الحريري لا يسمّي ولا يغطّي.. وعون في المربع الأول


خطوتان جديدتان انضمتا أمس إلى لوحة الحراك السياسي الحالي لتشكيل حكومة جديدة، وهو يسير، على نحوٍ واضح، لا لبس فيه، على وقع الأجندة الدولية ومقتضياتها:

أولها، المبادرة التي قادها رئيس مجلس النواب نبيه بري تجاه الرئاسة الأولى في محاولة لتحريك المياه الحكومية بعد مغادرة الموفدين الدوليين وانطلاق ماراتون استثنائي، شكلاً ومضموناً، لمشاورات التكليف والتأليف.

إقرأ أيضاً: بعد المحكمة الدولية: هل من تسوية سياسية؟

ثانيها، الكلام الواضح الذي أعلنه وكيل وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل حين قال إنّ “الولايات المتحدة تمكّنت من التعامل مع حكومات لبنانيّة سابقة تضمّنت عناصر من حزب الله، فهو جزء من الاختلال في النظام اللبناني الذي يسمح له بالتعاطي كدولة داخل الدولة. ونحن مستعدون لمساعدة حكومة قادرة على تحقيق الإصلاحات بوجود حزب الله أو عدمه”، ليكون كلامه تتمة لسياق ما سبق. وأدلى هيل بهذا الموقف خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت في أعقاب زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أطلق صفارة السباق إلى السراي الحكومي على وقع رياح تغيير هبت بقوّة من الخارج. وها هي ترسم خارطة طريق الوصول الى  السراي.

تؤكد مصادر موثوقة لـ”أساس” أنّ “الرئيس عون لا يزال في المربع الأول، حيث يربط تسمية الرئيس سعد الحريري على رأس الحكومة بوجود جبران باسيل فيها”

في الخطوة الأولى، تشير المعلومات إلى أنّ بري طرح على رئيس الجمهورية سيناريو تأليف حكومة تكنو سياسية مطعّمة من بعض الوجوه السياسية إلى جانب اختصاصيين، وتكون بطبيعة الحال برئاسة سعد الحريري. إلّا أنّ ما تمّ تداوله عن رفع رئيس الجمهورية الفيتو عن احتمال ترؤس الحريري للحكومة، تلاشى مساءً مع نشر رئاسة الجمهورية نفياً للتسريبات حول لقاء الرئيسيّن عون وبري. وتؤكد مصادر موثوقة لـ”أساس” أنّ “الرئيس عون لا يزال في المربع الأول، حيث يربط تسمية الرئيس سعد الحريري على رأس الحكومة بوجود جبران باسيل فيها”.

وهنا أيضاً يتردّد أنّ الرئيس عون، خلال الاجتماع مع برّي، لم يرفع الفيتو عن عودة الحريري لرئاسة الحكومة بل طلب من الرئيس بري استمهاله ساعات قليلة للردّ على المبادرة، فكان النفي المسائي ثمّ أولى الإشارات جاءت سريعاً من بعبدا، حين أعلن رئيس الجمهورية إنه يدعو وسيسعى لمشاركة كفاءات تمثّل صوت الشارع المنتفض في الحكومة الجديدة. وهذا يعني قطع الطريق على سيناريو تأليف حكومة أقطاب.

أما في الخطوة الثانية، ففيها الكثير من الدلائل. فقد وضعت بعض الأوساط القريبة من مسؤولين في “حزب الله” مواقف ديفيد هيل في خانة الواقعية السياسية والموضوعية، كونها تعني بشكل أو بآخر عدم ممانعة الإدارة الأميركية وجود ممثّلين للحزب على طاولة حكومة تحتاج إلى رضى الخارج قبل الداخل، لما لوكيل وزير الخارجية من دور مؤثر في قرارات إدارته بشأن الملف اللبناني، ذلك لأنّ ما أدلى به هيل لا يُقرأ إلا من زاوية مؤشرات عن رفع واشنطن الفيتو عن مشاركة مواربة لـ”حزب الله” في الحكومة بدليل إقراره بتعامل بلاده مع حكومات سابقة ضمّت مكوّنات من “حزب الله”… وإلا لكان ذهب هيل بعيداً في معارضة بلاده ليقولها بصريح العبارة. الأمر الذي لم يفعله.

