خليفة لـ”أساس”: جائحة الكورونا أهون من انقطاع الكهرباء والتسمّم الغذائي


“استعدوا للسيناريو الأسوأ”، قالها وزير الصحة السابق الدكتور محمد جواد خليفة لـ”أساس” في نيسان الماضي، في وقت كان حديث الصالونات الصحيّة والسياسية هو اقتراب انتهاء الأزمة الصحّية.

ما قاله خليفة قبل ثلاثة أشهر، وصلنا إليه اليوم. أعداد الإصابات التي تعلن عنها وزارة الصحة مؤخراً تخطّت الرقم 100 يومياً، في أيّام كثيرة. وهو رقم لم نشهده في أوّل أسابيع الأزمة وأخطرها قبل إقفال البلاد وإعلان التعبئة العامة.

إقرأ أيضاً: الجامعة الأميركية: لا أمل بمناعة القطيع.. والوضع خطير

هذه الفوضى “الكورونية” التي نشهدها اليوم ترافقت مع فتح المطار دون أيّ تعديل يذكر في الإجراءات، ومع إعلان الأمن العام اليوم إعادة فتح الحدود البرية مع سوريا عبر نقطتي المصنع والعبودية ابتداء من 21 تموز.

“المؤشرات تظهر زيادة في حالات كورونا لا تزال مستمرة، وأحياناً بأعداد غير مسبوقة. سواء بالنظر إلى حالات يومية جديدة، أو دخول المستشفيات والحالات الحرجة، أو الوفيات، أو عدد المجموعات، أو عدد الحالات الجديدة ذات الاتصال غير المحدّد” بمصدر العدوى. هذا ما أعلنه مدير مستشفى رفيق الحريري الدكتور فراس أبيض عبر حسابه “تويتر”، لافتاً إلى “زيادة الإصابات في عدد العاملين في مجال الرعاية الصحية والمستجيبين الأوائل (177 حالة)”.

وسأل أبيض “لماذا كل هذه اللامبالاة؟”، محذراً من أنّه “في المعركة ضد فيروس كورونا في لبنان هناك خطر فقدان المبادرة وهذا يمكن أن يؤدي إلى كارثة”.

لا شك أنّ الحالات في المستشفيات تزداد ولكنها ما زالت ضمن المقدور

“المرض سيء جداً، وسريع الانتشار، وحتى الآن لا علاج فعال ولا لقاح”، يؤكد الدكتور محمد جواد خليفة لـ”أساس”، موضحاً أنّ كلّ العلاجات التي يتمّ الحديث عنها هي للعوارض الجانبية وليست للمرض أو الفيروس نفسه.

ومع “الخطورة التي يحملها الوباء”، إلا أنّ الحل بحسب خليفة ليس بالإقفال العام فـ”أهون الأمراض في لبنان هو الكورونا”، على حد تعبيره، مضيفاً أنّ “لبنان محاصر بالسياسة والجوع والاقتصاد وانهيار الليرة ويأس العالم. أصبح الكورونا أهون الأمور. نسبة الوفيات بالتلوث في لبنان قد تفوق الكورونا. خطورة التسمم بالمواد الغذائية التي تنقطع الكهرباء عليها 40 مرة في اليوم، أكثر ضرراً من الكورونا”.

“اقتصادات كبرى انهارت. فكيف إذا ونحن بلد لا مياه فيه ولا كهرباء”، يسأل خليفة، مشدداً على أنّ “اللبنانيين لا يمكنهم أن يعيشوا في ظلّ الإقفال التام. ببساطة لا مقومات للعيش”.

ويتابع داعياً إلى الواقعية: “كما حصل في أنحاء العالم سيحصل في لبنان، مقوّمات الصمود في وجه المرض غير متوفرة”. فالفيروس سمّي “بانداميك”، ما يعني أنّه سيصيب الكرة الأرضية وطبعاً لبنان، مضيفاً أنّ “حدّة المرض قد لا تكون بالوتيرة نفسها. ففي وقت كانت تسجّل الولايات المتحدة الأميركية عشرات آلاف الإصابات، لم يكن هناك حالات في البرازيل. اليوم تسجّل البرازيل أعداداً مرتفعة من المصابين. فهذا الفيروس يتنقل بموجات من دولة إلى دولة ومن ضمن هذه الدول لبنان والشرق الأوسط”.

