القصة الكاملة لسفينة الموت: رجل أعمال لبناني وعلم إيراني


وثائقي نشرته قناة “روسيا اليوم” في 11 آب 2020 بعنوان “من هو اللبناني الذي أراد الحصول على شحنة سفينة الموت”.

 

كشف بوريس بروكوشيف قبطان سفينة “روسوس”، المسمّاة “سفينة الموت” لأنّها نقلت شحنة نيترات الأمونيوم إلى لبنان، أنّ رجل أعمال لبنانياً يملك سفينة حاول الاتفاق مع طاقم الباخرة على إغراق السفينة بعد أخذ شحنة نيترات الأمونيوم. مشيراً إلى أنّ السفينة التي يملكها هذا اللبناني اسمها “سارينا” “SARINA“. وبعد التقصّي عن هذه السفينة، يفيد موقع متخصّص بحركة السفن في البحار، هو (www.marinetraffic.com)، أنّ هذه السفينة، ترفع العلم الإيراني، شُيّدت عام 1982، ومرفأها الأصلي بندر عباس. رحلة السفينة لا تخلو من شبهات، ورواية القصة تمتلئ بالثغرات، والأسئلة لا تجد إجابات واضحة. وكلّ ما فيها وعليها، يثير الشكوك.

إقرأ أيضاً: قبطان سفينة الموت: لم يكن منطقياً حجز سفينتنا

بروكوشيف وفي حوار مع قناة “روسيا اليوم” قال: “بعد الوصول إلى لبنان وامتناع مالك السفينة عن صرف رواتبنا، رفض طاقم السفينة مواصلة السير بسبب نقص المال. طُلب منا أن نعود إلى ميناء لارنكا في قبرص. لكن الأمن اللبناني احتجز السفينة، وأبلغ طاقم السفينة أنه لن يُفرج عنها قبل أن يقوم صاحب السفينة إيغور غريتشوشكين بسداد رسوم رسوّها في ميناء بيروت. وإيغور هو من مدينة خاباروفسك الروسية، ويقطن حالياً في قبرص. حجزونا في بيروت، ومرّ شهر على حجزنا وكنا ستة أشخاص. ثم بعد ذلك أطلقوا سراح البعض منا، وأبقوا على أربعة بحّارة، وهم أوكرانيون”. ثم يضيف القبطان: “تعرّفت على رجل أعمال لبناني يملك سفينة اسمها “سارينا” سألني لماذا أنتم هنا؟ فقصصت عليه قصتنا، فقال لي: أستطيع أن اسدّد لكم ديون صاحب السفينة، وأن أسدّد للميناء كلّ الرسوم والغرامات. وبعد ذلك، أحصل على تصريح من أجل الخروج إلى البحر، والانطلاق إلى ميناء جديد. نقوم بإغلاق بعض الأجهزة التي تكشف عن مكان وجود السفينة حتى يبدو الأمر، وكأنّ السفينة غرقت. وفي هذه الأثناء، نفرغ حمولة السفينة، ثم نقوم بتحضير وثائق جديدة للسفينة“. وتابع: “كتبتُ رسالة بريدية إلى صاحب السفينة بشأن هذا العرض. كان علينا أن نحصل من صاحب السفينة على موافقة مكتوبة بأنه لن يطالب بالسفينة مستقبلاً، بعد تغيير وثائقها. لكن اتضح أنّ هذه العملية لا تلائم صاحب السفينة. وقال: “لن أقوم بإرسال مثل هذه الأوراق”. فقلت له: لماذا لا توافق على ذلك؟ أنت لا تسدّد لنا الرواتب. لماذا لا تترك السفينة لهؤلاء اللبنانيين الذين يقدّمون لنا هذا العرض؟ فرفض إعطاءنا هذه الورقة، وبقينا في مكاننا”.

