ذعر في حيّ اللجا: كورونا يغزو بيروت… والبلدية تنام في العسل


في حين تنام بلدية بيروت في العسل، عاشت منطقة المصيطبة – حيّ اللجا أمس حالة من الرعب العارم، بعدما تمّ اكتشاف إصابة الشاب م. ق.، وتبيّن أنّه خالط أكثر من خمسين شخصاً في المنطقة، مما استدعى تدخّل القوى الحزبية الفاعلة في الحيّ، وفي مقدّمتها حركة “أمل” و”حزب الله”. وألزموا المخالطين بالحجر المنزلي، مع مراقبة حزبية عليهم، ومنعهم من مغادرة منازلهم. وتمّ عزل الشوارع حيث يقيم المخالطون، مانعين الدخول والخروج منها، إلا لأسباب قاهرة. لتكون المصيطبة المنطقة الثانية في بيروت بعد رأس النبع، التي تشهد موجة إصابات جماعية، لكنّ الفارق أنّ مصابي رأس النبع كانوا من التابعية البنغلادشية، أما في بيروت فهم من السكّان المحليين.

إقرأ أيضاً: الجامعة الأميركية: لا أمل بمناعة القطيع.. والوضع خطير

يجري هذا على تجاوز أعداد إصابات كورونا في لبنان التوقعات، إذ سجّلت يوم الاثنين 85 إصابة جديدة في لبنان بشكل عام، وسبقها أرقام أكثر رعباً في الأيام الماضية، وصلت إلى 166 إصابة يوم الأحد، 86 إصابة السبت و71 إصابة الجمعة.

هكذا عادت كورونا بجولتها الثانية باكراً، وباتت بيروت في عين العاصفة، التي يبدو انّها ستحصد المزيد من الإصابات والوفيات في صفوف اللبنانيين. أما شوارع بيروت، فلا يبدو أنّها تأقلمت بعد مع الوضع الجديد: فلا تعقيم في الطرقات، ولا تشديد على المخالفات، ولا منع للتجمعات. وكأنّ الحياة خالية من الموت المتنقّل العائد هذه المرة بنسخةٍ أشرس. والغريب أن لا جلسات طارئة في مجلس بلدية بيروت، بحسب معلومات موقع “أساس”، بل جلسة عادية خالية بجدول أعمالها من حالات التأهّب ضد كورونا.

مركز الحجر الصحي في الكرنتينا مركز مؤقت، تمّ تأمين الحراسة له، مع تكثيف حملات التعقيم في محيطه

يؤكد محافظ بيروت القاضي مروان عبود أنّ إدارة ملف كورونا بات في عهدة “اللجنة الوطنية” التابعة لرئاسة الحكومة، وأنّ هناك بروتوكولات ومذكرات تصدر عن وزير الداخلية تحدّد واجبات البلديات والمحافظات بهذا الموضوع: “نحن ننفّذ الجانب الذي يتعلّق بصلاحياتنا الواردة في هذه المذكرات” مع تدابير إضافية يحدّدها عبود بـ”تكثيف التدابير والإجراءات الوقائية بين موظفي البلدية والمحافظة، وعناصر الشرطة، والسهر على أمن الأماكن العامة وأماكن  التجمّعات، ولفت نظر الناس إلى ضرورة وضع الكمامات وبضرورة الالتزام بالتباعد الاجتماعي، بالإضافة إلى تقديم بعض الممتلكات البلدية لتخصيصها كأماكن حجر صحي”.

مركز الحجر الصحي في الكرنتينا يحتضن اليوم أكثر من 130 عاملاً من عمّال شركة “رامكو” الذين تبيّنت إصابتهم بالكورونا. هذا المركز الذي أثار جدلاً في صفوف بعض البيروتيين. محافظ بيروت أشار في حديثٍ خاص لـ”أساس” إلى أنّه “مركز مؤقت، تمّ تأمين الحراسة له، مع تكثيف حملات التعقيم في محيطه”. ويكشف عن تعيين مجلس الوزراء العميد خالد جارودي مديراً للموقع بدلاً من إبقاء إدارته بعهدة المحافظ، ويفترض أن يكون قد باشر مهامه اليوم. ويعتبر عبود الخطوة “إيجابية كونها ستساهم بعودة المحافظ لإتمام الملفات الكثيرة التي تحتاج لمتابعة يومية”.

وعلى الرغم من عدم توقّعه عودة انتشار كورونا بهذه السرعة والقوّة، إلا أنّ المحافظ عمل على إعداد السلَف والمعاملات الإدارية اللازمة لإعادة إطلاق عمليات التعقيم. وأبلغ اللجنة المختصة في بلدية بيروت بإدارة ملف كورونا والمتابعة، التي تفيده بتقارير أسبوعية، حول إمكانية إعلان حالة الطوارئ بأعلى مستوياتها، وحالة الحذر القصوى، ويفترض أن تكون قد باشرت الإجراءات المنصوص عليها أمس، داعياً المواطنين للتعاون من أجل الحفاظ على بيروت سالمة وآمنة ولتقطيع هذه المرحلة الصعبة بأقل أضرار ممكنة.

