باسيل يُعلن الحرب على قائد الجيش (1/2)


 

في مقابلته التلفزيونية الأخيرة، وجّه النائب جبران باسيل اتهامات صريحة وعالية السقف لثلاثة من أصل ستّة قادة أمنيين: “ليسوا فقط على علم بالتمدّد التركي السياسي والمالي والأمني في الشمال، بل يسهّلونه، وبيعرفوا حالهم”.

و”شيفرة” باسيل لم يكن من الصعب فكفكتها. المقصودون هم: قائد الجيش العماد جوزف عون، مدير المخابرات العميد طوني منصور، رئيس “شعبة المعلومات” العميد خالد حمود، وهو اتهام يطال بدربه حكماً مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان.

هي اتهامات ترتقي إلى مستوى التخوين المباشر والعمل ضد مصلحة الأمن القومي اللبناني في لحظة سياسية مصيرية ودقيقة جداً.

إقرأ أيضاً: بالوقائع والأسماء: هكذا تحضّر تركيا لـ”احتلال” طرابلس

مصادر مطلعة تضع هذه الاتهامات في إطار “الحرتقة السياسية الفاضحة، ولحسابات شخصية، من دون الإستناد إلى وقائع مثبّتة بالمعطيات الأمنية الدامغة. لكن من دون التقليل أبداً من واقع التمدّد التركي المحدود في الشمال اللبناني، ووجود أدوات لبنانية تتناغم معه وتراهن عليه ليكون رافعتها”.

لكنّ المصادر تسلّم بأنّ “هذا الحضور التركي يعود إلى أكثر من عشر سنوات تحت عنوان تعزيز النفوذ في البيئة السنية، وهو يتّخذ أشكالاً مختلفة”!

في حديثه ذكر باسيل “من هم في الجيش وقوى الأمن الداخلي، وقاموا بالوشاية عند الأتراك على من فتح الموضوع في المجلس الأعلى للدفاع “، قائلاً: “ما حدن يحطّها بـ كرم مراد وحده”، قاصداً رئيس فرع مخابرات الشمال في الجيش العميد كرم مراد.

وأضاف باسيل: “المقصود رؤساؤه وهنّي بيعرفوا. أنا أتكلّم عن تدخل مباشر من الأجهزة لصالح إطلاق سراح متورّطين، و”تطليع فلان” من المحكمة العسكرية، وهناك طرقات تُقطع لإدخال السلاح. انا أعرف أن هناك لعباً. وأصلاً وزير الداخلية قالها، هناك لعب بالأمن والمال في الشمال، ويجب ألا يوصلنا لأن نكون حقلاً من الحقول كما في ليبيا وتونس ومصر”.

ضوء انتفاضة 17 تشرين، وما تلاها من تحرّكات وٌضِع فيها الأتراك في بوز مدفع الاتهام بالتمدّد لدعم الثورة وصولاً إلى العمل الأمني المباشر

وعلى رغم حساسية الموضوع وخطورة الاتهامات، فإنّ هذا الأمر لم تتمّ إثارته في اجتماع المجلس الأعلى للدفاع أمس، فيما “المتّهمون” الثلاثة كانوا حاضرين، وهم من المشاركين الحكميين في اجتماعات المجلس التي باتت تُعنى بصياغة القرار الأمني في البلد في عهد الرئيس عون.

تؤكد مصادر موثوقة أنّ “هذه الاتهامات مرتبطة بواقعين اثنين: من جهة المعطى السياسي الشخصي الذي انطلق منه باسيل. ومن جهة أخرى، قضية الحضور التركي في الشمال على ضوء انتفاضة 17 تشرين، وما تلاها من تحرّكات وٌضِع فيها الأتراك في بوز مدفع الاتهام بالتمدّد لدعم الثورة وصولاً إلى العمل الأمني المباشر. وهو ملفّ يحتاج الى الإضاءة على الكثير من جوانبه للتمييز بين ما هو واقع وما هو مختلق ومضخّم”.

لم تعد مسألة المعركة التي يخوضها باسيل ضد قائد الجيش ومدير المخابرات أمراً خفياً على أحد. مع الأوّل عنوان رئاسة الجمهورية بات يحكم أيّ تصرّف لباسيل مع  المؤسسة العسكرية. خصوصاً مع تراكم المعطيات عن رضى أميركي وخارجي على عون لا يمكن أن يٌفسّر إلا في خانة الاستثمار في الاستحقاق الرئاسي المقبل.

مع الثاني قصة كيمياء “مش راكبة أصلاً”، وعدم موافقة باسيل من البداية على تعيين العميد منصور في موقعه. واليوم مع اقتراب موعد إحالة منصور الى التقاعد نهاية العام الجاري، وتزايد الكلام عن احتمال التمديد له، يتكرّر مناخ التصادم بين قائد الجيش وباسيل. فعون لديه مرشّحه  وهو العميد ك. س. الذي يفضّل قائد الجيش أن يكون إلى جانبه في هذه المرحلة، أما باسيل فلديه مرشّح آخر، هو إبن البترون العميد ط. س.

