خلاف بين برّي ونصر الله؟


مع مغادرة مساعد الخارجية الأميركية ديفيد هيل لبنان انشغلت غرف “عمليات القرار” في الداخل بمحاولة الإجابة على سؤال واحد: ما مدى التنسيق الفرنسي – الأميركي الذي سيتيح فتح ثغرة جدّية في حائط الأزمة الحكومية ومعالجة تداعيات ما بعد انفجار المرفا؟

حتى الآن يبدو الموقف الأميركي على موجة مختلفة تحرص على إبعاد تأثير حزب الله عن أيّ حكومة مقبلة، في مقابل تحييد واضح من الجانب الفرنسي لمسألة حزب الله ودوره في المرحلة المقبلة إلى حدّ الإعلان الفرنسي الصريح الذي وصل مباشرة إلى المعنيين في الضاحية “بأن لا نيّة لدينا بعزل حزب الله”.

إقرأ أيضاً: هيل وبرّي: ترسيم ويونيفيل وشينكر ثالثهما….

أما القاسم المشترك، وفق المطلعين، بين باريس وواشطن، فهو: “لا فرض أسماء في ملف رئاسة الحكومة. المهمّ الأجندة، وهوية فريق العمل، ووضع حدّ فاصل مع ممارسات كافة الحكومات السابقة”.

 في هذا السياق، يؤكّد المطلعون أنّ “هيل كان شديد الوضوح في لقاءاته مع المسؤولين من رئيس الجمهورية نزولاً إلى حدّ استخدامه تعبيراً، غير دبلوماسي، وبشكل علني من أمام بكركي، وهو المعروف بدبلوماسيته المفرطة حين أشار الى عدم قبول “المزيد من الوعود الفارغة، والحكم غير الفعّال”.

يضيف هؤلاء أنّ هيل تحدّث عن دعم واشنطن لحكومة لبنانية “تعكس إرادة الشعب اللبناني”. وهو ما يًفسّر، بعكس الترجمات الملتوية لهذا الكلام، بأنّ “حكومة يرأسها سعد الحريري هي في أسفل اللائحة على اعتبار أنّ حكومته السابقة قد أُسقطت بضغط من الشارع، وهو الأمر الذي يردّده أصلا الحريري بتأكيده أنّه استقال استجابةً لرغبة هذا الشارع”.

بري ينطلق من خيار واحد اسمه “وضع اليدّ مجدداً مع سعد الحريري”، فيما حزب الله يتماهى أكثر مع موقف رئيس الجمهورية ميشال عون والنائب جبران باسيل بتوسيع مروحة الخيارات

داخلياً، ووفق المعلومات، يجهد حزب الله لتضييق رقعة الخلاف الصامت مع الرئيس نبيه بري الذي واكب ساعات ما قبل استقالة حكومة حسان دياب. عنوان هذا الخلاف تُرجِم من خلال ضغط الحزب على عين التينة لمنع التخلّي عن حكومة دياب طالما أن لا توافق مسبقاً على عناوين المرحلة وشكل الحكومة الجديدة، في وقت أصرّ برّي على الاستفادة من “الخطأ المميت” لرئيس الحكومة بطرح اقتراح الانتخابات النيابية المبكرة، فاقتنص الفرصة الذهبية للإطاحة أخيراً بدياب شاهراً ورقة وحيدة: عودة سعد الحريري.

هنا يجزم العارفون أنّ “بري ينطلق من خيار واحد اسمه “وضع اليدّ مجدداً مع سعد الحريري”، فيما حزب الله يتماهى أكثر مع موقف رئيس الجمهورية ميشال عون والنائب جبران باسيل بتوسيع مروحة الخيارات، لكن مع التمسّك بالطابع السياسي – التكنوقراطي للحكومة”. مع ذلك، الأطراف الثلاثة على كلمة واحدة في موضوع شكل الحكومة: لا حيادية، ولا مستقلة، ولا تكرار لتجربة حسان دياب.

ومن دون قفازات، يقول العارفون: “لدى عون وحزب الله موقف شخصي أكثر مما هو سياسي في التعاطي مجدّداً مع سعد الحريري، مع العلم أنّ الحزب كان أكثر من تمسّك بالأخير قبل تكليف حسان دياب، وطالب بمشاركة الجميع بما في ذلك القوات اللبنانية، وهو موقف تسنّى للنائب محمد رعد أن يقوله مباشرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال المحادثة الجانبية بينهما”!