يذكّر خليفة بكلمته التي قالها عندما بدأ البعض يصرّح عن نهاية الفيروس: “في حينها قلت استعدوا للأسوأ. فالمرض لم يكن قد أتى بكامل مواصفاته إلى الشرق الأوسط. ولكن هذا لا يعني الذهاب إلى الإقفال التام. لا أحد يمكنه تحمّل شلّ الحياة. وهناك تنبؤات بأنّ عدد سكان العالم سيكون في العام 2100 أقل بمليارين، نتيجة فقدان العمل وعدم قدرة الأفراد على الزواج والإنجاب”.

هناك تجربة خرجت من جامعة أوكسفورد ومن بريطانيا، وأظهرت نتائج مبشرة على المرضى المتطوعين

إذا ما الحلّ؟ يجيب خليفة: “الإقفال التام نذهب إليه إذا كان هناك خطر على كينونة المجتمع. حالياً الدولة تقوم بمراقبة الوضع. لا شك أنّ الحالات في المستشفيات تزداد ولكنها ما زالت ضمن المقدور. كما أنّ نتائج ارتداء القناع والنظافة والتباعد والحذر هي قريبة من نتائج الإقفال التام. لذا يجب إعادة الحياة ضمن ضوابط ومراقبة، وإجراء فحوصات بشكل يومي. طالما ما زالت الأعداد في المستشفيات ضمن قدرة النظام الصحّي على تحملها لا مشكلة”.

ولكن هل وضع المستشفيات جيد في ظّل الاستغاثات التي نسمعها؟

“اليوم الأنظمة الصحية المموّلة بمليارات الدولارت لم تستطع مواجهة الضربة، نحن يجب أن نقوم بكل ما بوسعنا كي لا تصل الأزمة إلى المستشفيات وأن نأخذ الحذر، فعندما تدخل أعداد ضخمة إلى المستشفيات تقع الكارثة”، يشدّد خليفة، مردفاً: “أنا دكتور، يأتي إلي 20 مريضاً لديهم سرطان. أحوّلهم إلى المستشىفى. لا يستطيع إلا 2 منهم الدخول إلى المستشفيات. هذه صورة من واقعنا الصحي”.

إلى ذلك يوضح خليفة أنّ جميع اللقاحات التي يتم الإعلان عنه لهذا الفيروس ما زالت مبدئية: “هناك تجربة خرجت من جامعة أوكسفورد ومن بريطانيا، وأظهرت نتائج مبشرة على المرضى المتطوعين. هؤلاء المرضى أصبح لديهم مناعة دون عوارض جانبية. لكن علمياً هذه النتائج المبشرة لا تعني استخدامه كعلاج قبل التأكد من سلامته. فإذا جرى التوافق على هذا اللقاح في شهري تشرين الثاني وكانون الأوّل من هذا العام، نحتاج حتىّ منتصف العام 2021 لإنتاج كميات كافية منه، ويجب تلقيح أكثر من 80% من سكان الأرض كي يكون فعّالاً. وبالتالي نحن أمامنا حتى العام 2022 بالحدّ الأدنى كي نصير في أمان”.

والواضح أن اللقاحات التي يتم الإعلان عنها ليست كلّها “جديّة”. وفق “BBC”، حذرت جهات أمنية بريطانية من استهداف عناصر تجسّس روسيين مؤسسات تعمل على تطوير لقاح لفيروس كورونا. وقال “مركز الأمن الوطني الإلكتروني البريطاني” إنّ العناصر التي حاولت اختراق قواعد البيانات الخاصة بهذه المؤسسات “تابعة للمخابرات الروسية”. وأشار إلى أنّ محاولات القرصنة الإلكترونية لم تسبّب في إعاقة عمل المؤسسات البحثية التي تعمل على تطوير اللقاح.

إذاً، حتى العام 2022.. سنبقى أمام موجات عدّة من الكورونا. ولا حلّ إلاّ بالوعي المجتمعي الذي لم نلحظه حتّى اليوم لا على الطرق في لبنان، ولا في المسابح ولا في المولات.

 

إقرأ أيضاً

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…