رحلة الباخرة “روسوس” من جورجيا، لم تكن محمّلة بنيترات الأمونيوم فحسب، بل بالألغاز التي تحتاج إلى تحقيقات واسعة. فمن دفع ثمن النيترات في جورجيا؟ من أين تمّ تحميل الباخرة في جورجيا؟ على أيّ أساس تمّ تحميلها؟ لمن كانت البضاعة مُرسلة؟ هل كانت الشحنة مرسلة إلى موزمبيق فعلاً؟ هل هناك تحويلات مالية أُجريت عبر بعض المصارف؟

لقد انطلقت الباخرة من مرفأ باتومي في جورجيا، وكانت ترفع علم مولدوفا واتجهت نحو مرفأ بيرا في موزمبيق. أبحرت الباخرة في 23 أيلول 2013، ووصلت الى مرفأ إسطنبول في تركيا في 3 تشرين الأول. تنازع قبطان الباخرة وطاقم البحّارة مع المالك بشأن البدل المادي، وغادروا الباخرة. وُظّف بحّارة آخرون. أما قبطان الباخرة الذي قادها من تركيا إلى بيروت، فهو بوريس بروكوشيف الذي يروي الحكاية.

بعض الاشخاص حاولوا البحث عنه ليحصلوا على مستحقّاتهم في عام 2015، فقيل لهم إنه توفي. هناك قصص كثيرة حول هذا المالك للسفينة

وحول الثمن الذي قبضه صاحب السفينة لنقل النيترات قال القبطان: “غريتشوشكين حصل على مقابل لهذه السفينة لأنه من دون مبلغ مقدّم سلفاً لم يكن ليوافق على إبحارها، وكذلك حصل على مبلغ لتفريغ الشحنة فيما بعد. فليس هناك من صاحب شحنة أو صاحب سفينة يقوم بحمل شحنة خطرة دون أن يحصل على مبلغ مُقدّماً على الأقل. أما فيما يتعلّق بمستلم الشحنة، فهنا يبقى السؤال عالقاً. يبدو لي أن أوراق التحويلات لا بدّ وأنها محفوظة في مكان ما، في قد تكون في سجلّ المصرف الذي قام باستلام هذه الأموال وتحويلها إلى صاحب السفينة الذي قام بشحن المواد وإرسالها. وقد يكون من الواضح فيها أيضاً مكان صدور التحويلات. إذا جرى التحقيق، قد تتضح المعلومات والبيانات عن هذه المسألة”.

المحاور في قناة “روسيا اليوم” طرح سؤالاً جوهرياً على القبطان فقال له: “حاولنا الاتصال بالجهات الموزمبيقية، وعلمنا كما هو منشور في الصحافة، أنّ هذا المصنع المتخصّص في صنع المتفجرات في موزمبيق، لم يستلم هذه الشحنة، ولم يدفع عليها أيّ مبلغ حتى من خلال التحويلات البنكية. عدا عن ذلك، اتصلنا أيضاً بالمصنع الجورجي الذي قام بإنتاج مادة السماد المتفجرة، وقال إنّ هذا المصنع كان بيد مجموعة اخرى من المالكين وإنهم لا يستطيعون الآن الإجابة على أسئلتنا لأنهم يعملون فيه منذ ثلاث سنوات فقط. أيضاً حاولنا الاتصال بمالك هذه السفينة المختفي الآن كما يقال في قبرص، وراسلناه لكنه قرأ الرسائل، ولم يجب عليها. في هذه الحالة، يمكن القول إنه استلم المبلغ، ولم تصل الشحنة إلى الطرف المشتري، فمن الذي دفع له برأيكم؟

فأجاب القبطان: “على الأغلب قد يكون الجانب الموزمبيقي. أنا لا أستطيع القول بشكل دقيق الآن، لأنّ هناك نقطة مثيرة في هذه المسألة. فعندما استلمت قيادة هذه السفينة في الميناء في تولوز في تركيا، كان هناك قائدان آخران للسفينة، قائد اسمه باكونوف الذي كان يقود السفينة منذ العام 2012. وعندما التقيته، قال لي إنّ هناك قائداً آخر للسفينة. واتضح لي أنّ باكونوف انتهت صلاحية وثائقه، لذلك اضطرّ إلى إيجاد قائد آخر للسفينة، يكون لديه أوراق ومستندات صالحة لقيادة السفينة. ثم بدت لي هذه المسألة كلها وكأنها غريبة، بما أنّ السفينة فيها قائدان والاثنان يحصلان على رواتب. ولماذا إذاً بقي باكونوف إذا كانت وثائقه قد انتهت صلاحيتها. يبدو أنّ صاحب السفينة غريتشوشكين كانت لديه فكرة ما، لذلك كان يحتاج إليّ. حتى إنّ بعض الاشخاص حاولوا البحث عنه ليحصلوا على مستحقّاتهم في عام 2015، فقيل لهم إنه توفي. هناك قصص كثيرة حول هذا المالك للسفينة.