كلام رئيس التيار الوطني الحر لم يأتِ من فراغ، بل استناداً إلى معطيات وتقارير أجهزة أمنية، ورئيس الجمهورية على اطلاع عليها

بالطبع، لا نقاش في اليرزة باعتبار حسم موضوع اسم مدير المخابرات الجديد سيكون نتاج تشاور بين اليرزة وبعبدا، مع التسليم بضرورة عدم وجود فيتو شيعي على الاسم.

في محيط النائب باسيل من ينفي “أيّ خلفية سياسية أو شخصية لما قاله باسيل. لأنّ الخوف من اللعب بأمن البلد، هو المحرّك لإطلاق مواقف تصبّ في إطار تصويب الاعوجاج والدعوة لتحمّل المسؤوليات”.

يضيف القريبون من باسيل أنّ “كلام رئيس التيار الوطني الحر لم يأتِ من فراغ، بل استناداً إلى معطيات وتقارير أجهزة أمنية، ورئيس الجمهورية على اطلاع عليها”، مؤكدين أنّ “هناك علاقة تربط باسيل ببعض المسؤولين الأتراك، وليس هناك من توتر في العلاقة مع إسطنبول، ويهمّنا العلاقة الجيدة معهم، وأيّ نوع من المساعدات المالية مرّحب بها، لكن ليس تلك التي تستثمر في الفوضى والأمن. وباسيل سيقف بالمرصاد لأيّ جهة خارجية تموّل أطرافاً داخلية لإثارة الفتن ولأيّ جهات أمنية تغطّي هذا الدور وتسهّل العبث بالأمن”. 

إثر اجتماع المجلس الأعلى للدفاع أيضاً طلب وزير الخارجية ناصيف حتي، وبعيداً من الإعلام، الاستماع إلى السفير التركي في لبنان هاكان تشاكل والاستيضاح منه حول أبعاد الدور التركي في لبنان

وربطاً باتهام باسيل بعض القادة الأمنيين بـ “الوشاية”، فالمعلومات تفيد بأنّه “إثر الأحداث الأمنية الأخيرة في بيروت وطرابلس وخلال اجتماع المجلس الأعلى للدفاع في 15 حزيران الفائت، أثار رئيس الجمهورية شخصياً، إضافة إلى قادة أمنيين، مسألة الدور التركي عموماً وخاصة في سياق تحريك بعض المحتجّين وتمويلهم، وكانت هناك ردود من قادة أمنيين آخرين أكدوا فيها أن لا معطيات مثبتة حتى الساعة حول هذا الدور”.

وقد كان لافتاً في البيان الذي صدر عقب هذه الجلسة دعوة الرئيس عون إلى “اعتماد العمليات الاستباقية لتوقيف المخططين والمحرّضين للأعمال التخريبية”، وحديث رئيس الحكومة حسان دياب عن وجود “قرار في مكان ما داخلياً أو خارجياً أو ربما الإثنين معا للعبث بالسلم الأهلي”، مشيراً إلى “عملية تخريب منظّمة” وإلى “وجوب أن يكون هناك قرار حاسم  بتوقيف الذين يحرّضون والذين يدفعون لهم والذين يديرونهم”.

فريق باسيل يؤكّد أنّ “مضمون المحادثات في الملف التركي في هذا الاجتماع نقل من جانب بعض الحاضرين إلى الطرف التركي، ولذلك تحدّث باسيل بصراحة عن وجود وشاية”!

معلومات أخرى تفيد بأنّه “إثر اجتماع المجلس الأعلى للدفاع أيضاً طلب وزير الخارجية ناصيف حتي، وبعيداً من الإعلام، الاستماع إلى السفير التركي في لبنان هاكان تشاكل والاستيضاح منه حول أبعاد الدور التركي في لبنان. وقد تخلّل دردشة “فنجان القهوة” نفي السفير لأيّ دور تركي في زعزعة الاستقرار. وانتهى الأمر عند هذا الحدّ”.

 

 

في الحلقة الثانية غداً: كيف يردّ “المتّهمون” على باسيل؟

إقرأ أيضاً

“سابقة موريس سليم”: الطعن بتعيين رئيس الأركان!

 سجّل وزير الدفاع موريس سليم سابقة لم تعرفها حكومات ما قبل الطائف ولا بعده من خلال الطعن أمام مجلس شورى الدولة بقرار تعيين رئيس الأركان…

نقابة المهندسين: لماذا تعاقب طرابلس تيار المستقبل؟

عقب عودة الرئيس الحريري النسبية إلى الأجواء السياسية في ذكرى 14 شباط، أراد تيّار المستقبل تدشين عودته إلى الملعب السياسي عبر بوّابة انتخابات نقابة المهندسين،…

الحزب لباسيل: الكلمة للميدان!

لم تلقَ رسالة النائب جبران باسيل إلى الدول الأعضاء في مجلس الأمن أيّ ردّ علني حتى الآن من الحزب في شأن الدعوة إلى صدور “قرار…

ماذا يحدث في “القنوات الخلفيّة” بين واشنطن وطهران؟

لا تتعلّق حسابات واشنطن فقط بشكل الرّدّ الإيرانيّ على قصف قنصليّة طهران في دمشق. إذ ترتبط أيضاً بشكلِ الرّدّ الإسرائيليّ على الضربة الإيرانيّة ليل السّبت…