار المستقبل تدشين عودته إلى الملعب السياسي عبر بوّابة انتخابات نقابة المهندسين،…

الحزب لباسيل: الكلمة للميدان!

لم تلقَ رسالة النائب جبران باسيل إلى الدول الأعضاء في مجلس الأمن أيّ ردّ علني حتى الآن من الحزب في شأن الدعوة إلى صدور “قرار…

ماذا يحدث في “القنوات الخلفيّة” بين واشنطن وطهران؟

لا تتعلّق حسابات واشنطن فقط بشكل الرّدّ الإيرانيّ على قصف قنصليّة طهران في دمشق. إذ ترتبط أيضاً بشكلِ الرّدّ الإسرائيليّ على الضربة الإيرانيّة ليل السّبت…