عندما دخلنا إلى هناك قمنا بالتصريح عن اسم الشحنة، وعن وصفها. وهم سمحوا لنا بالدخول إلى الميناء، وأن نقوم بالرسوّ في الميناء

وبشأن مسار السفينة من ميناء باتومي في جورجيا مروراً بتركيا، ومن ثَمّ بيروت، وما إن كان خط السير مفتعلاً مع العلم أنّ هدف الرحلة الوصول إلى الموزمبيق. قال القبطان: “كان الهدف من التوقف في تركيا تغيير الطاقم الذي لم يحصل على رواتبه لمدة 4 أشهر قبل هذا التاريخ. وبعد صرفهم، قام المالك باستقدام طاقم جديد في هذا الميناء، أي عندها أتيت أنا إلى تركيا. ثم بعدها انطلق إلى ميناء بيريه في اليونان. وهناك أيضاً كانت الصورة غير مفهومة. فهم قالوا إنّ السفينة ذهبت إلى هناك لكي تتزوّد بالوقود وبالمواد الغذائية، غير أنّ هذه الأمور كلها كان يمكن فعلها في ميناء تركيا. فلماذا أُعيد توجيهها إلى اليونان. هنا الأمر يبقى غير مفهوم أيضاً. أنا لم أستفسر عن ذلك. فعندما كنت في ميناء بيريه في اليونان، توقفنا هناك لمدة أسبوع ونصف، وسألتُ حينها: لماذا نحن واقفون هنا؟ مثل هذه الأسئلة يمكنني طرحها، لكن لا يحقّ لي أن أسأل: لماذا نذهب إلى هناك. فهو كان يخطّط لشيء ما لرحلة هذه السفينة. فقد يكون يرغب بأن يسير عبر الساحل الغربي لأفريقيا أو عبر قناة السويس. سألته: لماذا نقف هنا؟ ولماذا نتوقّف مدّة طويلة؟ فقال لي بأنّه يبحث عن شحنة إضافية لكي يقوم بتحميلها على السفينة. وقال بأنّ هناك العديد من المقترحات لحمل شحنة إضافية. لذلك، توّجهنا إلى بيروت لتحميل شحنة تزن 250 طن. فيما يتعلّق بوصف هذه الشحنة، لم يخبرنا بمحتواها. وعندما أتينا إلى بيروت، بدأنا في تحميل هذه الشحنة، وبعد أن أنهوا تحميل الشحنة الإضافية، لم يتحمّل مالك السفينة، بل انزعج. فهذه العربات التي صعدت على متن السفينة أدّت إلى تقوّسها. فاكتشفنا أنّه لا يمكن للسفينة تحمّل هذه الشحنة. وكان علينا أن نوقف الشحن. فتوقفنا لمدّة أسبوع. وكنا نخاطب صاحب السفينة السيد غريتشوشكين ونقول له: لتأتِ إلى هنا لتأخذ على عاتقك المسؤولية. لكنه رفض ذلك، وقال إنّه عليّ أنا أن أتحمّل المسؤولية. بعد ذلك، قرّرنا أنه لن نقوم باستكمال تحميل هذه الشحنة. في ذلك الوقت، عرف الفريق والطاقم التفصيلات الخاصة بالطاقم السابق فيما يتعلّق بعدم صرفه لرواتبهم. فقال الطاقم إننا لن نتجه إلى الموزمبيق، ولن نسافر إلى هناك، بل علينا أن نعود”.