علم “أساس” من أوساط قريبة من الرئيس سعد الحريري إنّه “لن يسمّي أحداً لرئاسة الحكومة ولن يمنح الغطاء لأحد، وفي حال تسميته لتشكيل الحكومة فهو لديه أجوبة حاضرة لكلّ الأسئلة المطروحة من أصدقاء لبنان لتحقيق الاصلاح الشامل”

مع ذلك، تقول مصادر مطلعة على فحوى المشاورات السياسية إنّ الوضع لا يزال ضبابياً، إن لناحية اسم من سيُكلّف أو لناحية طبيعة الحكومة العتيدة أو مكوّناتها. وكلّ ما يتمّ تداوله لم يرتقِ بعد إلى مستوى الجدّية التي من شأنها أن تؤسّس حركة فاعلة منتجة لحكومة جديدة.

وقد علم “أساس” من أوساط قريبة من الرئيس سعد الحريري إنّه “لن يسمّي أحداً لرئاسة الحكومة ولن يمنح الغطاء لأحد، وفي حال تسميته لتشكيل الحكومة فهو لديه أجوبة حاضرة لكلّ الأسئلة المطروحة من أصدقاء لبنان لتحقيق الاصلاح الشامل”. وهذا ما سرّب لـ”LBCI أمس الأوّل، عن أنّ “الرئيس الحريري لديه ورقة إصلاحية شاملة الملفات كلّها”.

وتشير المصادر إلى أنّ هناك موجة من المواقف الدولية غير متجانسة ولا منسجمة، ما يعني أنّ هناك حراكاً دولياً جدّياً انطلق نحو لبنان من شأنه أن يمهّد لوضع جديد، لكنّه يحتاج إلى الاستقرار على صورة واضحة، لكي يبنى على الشيء مقتضاه. لكنّ الأكيد وفق هؤلاء، أنّ تغييراً ما طرأ على مواقف الإدارة الأميركية، وقد تكون المقاربة الفرنسية للوضع اللبناني هي التي تركت تأثيرها في القراءة الأميركية، وأفضت إلى شيء من التعديل… لا بدّ من رصده عن كثب لتبيان حقيقته الفعلية وكيفية ترجمته.

إقرأ أيضاً

هل تمرّ رئاسة الجمهوريّة من “خُرم” البلديّات؟

لا مشكلة نصاب في جلسة التمديد الثالث للبلديّات اليوم. تكتّل “لبنان القويّ” برئاسة جبران باسيل وكتلة “اللقاء الديمقراطي” برئاسة تيمور جنبلاط وعدد من النواب قاموا…

الغداء الرئاسي الفرنسي؟

ثلاثة عناوين تركّز عليها فرنسا لإعادة تجديد دورها على الساحة اللبنانية. تستعيد باريس نشاطها بعد تيقّنها من أنّ المسار الذي انتهجته منذ عام 2020 لم…

اللاءات الأربع للحزب تفرمل الخماسية..

في مقابل الحراك الدولي والداخلي الناشط بكلّ الاتّجاهات، جنوباً ورئاسيّاً ونزوحاً سوريّاً، تؤكّد أوساط مطّلعة لـ “أساس” أنّ تحرّكات الدول المعنيّة بخفض التصعيد على الحدود…

إيران وإسرائيل: نتّجه لحرب استنزاف طويلة بالمنطقة

بين ردّ إيران الضخم على قصف القنصلية الإيرانية في سوريا، وردّ إسرائيلي محدود على الردّ الإيراني. تتّجه المنطقة كلّها، بحسب مصادر مطّلعة على أجواء قوى…