منذ بداية أزمة كورونا وإعلان حالة التعبئة العامة اتخذ المجلس البلدي سلسلة قرارات تواكب الوزارات والحكومة للحدّ من انتشار كورونا

في المقابل ينقل أحد أعضاء مجلس بلدية بيروت استغرابه من عدم الدعوة لجلسة استثنائية طارئة لبحث المستجدّات الصحية المتعلقة بكورونا، ويكشف لـ”أساس” أنّ أعضاء البلدية وصلتهم دعوة بعد ظهر الاثنين إلى جلسة عادية يوم الخميس لا يتضمّن جدول أعمالها مستجدّات كورونا. ويؤكد العضو الذي يطلب عدم نشر اسمه، أنّ “التنسيق غائب لدرجة أنّه وعدد من الأعضاء لم يكونوا على علم بمركز الكرنتينا”. ويضيف: “يجب أن يكون هناك تنسيق أكبر لنواجه الأزمة بشكل أنسب، لأنه كما يبدو فأرقام الإصابات إلى ارتفاع، ونحن كبلدية العاصمة يجب أن نكون رياديين في هذا الإطار، ومنفتحين تجاه أيّ مبادرة أو تحرك وتعاون لمواجهة الأزمة”. ويشير إلى احتمال طرح هذا الموضوع من خارج جدول الأعمال في جلسة الخميس للسؤال عن القرارات التي تم اتخاذها وفي أي مرحلة من التنفيذ أصبحت، وما إن كانت كافية لمواجهة كورونا بالمرحلة الجديدة “وذلك في إطار التعاون والطلب والتمنّي، وإن كان المحافظ يقوم ما بوسعه ويعرف جيداً ما يجب فعله”.

وبالنسبة إلى مركز الحجر المستحدث في بيروت، فقد ارتأى المحافظ أن يتمّ حجر العمال في غرف تابعة للبلدية في مرآب الكرنتينا. ويوضح عضو المجلس البلدي أنّه “منذ بداية أزمة كورونا وإعلان حالة التعبئة العامة، اتخذ المجلس البلدي سلسلة قرارات تواكب الوزارات والحكومة للحدّ من انتشار كورونا، وكان من بين هذه القرارات دعم المستشفيات والصليب الأحمر والمساعدات الاجتماعية، ومساهمة بلدية بيروت بمبلغ 500 مليون لوضعها في صندوق يتمّ تخصيصه من قبل الحكومة لتأهيل مراكز للحجر، ولكن لم تُحدّد هذه المراكز”. وينقل امتعاض بعض الأعضاء، الذين لم يصلوا إلى عرقلة القرار في جلسة الخميس، طالما أنه إنساني والعمال يساهمون بتنظيف بيروت: “ومن واجبنا استقبالهم. لكن كنّا نتمنّى إشراكنا بالقرارات، لا سيما أنّنا كنّا نتوقّع ساعة الصفر، هذه التي تعكس ما شهدناه من تراخٍ بين المواطنين”. كذلك تمنّى أن يعود المجلس البلدي إلى عقد جلسات استثنائية.

في الجوّ العام واضح أنّ هناك عدم تنسيق في ظل كورونا، ما قد يفاقم من خطورة الوضع الصحي في العاصمة، إلا إذا استدرك المحافظ والبلدية الوضع.

 

إقرأ أيضاً

أيّها اللبنانيّون.. إلى الكمّامة  دُرْ

أعلن وزير الصحة فراس أبيض ارتفاع النسبة الموجبة لفحوص كورونا إلى 2 .14% بعدما كانت تراوح في بداية شهر كانون الأول الفائت بين 5.5% و6%….

كورونا يعود بقوّة: زيادة الوفيات 78% في الشرق الأوسط

قالت منظمة الصحة العالمية أمس الأول (الثلاثاء) إنّ حالات الإصابة بفيروس كورونا تضاعفت ثلاث مرّات في جميع أنحاء أوروبا خلال الأسابيع الستة الماضية، وهو ما…

الكورونا مجدّداً في لبنان: هل “ينفجر” في تموز؟

كورونا.. جدري القردة.. التهاب الكبد الوبائيّ. يبدو أنّ البيئة المجتمعية والصحيّة في لبنان تساعد على تكاثر الفيروسات. دخل “جدري القردة” لبنان عبر حالة وافدة من…

“أنت البطل في معركة الوباء”.. كواليس كورونا الصينية

“أنت البطل في معركة الوباء” (To fight against covid-19, you are the hero) هو عنوان كتاب يعود بنا إلى بداية أحداث انتشار وباء فيروس كورونا في…