وحول وجهة الآليات التي كانت تحمّل على السفينة في بيروت قال: “كان معروفاً أنه علينا تحميلها إلى ميناء أردني، لكن علينا أن ندخل ونمرّ عبر قناة السويس”. فيما حول كيفية الدخول إلى لبنان وكيف تمّ التعاطي معهم، قال: “عندما دخلنا إلى هناك قمنا بالتصريح عن اسم الشحنة، وعن وصفها. وهم سمحوا لنا بالدخول إلى الميناء، وأن نقوم بالرسوّ في الميناء. ثم أتى شخص وسألنا سؤالاً، ثم قال لنا إنّ مثل هذه الشحنة يجب ألا تدخل إلى بيروت. فقلت له: لا أعلم. نحن قدّمنا الأوراق التي لدينا. ونحن آتون من هذا المسار. رقابة الميناء كانت تعرف ذلك جيداً، وأرسلوا لنا الموافقة، وسمحوا لنا بالدخول والرسوّ. لذلك، دخلت السفينة ورست. لا أعرف مع من اتفق غريتشوشكين في ميناء بيروت. هذا أمر لا أعرفه. وكان هناك سفينة اخرى. فسألت: لماذا تقومون بإفراغها، ونحن لا نفرغ شحنتنا؟ قالوا لأنّ هذه الشحنة فيها تركيز الأمونيوم أقلّ من الشحنة التي تحملونها أنتم. ويُمنع تفريغ الشحنات من هذا النوع على أراضي لبنان. لذلك، ظللنا واقفين هناك، والشحنة على متن السفينة. أما فيما يتعلّق بأنها تتحوّل بعد أشهر إلى مادة صلبة قابلة للانفجار، فأنا لم أكن أعرف هذه المعلومة. لأوّل مرة أسمعها منكم الآن. كنا نعرف أنّه إذا تبلّل نيترات الأمونيوم، قد يتحوّل إلى شيء خطير. لكن لم نكن نعلم أنه قد يتحوّل إلى مواد قابلة للانفجار”.

لكن من يتحمّل المسؤولية عمّا حصل من انفجار الشحنة في مرفأ بيروت بعد مرور تلك السنوات، يجيب: “من الصعب تحديد ذلك. أعتقد أنّ المسؤولية لا يتحمّلها صاحب السفينة، لأنه كان يرغب في أن يأخذ السفينة من ميناء بيروت، وأن يرسلها إلى ميناء لارنكا في قبرص. لكنّ اللبنانيين لم يسمحوا لها بالمغادرة من جهة، ومن جهة ثانية هو لم يسدّد رسوم الرسوّ في الميناء. وبسبب ذلك، قاموا بحجز السفينة في الميناء، أي إنّه مهمل جزئياً. هناك مسؤولية من الجانب اللبناني أيضاً، فهذه السفينة بالحمولة الخطرة التي عليها، كانت تشكّل تهديداً للميناء. لو كنت مكانهم وعرفتُ أنّ صاحبها يودّ أخذها، لكنت دفعتُ له مئات آلاف من الدولارات لكي يسحبها، وأحمي المرفأ من هذا الخطر. لكنّهم لم يفعلوا ذلك، وتركوا هذه الشحنات في العنبر، وحصل ما حصل”.

 

لمشاهدة الوثائقي اضغط هنا

 

إقرأ أيضاً

عبد العزيز خوجة يبوح بشوقه للبنان

مرّة جديدة يبوح وزير الاعلام السعودي السابق، سفير خادم الحرمين الشريفين في لبنان سابقاً، الأديب الشاعر الدكتور عبد العزيز محيي الدين خوجة بعشقه وشوقه للبنان…

“أساس” لـ”القوات”: نفيُكم.. في معرض التأكيد

يمكن وصف بيان الدائرة الإعلامية في حزب “القوات اللبنانية”، الصادر أمس ردّاً على مقال الزميلة غوى حلال في موقع “أساس”، بأنّه “نفيٌ في معرض التأكيد”….

“أساس” يردّ على بيان ميقاتي: الخطأ لا يُبرَّر بالإمعان بالخطأ

قرأنا بتمعّن البيان الصادر عن المكتب الإعلامي لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ردّاً على ما أثاره موقع “أساس” بشأن صدور المرسوم رقم 10850 الرامي…

“أساس” فكّك عبوة سويسريّة في وجه “الطائف”

 ساهم موقع “أساس” منتصف ليل الجمعة – السبت في تعطيل عبوة سويسرية كانت تُعدّ لتفجير ضمانة الدستور (اتفاق الطائف)، بدأتها جمعيّة “Centre for Humanitarian Dialogue”،…