تؤكد الأوساط القريبة من الحزب أن المحادثة القصيرة بين ماكرون ورعد كانت جيدة وكان هناك طلب فرنسي بتوقع تعاون إيجابي من الحزب حيال الأزمة الحكومية في مقابل تأكيد ماكرون بأنه سيتحدّث بهذا الشأن مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب والرئيس الإيراني حسن روحاني

وتشير مصادر مطلعة إلى مغزى كلام السيد حول ضرورة “وجود حكومة محمية سياسياً وإلا فستنهار أو تسقط في المجلس النيابي عند أيّ مفترق”. وهي رسالة موجّهة، برأي المصادر، إلى حلفاء الحزب قبل غيرهم ممّن يمسكون بالأكثرية داخل مجلس النواب. وهذا أمر كان ليكون متاحاً لجهة “جَلد” حكومة دياب لو مثلت في جلسة الخميس الشهيرة التي دعا إليها برّي.

وتقول المصادر إنّ “الحماية السياسية التي كانت مفترضة من جانب الثنائي الشيعي للحكومة المستقيلة لطالما شكّلت محطّ نقاش بين الحليفين في الفترة الماضية بسبب تضارب التوجّهات بينهما، وذهاب برّي وباسيل أكثر من مرّة نحو محاولة تجريدها من الغطاء المطلوب”.

في السياق نفسه نجد في محيط القريبين من حزب الله، تأكيدات بأنّ الفرنسيين “دخلوا على الخط اللبناني في مرحلة ما بعد 4 آب، لكن مع جهوزية تُرجمت من خلال مسعى سابق بأشهر قليلة من الانفجار لم يستثنِ حزب الله في محاولة للتفاهم على صيغة بعد اقتناع باريس أنّ حكومة دياب وصلت الى الحائط المسدود. وهو أمر لم يأخذ ترجمته الدقيقة خلاله الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان. ولذا، لم يكن مجرّد تفصيل وصف السيد نصرالله الاندفاعة الفرنسية باتجاه لبنان بعد كارثة المرفأ بأنّها مسعى إيجابي”.

وتؤكد الأوساط القريبة من الحزب “أن المحادثة القصيرة بين ماكرون ورعد كانت جيدة وكان هناك طلب فرنسي بتوقع تعاون إيجابي من الحزب حيال الأزمة الحكومية في مقابل تأكيد ماكرون بأنه سيتحدّث بهذا الشأن مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب والرئيس الإيراني حسن روحاني. وسبق ذلك في لقاء الطاولة المستديرة، عدم تمسّك الزائر الرئاسي الفرنسي بإجراء تحقيق دولي في جريمة المرفأ مؤكداً أنّ خبرات الاختصاصيين والتقنيين من فرنسا، ومن دول العالم هي متوافرة للقضاء اللبناني ليقوم بمهامه”. 

في المقابل، تشير أوساط قريبة من الدوائر الفرنسية أنه “نظراً للغط الذي أحاط بتبنّي فرنسا لخيار حكومة الوحدة الوطنية، سيُعلَن قريباً موقف فرنسي يتحدّث عن حكومة إنقاذية تحظى بتوافق سياسي عليها من الجميع، خصوصاً أن لا مصلحة لباريس بالدخول بلعبة الأسماء”، مشيرة إلى “تقاطع المعلومات عند وجود تواصل إيجابي ومستمرّ بين الحزب والفرنسيين”.

 

إقرأ أيضاً

لبنان أمام خيارين: الحرب.. أو جنوب الليطاني “معزول السلاح”

ستّة عشر شهيداً سقطوا في أقلّ من أربع وعشرين ساعة في جنوب لبنان. هي الحصيلة الأكثر دموية منذ بداية الحرب. ليس هذا الخبر سوى مؤشّر…

حين “يَعلَق” موكب ميقاتي بعجقة السير!

تتّسع دائرة الجفاء والتباعد على خطّ رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام المولوي والمدير العامّ لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان. آخر الأخبار تؤكّد…

انتخابات روسيا: المسلمون واليهود صوّتوا لبوتين.. لماذا؟

حقّق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فوزاً ساحقاً في الانتخابات الرئاسية الروسية التي أُجريت بين 14 و17 آذار الجاري. وإذا كان الغرب، وعلى رأسه أميركا، قد…

حلفاء “المحور” في لبنان… يخططون لـ”ما بعد طوفان الأقصى”

شهدت العاصمة اللبنانية بيروت في الأسبوع الفائت إنعقاد لقاء لقوى ومنظمات حزبية من محور الممانعة، منها قيادات في الحزب والجماعة الإسلامية وحركة حماس، وذلك بهدف…